أوضحت مؤشرات البنك الدولي بشأن الاقتصاد المعرفي أن البحرين صعدت ست مراتب عند مقارنة العامين 2006 و 2008. الى ذلك قال الاقتصادي هشام خليفة إن البحرين في منتصف التسعينيات من القرن الماضي أحرزت المرتبة الـ 35 عالميا، ولكن الدول الأخرى كانت سريعة الصعود واللحاق بالعصر بينما أضعنا وقتنا في تسييس المعلومات واهدار الجهود، مشيرا الى ان البحرين من أكثر الدول مؤهلة للصعود في مؤشرات الاقتصاد المعرفي لو توافرت الاستراتيجية المناسبة...
الوسط - المحرر الاقتصادي
أصدر البنك الدولي مؤشرات الاقتصاد المعرفي في 140 دولة في مايو / أيار 2008، وكانت المؤشرات التي سبقتها قد صدرت في ديسمبر/ كانون الأول 2006. وأوضحت المؤشرات أن البحرين احتلت المرتبة 49 عالميا (والرابعة عربيا) في العام 2008، مقابل المرتبة 55 عالميا (والخامسة عربيا) في 2006.
ويقيس البنك الدولي الاقتصاد المعرفي من خلال معطيات عديدة للوقوف على مستوى الاستعدادات للأداء المعرفي في كل بلد. ويرى البنك الدولي أن المعرفة تتجلى في مجالات مثل روح المبادرة والابتكار والبحث والتطوير، وتصميم البرمجيات، و التعليم ومستويات المهارات، مؤكدا أنه من المسلم به الآن أن المعرفة أصبحت واحدة من المصادر الرئيسية للنمو في الاقتصاد العالمي، وهو ما نشاهده في بلدان مثل كوريا وماليزيا وفنلندا والصين وتشيلى التي توضح التقدم السريع الذي يمكن تحقيقه على مدى فترات زمنية قصيرة نسبيا عن طريق اتباع مناهج استراتيجية متماسكه للبنية التحتية التي تدعم اقتصاد المعرفة ومن خلال خلق القدرات للوصول والاستفادة من المعارف التي تنتج خدمات وسلعا ترفع من مستوى المعيشة.
وقد صمم البنك الدولي مؤشرات لقياس مستوى «المعرفة من أجل التنمية» واستعدادات كل بلد للمنافسة في اقتصاد المعرفة وذلك باستقصاء 83 عاملا مؤثرا في الهيكلية والمتغيرات النوعية، ومن ثم مقارنة تلك العوامل من خلال توزيعها على أربعة أبعاد وهي: النظام الاقتصادي التحفيزي، التعليم، الإبداع، وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات.
إلى ذلك قال الخبير الاستثماري البحريني هشام خليفة: «إن البحرين عادة تتقدم على غيرها في البداية، وقد كنا في المرتبة 35 في منتصف التسعينات لأننا كنا لوحدنا في المنطقة في مجال الاتصالات وتقنية المعلومات والتعليم وربط المهارات بسوق العمل، ولكن المنافسة الآن شديدة من الآخرين الذين صعدوا كثيرا بينما يسودنا خمول طال أمده، كما تسودنا أفكار خاطئة نعتقد من خلالها أننا الأفضل بصورة تلقائية، إضافة إلى أن دول العالم الأخرى تقدمت كثيرا، ويجب أن نقيس أنفسنا بالدول الأخرى خارج نطاق العالم العربي، لأن كل البلدان العربية ليست بمستوى المنافسة العالمية، فنحن يجب أن تنسعى لأن نستعيد مقعدنا السابق وهو مرتبة فوق الـ 35 عالميا، بمعنى أن نكون من الثلث المتقدم في المؤشر».
وأضاف «أن مثل هذا الهدف ليس صعبا، فقطر مثلا وضعت لها خطة استراتيجة العام 2007 بمساعدة البنك الدولي للنهوض بالاقتصاد المعرفي، وهذا أثَّر كثير إذا أصبحت قطر الآن أفضل من البحرين على رغم أنها لم تكن كذلك في البداية، كما أنه يتوجب علينا إبعاد التسييس عن الاقتصاد المعرفي، فما نراه أن اللغط يكثر في البحرين بشأن الخدمات الالكترونية لخشية البعض من أنها مسيسة وليست مصممة لخدمة الاقتصاد عموما».
