العدد 2127 - الأربعاء 02 يوليو 2008م الموافق 27 جمادى الآخرة 1429هـ

الإمام فيصل: الدين «شركة مسجلة» وعلى أميركا الكف عن أداء دور «رجل الشرطة»

في كتابه «رؤية إسلامية جديدة للغرب والمسلمين»

يقول الإمام عبدالرؤوف فيصل في كتابه «رؤية إسلامية جديدة للغرب والمسلمين»: «هناك مثل أميركي ينصحنا بعدم انتقاد الآخرين حتى نسير ونحن نلبس حذاءهم مسافة ميل واحد. وما يريده المسلمون من غيرهم هو أن يمشوا هذا الميل الوارد في المثل وهم يلبسون حذاء المسلمين». هذه التوليفة تلخّص حلولا يقدمها الإمام في كتابه الذي يبحث فيه عن رؤية جديدة للعلاقات بين المسلمين وأميركا. ذلك أن الصراع اليوم لم يعد صراعا بين الديانات أو الثقافات حيث بات من المألوف جدا الحديث عن صراع بين المسلمين وأميركا، وعلى رغم أن المعادلة هنا لا يمكن أن تكون صحيحة ومكتملة النصاب باعتبار أن فلسفة الصراع تفرض بالضرورة أن يتم بين أطراف متعادلة القوى على أقل تقدير، كأن يكون بين دولة وأخرى، فريق وآخر أو طائفة وطائفة ثانية، أو ديانة وديانة أخرى، تشابه أو تلاؤم من شأنه أن يخلق لغة مشتركة داخل الصراع، فإن وجوده حقيقة لا يمكن إنكارها والبحث في أسبابه أضحى ضرورة ملحة بالنظر إلى ما أفرزه من مآسٍ طالت كل المجالات.

الغريب هو أن الصراع اليوم تطور ليكون بين دولة وديانة، على أن المسئولية في ما آل إليه العالم اليوم من انقسامات وصراعات بين العرب والغرب تبدو مشتركة ذلك أن تبرير هذه الصراعات على اختلاف مجالاتها، لابد أن يرجع بالضرورة إلى أسباب دينية وعقائدية. يقول الإمام عبدالرؤوف فيصل وهو المسلم الديانة الأميركي الجنسية، إنه يفخر بالمبادئ الجوهرية التي يكرسها النظام الأميركي كما يفخر بالمبادئ التي يزخر بها الإسلام لكنه يعترف في الوقت ذاته بأنه يشعر «بالألم لما فعل كل منهما بالآخر». وعلى ذلك فهو يعلن رفضه للنظرية القائلة بأن الدين هو السبب الجذري في ما يعانيه العالم من صراعات على رغم إقراره بأنه «أحد أسباب التفجير أو من الأسباب الثانوية في الصراع» موضحا أن السببين الحقيقيين للصراع هما السلطة والاقتصاد.

ويساند الإمام فيصل، الأميركي مايكل نوفاك في ما ذهب إليه من تأكيد على أن مهمة اميركا اليوم مهمة دينية بالأساس، مشيرا إلى أن المهمة التي لم تستكمل في العالم الإسلامي هي في الجانب العكسي، وهو كيفية إدخال الديمقراطية الرأسمالية مع إجراء ذلك بطريقة دستورية.

ويخلص فيصل في نهاية كتابه «رؤية إسلامية جديدة للغرب والمسلمين» إلى الإقرار بأن أميركا اليوم تقف في «مفترق طرق تاريخي»، يؤدي أحدها إلى وضع الحرب على الإرهاب فوق جميع الشئون الاجتماعية والروحية والإنسانية الأخرى، في حين يؤدي الطريق الثاني بأميركا إلى أن تمثل دور «الموقف العظيم بدلا من دور رجل الشرطة العظيم»، وهو الطريق الأمثل.

ويعتبر الكاتب في كتابه الذي نقله إلى العربية محمد فاضل وأصدرته اخيرا مكتبة الشروق الدولية، انه بإمكان الأميركيين رأب الصدع الذي يفصلهم عن العالم الإسلامي وذلك من خلال «الإيمان في الخير الفطري للإنسانية والثقة في قوة الإخلاص والحوار... الموجودة في جوهر إعلان الإستقلال الأميركي».

يحتوي الكتاب على343 صفحة من الحجم المتوسط قسمها المؤلف إلى ستة فصول تناول فيها بالدرس الجذور المشتركة بين المسلمين والمسيحيين واليهود، حيث اعتبر أنهم جميعا ينضوون تحت ملة واحدة هي ملة ابراهيم التي مثلت مبادئها أساس إعلان الاستقلال الأميركي، إضافة إلى خوضه في قضية إيجابيات الإسلام وإيجابيات أميركا، حيث يذهب إلى التأكيد على أن الأميركيين يتبنون من حيث لا يدرون المبادئ والقيم الإسلامية، ويتعاملون بها خصوصا على مستوى القوانين.

يقول الكاتب في هذا الشأن «مع أن المفاهيم الموجودة في العقيدة الأميركية كلها «إسلامية» بمعنى أنها متجانسة ومتوافقة تماما مع الشريعة والمبادئ الإسلامية... الدين الأميركي الشامل الذي يعيش في ظله كل الأميركيين هو «إسلامي» بمعنى أنه يتفق تماما مع الشريعة الإسلامية ويعبر عنها».

وفي الفصل الرابع من الكتاب وتحت عنوان «أين ما يدخل الشيطان في التفاصيل؟»، يؤكد فيصل انه «في الوقت الذي كان يمر فيه استخدام كلمة «الدين» بتغيير، كانت المدن تتحول إلى شركات استثمار» ما يعني أن الدين تغيّر من وصفه «شيئا كنت تفعله» إلى «شيء أصبح هويتك»، فبدلا من امتلاكك لدينك بكونه عملا تقوم بممارسته... أصبحت أنت منتميا للدين الذي تعتنقه وأصبح الدين شيئا يتملكك... وأصبح الدين بنهاية هذا التغيير «شركة مسجلة تملك الناس».

ويخوض عبدالرؤوف فيصل في الفصل الخامس من الكتاب في قضية تباين وجهة نظر العالم الإسلامي والغربي إلى التاريخ وكيف أدى هذا التباين إلى انتهاج مسارات مختلفة في مجتمعاتنا، وتحت عنوان «كلنا تاريخ»، استعرض الكاتب التاريخ من منظور اسلامي وكيفية تشكله بالإضافة إلى الخوض في تاريخ أميركا ونشأة النظام الرأسمالي منتهيا إلى الإقرار بأن «عملية العولمة السريعة» تثير القلق في أميركا كما في العالم الإسلامي، ولئن اختلفت أسبابه، ذلك أنه في مقابل خوف أميركا من التغيرات الاقتصادية التي تنجر عن العولمة، ينشغل العالم الإسلامي بهمِّ ما تجره هذه العولمة من انحلال أخلاقي.

أما الفصل السادس فقد اختار المؤلف أن يقدّم فيه «رؤية جديدة للمسلمين والغرب» من خلال الإجابة عن مجموعة من التساؤلات على غرار «كيف نغير العقول ونكسب السلام؟»، «ماذا يمكن أن تفعله حكومة الولايات المتحدة؟»، «ماذا يمكن أن يفعله المسلمون الأميركيون؟»، «ماذا يمكن أن يفعله الحوار بين الحضارات؟».

العدد 2127 - الأربعاء 02 يوليو 2008م الموافق 27 جمادى الآخرة 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً