رأى رئيس مجلس إدارة بنك الإثمار خالد جناحي أن البيروقراطية في البحرين زادت بعد الانفتاح السياسي عما كانت عليه في الثمانينات معظمه راجع إلى تخوف السلطة التنفيذية من محاسبة السلطة الرقابية المتمثلة في البرلمان، الأمر الذي قد يؤثر على زيادة الاستثمار في هذه المملكة الصغيرة.
كما توقع جناحي في مقابلة مع تلفزيون البحرين مساء أمس الأول أن يتم فتح سوق المملكة العربية السعودية، وهي أكبر سوق مالية في منطقة الخليج، خلال مدة أقصاها خمس سنوات، وستكون العاصمة السعودية (الرياض) مركزا ماليا، ودعا المصارف والمؤسسات المالية العاملة في البحرين إلى الاستعداد لذلك وخصوصا أن معظم المؤسسات المالية الخارجية التي تعمل في البحرين وجدت بسبب أن سوق السعودية مقفلة أمام المؤسسات الأجنبية.
كما دعا إلى النظر إلى الإيجابيات بدلا من السلبيات الموجودة في دول الخليج المجاورة والعمل على الاستفادة منها وتوظيفها في خدمة الاقتصاد الوطني، بالإضافة إلى الكف عن «تسييس الديمقراطية» في ظل الانفتاح السياسي والاقتصادي الذي بدأته البحرين في العام 2001 بقيادة جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة.
وأبلغ جناحي، وهو مصرفي مخضرم عمل مع دار المال الإسلامي، التلفزيون أن «سوق المملكة العربية السعودية ستفتح خلال عامين إلى 5 أعوام، وستكون الرياض المركز، وهو الأمر الذي سيستقطب معظم المؤسسات المالية. السوق السعودية سوق كبيرة وتواجد المؤسسات المصرفية الخارجية في البحرين سببه أن السوق السعودية مقفلة في وجهها».
وتعد سوق السعودية أكبر سوق مالية في منطقة الشرق الأوسط بسبب أن الرياض هي أكبر منتج ومصدر للنفط في العالم، وهي المادة التي قفزت أسعارها إلى مستويات قياسية بلغت أكثر من 140 دولارا للبرميل الواحد ومكنت الدول المنتجة للنفط من القضاء على العجز في موازناتها التي استمرت عدة أعوام.
وتهافتت مصارف الجملة، التي كانت تعرف سابقا بالوحدات المصرفية الخارجية، إلى البحرين في السبعينيات بعد خروجها من لبنان إثر الحرب الأهلية التي نشبت هناك، ووجدت في المملكة ملاذا آمنا لها، ومكنت البحرين من أن تصبح مركزا ماليا ومصرفيا مرموقا في هذه المنطقة الغنية بالنفط.
وبينت بيانات رسمية استمرار نمو موجودات المصارف المحلية والأجنبية العاملة في البحرين، عاكسة السيولة الكثيفة في المنطقة والناتجة أساسا عن صعود أسعار النفط في الأسواق الدولية وثقة المصارف والمستثمرين في هذه المملكة الصغيرة كمركز مالي ومصرفي رئيسي في المنطقة.
فقد صعدت موجودات المصارف إلى معدل قياسي جديد لتبلغ 259 مليار دولار في نهاية أبريل/ نيسان الماضي بالمقارنة مع 196 مليار دولار في المدة نفسها من العام 2007، بارتفاع يبلغ 56 مليار دولار. كما أن الموجودات مرتفعة عن 252,5 مليار دولار حققتها المصارف في نهاية الفصل الأول. وتمثل موجودات المصارف نحو 16 مرة من الناتج المحلي الإجمالي للبحرين.
ويعمل في البحرين أكثر من 100 مصرف ومؤسسة مالية من ضمنها نحو 55 مصرف جملة و25 مصرفا تجاريا و38 مصرفا إسلاميا في أكبر تجمع لهذه المصارف في المنطقة.
وبين جناحي، الذي عمل سابقا مع شركة المحاسبة القانونية «Price Waterhouse» أن أحد السلبيات الموجودة في البحرين هي البيروقراطية، وقال: «إن القرار الذي كان يتخذه المسئولون في يوم واحد في الثمانينات يتخذ اليوم في شهرين، وإن البيروقراطية عادت من جديد عن طريق الديمقراطية».
ودعا إلى عدم تسييس الديمقراطية وتخطي «الطائفية» لأن دول الخليج المجاورة تسير بسرعة، وأن البحرين أصبحت في خبر كان، وأن البعض لا يزال يعيش في القرن العشرين وليس القرن 21. وأضاف «هناك سلبيات كثيرة في دبي مثلا ولكن يجب ألا ننظر إلى السلبيات بل إلى الإيجابيات التي لديها».
ويشتد التنافس بين البحرين وبقية دول الخليج في استقطاب المؤسسات والاستثمارات الخارجية وخصوصا من دبي وقطر اللتين تعملان بسرعة على جذب المستثمرين عن طريق إفساح المجال أمام المؤسسات وتوفير البيئة المنافسة لها للعمل من أراضيها. لكن هذه الدول تعتمد على العمالة الأجنبية في تسيير معظم المؤسسات الأجنبية وفتحت أبوابها لها، بعكس البحرين الذي قال جناحي بأنها تمتاز عن بقية معظم دول الخليج العربية بالعنصر البشري الذي قال إنه «أفضل رأس مال» ويجب استغلاله.
ويعمل في دول الخليج الست نحو 12 مليون أجنبي معظمهم من شبه القارة الهندية والفلبين، أكثرهم في المملكة العربية السعودية التي تضم نحو 7 ملايين أجنبي، تليها الكويت ودبي وقطر، ثم تأتي البحرين وسلطنة عمان. ويعمل في البحرين نحو 250 ألف أجنبي أو نحو ثلث عدد السكان.
من ناحية أخرى دعا جناحي إلى استقلالية تامة لمصرف البحرين المركزي الذي يشرف على المصارف والمؤسسات المالية وشركات التأمين العاملة في هذه الجزيرة الصغيرة أسوة ببقية المصارف المركزية في الدول المتقدمة.
وتطرق جناحي إلى إصلاح سوق العمل وفرض رسوم على العمال الأجانب فقال إنه على رغم أن ربح الشركات يهبط قليلا إلا أن ذلك سيكون في مصلحة الجميع في المستقبل. كما دعا البحرينيين إلى الإقبال على الحرف والأعمال اليدوية مثل النجارة والحدادة والكهرباء وتوقع إقبال البحرينيين عليها في المستقبل.
العدد 2130 - السبت 05 يوليو 2008م الموافق 01 رجب 1429هـ