يذكر أن مؤشرات الاقتصاد المعرفي يصدرها البنك الدولي لاعتمادها كأداة مرجعية بهدف المساعدة في تنفيذ برامج المعرفه من أجل التنمية ولمساعدة البلدان على تحديد التحديات والفرص التى تواجهها فى تحقيق الانتقال إلى الاقتصاد القائم على المعرفة.
وتتألف المؤشرات من 83 متغيرا نوعيا في 140 بلدا، وهذه العوامل مجتمعة تستخدم لقياس أداء الدول فيما يتعلق باقتصاد المعرفة الذي يقوم على ركائز هي: نظام الحافز الاقتصادي والمؤسسي، والتعليم، والابتكار والابداع، وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات. وتقاس المتغيرات على مقياس مدرج من (0) إلى (10) مقارنة مع البلدان الأخرى.
ويعتبر البنك الدولي أن تطبيق المعرفه أصبح من المسلم به وأنه واحد من المصادر الرئيسية للنمو فى الاقتصاد العالمى. ومصطلح اقتصاد المعرفة يعكس الأهمية المتزايدة للمعرفة، وهو اقتصاد يعتمد على حصول المنظمات والأشخاص على المعارف من أجل مزيد من التنمية الإقتصادية والإجتماعية. وهذا يعتبر جوهر «ثورة المعلومات» التي تتجلى بطرق مختلفة، إذ إن هناك روابط أوثق بين العلم والتكنولوجيا والابتكار، وهو أكثر أهمية بالنسبة إلى النمو الاقتصادي والقدرة على المنافسة؛ وهناك زيادة في أهمية التعليم والتعلم مدى الحياة، ومزيد من الاستثمار في الممتلكات غير الملموسة (البحث والتطوير، وبرامج الحاسوب والتعليم) والتي هي أكبر من الاستثمارات في رأس المال الثابت.
وتوفر المعرفة إمكانات كبيرة للبلدان لتعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية من خلال توفير طرق أكثر كفاءة لإنتاج السلع والخدمات على نحو أكثر فعالية وبكلفة أقل لعدد أكبر من الناس. وتستفيد الدول من ثورة المعلومات في تحسين قدرتها على المنافسة والرعايه الاجتماعية، وتحتاج البلدان النامية إلى البناء على مواطن القوة لديهم من خلال خطة للاستثمار في رأس المال البشري، ومؤسسات فعالة، وتكنولوجيات ذات صلة، ومؤسسات مبتكرة قادرة على المنافسة.
الوسط - جميل المحاري
أشار اقتصاديون إلى أن تقدُّم البحرين في مؤشر البنك الدولي إلى المرتبة الـ 49 في مؤشر الاقتصاد المعرفي بعد أن كانت تحتل المرتبة الـ 55 جاء نتيجة توجه الدولة نحو تحسين بنيتها التحتية في مجال تقنية المعلومات والاتصالات في حين أغفلت جانب الابتكار.
وقالوا: «يجب أن يكون هناك نوع من التشجيع من قبل الدولة كما يجب على المسئولين أن يأخذوا على عاتقهم تشجيع الابتكارات ووضع آلية واضحة لتسجيل براءات الاختراع».
ولم تسجل البحرين أي براءة اختراع خلال السنتين الماضيتين ما جعل مؤشر الابتكار في البحرين صفرا وفقا لمؤشر البنك الدولي.
وقال الباحث الاقتصادي حسين المهدي: «إن الأرقام تشير إلى أن الاستثمارات الخارجية المباشرة الداخلة إلى البحرين خلال العام الماضي 2007 تجاوزت 14 مليار دولار وإذا ما أخذنا منها الاستثمارات الخارجة والبالغة 7 مليارات دولار تقريبا لاستطعنا القول إن الاستثمارات المباشرة الخارجية المقيمة في البحرين قاربت 7 مليارات دولار».
وأضاف المهدي «إن جزءا غير قليل من هذه الاستثمارات تم توظيفها في البُنى التحتية في قطاع الاتصالات والمعلوماتية إضافة إلى البُنى التحتية الأخرى ما ساعد على تقدم البحرين في مؤشر البُنى التحتية الخاصة بانتشار وسائل الاتصالات وتقنية المعلومات».
وقال: «بحسب أرقام الاتحاد الدولي للاتصالات فإن هناك تطورا كبيرا في أعداد مستخدمي الانترنت والهواتف النقالة».
وذكر أن عدد مستخدمي الهواتف النقالة في البحرين تجاوز 800 ألف مستخدم كما تشير الأرقام إلى تقدم البحرين من حيث مؤشرات استخدام الانترنت واستخدام السكان للحواسيب الآلية».
وقال: «هناك الآن 12 شركة تعمل أو في طريقها للعمل في قطاع الاتصالات في البحرين وإذا ما لاحظنا أن جزءا كبيرا من اقتصاد المعرفة يرتبط بتقنية المعلومات والاتصالات فإن ذلك يعني أن البحرين قطعت شوطا لا بأس به في هذا القطاع».
وفيما يخص مجتمع المعرفة أوضح المهدي أن الأرقام الرسمية تدل على أن هناك مؤسسات كثيرة تعمل في مجال توفير المعرفة كالمعاهد والجامعات والتدريب والتعليم.
وقال:» لدينا خاصية لا توجد في الدول الخليجية الأخرى وهي وجود عدد كبير من مؤسسات المجتمع المدني المرتبطة بشكل وثيق مع مجتمع المعرفة، فهناك مثلا ما يقارب 5 جمعيات أهلية للتطوير والتدريب، كما يوجد لدينا توجه لتطوير اقتصاد المعرفة من خلال طرح منتجات وإقامة ندوات وورش عمل تصبُّ في هذا الاتجاه».
وعن تأخر البحرين في مؤشر الابتكار؛ أوضح أن متوسط الصرف في دول مجلس التعاون الخليجي والدول العربية في مجال البحوث والتطوير لا يتعدى 1 في المئة تقريبا من إجمالي النواتج الإجمالية المحلية الحقيقية. وقال: «إن ذلك يعطي مؤشرا لما تعارف عليه بفجوة المعرفة».
وذكر «إن جزءا مما يعرف بالفجوة المعرفية يدخل في مجال الدراسات والبحوث وإن ما يصرف في هذا المجال في البحرين لا يتعدى على أفضل تقدير 1 في المئة ونتيجة ذلك يأتي الضعف في مخرجات الدراسات والبحوث».
من جهته قال الباحث الاقتصادي أحمد ناصر: «إن تقدم البحرين من المرتبة 55 إلى 49 على المستوى العالمي وحصولها على المرتبة الرابعة عربيّا يدل على أن هناك توجها لأن يكون الاقتصاد المعرفي في البحرين اقتصادا أساسيّا يعتمد عليه».
وأشار إلى أن هذا التوجه يمكن تلمُّسه من إنشاء مدارس المستقبل التي تعتبر أساسا لبناء الاقتصاد المعرفي واللبنة الأساسية في هذا المجال، إضافة إلى ذلك؛ فإن هناك مساعي حثيثة في البحرين لأن يكون هناك اعتماد على أن يكون هناك بعد معرفي للمعلومات». وعن تأخر البحرين في مجال الابتكار، قال ناصر: «يعتبر تسجيل براءات الاختراع في البحرين عملية غير واضحة لدينا ولو تقدم أحد في هذا المجال ولديه اختراع معين وأراد تسجيله فإن ذلك يأخذ وقتا طويلا كما أن آلية التسجيل غير واضحة تماما وذلك له تأثير سلبي على تقدم البحرين و ترتيبها في الاقتصاد المعرفي».
وقال: «لو كان لدينا نظام واضح لتسجيل براءات الاختراع فإن البحرين لا تنقصها الكوادر التي يمكن أن تتقدم ببراءات الاختراع». وأكد أهمية التشجيع من قبل الدولة لتطوير هذا الجانب، وقال: «يجب على المسئولين أن يأخذوا على عاتقهم تشجيع الابتكارات؛ ففي البحرين مواهب كثيرة يمكن أن تقدم الكثير في هذا الجانب».
العدد 2130 - السبت 05 يوليو 2008م الموافق 01 رجب 1429هـ