العدد 2131 - الأحد 06 يوليو 2008م الموافق 02 رجب 1429هـ

تنشيط الآلة المحرّكة للنمو يستلزم وجود سياسات عامة لاستخدامات الأراضي

المخطط الهيكلي الاستراتيجي للبحرين (5)

الوسط- محرر الشئون المحلية 

06 يوليو 2008

يهدف المخطط الهيكلي الوطني للبحرين 2030 إلى الاستجابة للاحتياجات والمتطلبات الخاصة بالبحرين للفترة المقبلة، ويُعدّ بمثابة بيان بالإرشادات والتعليمات الواجب اتخاذها للعمليات التي تعتبر أساسية وتمهيدية لتنفيذ هذا المخطط على «أرض الواقع». وجاء في المخطط الهيكلي الذي حصلت «الوسط» على نسخة منه أنه تم تصميم الخطة الوطنية لتكون بمثابة «العدسة المقربة للمسافات» التي يمكن من خلالها رؤية الخطط المرسومة للقرن المقبل، كما يرشد إلى كيفية تنفيذ هذه الخطة.

ويتضمن المخطط أهم المقومات التي يجب أن تصل إليها البحرين من أجل تحقيق رؤيتها التخطيطية الطويلة الأمد، وهي تحقيق مبدأ «التوازن» أولا، وذلك يعني إيجاد «نقطة توازن وتعادل» فيما بين القطاعين العام والخاص، وبين الحكومة والشعب، وبين الحياة العائلية والحياة العامة. ويؤكد المخطط أهمية إيجاد قدرة على التكيف المرن إلى أقصى حد ممكن، حتى يمكنه أن يتكيف مع المتغيرات الاجتماعية والاقتصادية التي لابد من حدوثها مع مرور الوقت.

ويضم المخطط الوطني بين دفتيه مفهوم «التوازن» ومفهوم «المرونة»، من أجل المساعدة على تحقيق التكامل بين مبادئ التخطيط القائمة على احترام الماضي، وفي الوقت ذاته تقبل ما هو عصري وجديد (أي تصميم مجتمع تراثي- حداثي متكامل). كما يساعد على تحقيق احترام للبيئات الطبيعية القائمة وتلك البيئات المفتعلة بواسطة الإنسان. وأشار المخطط إلى أن مراعاة هذه المبادئ كافة يمكن أن يضيف قيمة عالية إلى المخطط الوطني، وخاصة إذا ما تم تنفيذه بالصورة المثلى والمتوقعة التي من شأنها أن تحقق منافع جمة لكل سكان البحرين، حاضرا ومستقبلا.

ومن أجل بلوغ الأهداف الاقتصادية، فإن المخطط وضع سلسلة من المبادرات التي تركز على زيادة الإنتاجية، وتنويع الاقتصاد، وتقليل الاعتماد على إيرادات النفط والغاز، و إصلاح كل من سوق العمل ومنظومتي التعليم والتدريب، وخلق بيئة مالية ملائمة للاستثمار.

أما فيما يتعلق باستخدامات الأراضي، فإن المخطط أشار إلى أن تنشيط الآلة المحركة للنمو يستلزم وجود سياسات عامة لاستخدامات الأراضي، شريطة أن تفي هذه السياسات بمتطلبات البنية التحتية، و أن تتماشى في الوقت ذاته مع النمو الحالي. وقال :» إن تحقيق ذلك سيمكن البحرين من التنافس في الأسواق والمجالات الناشئة حديثا، ومن بينها السياحة الثقافية والتراثية، والتكنولوجيا، والصناعات المتخصصة جدا، وأيضا الخدمات التجارية والمالية المعززة».

وأضاف «أن التحدي الذي يواجه البحرين بشأن استمرار نمو الاقتصاد بشكل مطرد يكمن في تلمس الطريق ومعرفة الوسائل التي يمكن بواسطتها تحويل البحرين إلى بلد مثالي في وسط الخليج». ولتحقيق هذا «التحوّل» يقترح المخطط الوطني سلسلة من السياسات العامة والاستراتيجيات الهادفة إلى خلق اقتصاد قادر على الاستمرار من أجل الوصول إلى الهدف المتمثل في تحقيق التنمية المستدامة التي عرّفها تقرير الأمم المتحدة بأنها النموّ الذي يلبي حاجات الجيل الحالي دون المساس بقدرة الأجيال المقبلة على تلبية احتياجاتها .

و يوضح المخطط الوطني الخطوات المرحلية الواجب تنفيذها لإيجاد «هيكل متكامل للتنمية والنمو « في مملكة البحرين. وقال: «أن اعتماد مثل هذه الخطوات المتدرجة والسياسات المرحلية من شأنه أن يحقق الطمأنينة لدى مجتمع رجال الأعمال ولدى الاقتصاديين، ويمنحهم قدرا كبيرا من الثقة بمستقبل التنمية الاقتصادية في البحرين». وأشار إلى إن اعتماد مثل هذه السياسات سيعزز من استقرار السوق، و سيؤدي إلى زيادة التبادل التجاري، وخلق فرص عمل جديدة، وتأسيس المزيد من الأعمال التجارية والاستثمارية.

كما سيساهم المخطط الوطني أيضا حالما يتم تنفيذه في جعل البحرين «قوة اقتصادية مؤثرة» تتميز بوجود بيئة أعمال من الطراز الرفيع، ومدعومة بأيدي عاملة محلية ذات مهارات فنية وتجارية عالية، ما من شأنه تمكين المستثمرين من تحقيق النجاحات، ويكون للقطاع الخاص فيه دور الريادة في قيادة أنشطته المصرفية والتجارية والمالية.

وتم تصميم المخطط الوطني بحيث يعالج بشكل أساسي الدور المهم والحيوي الذي تشكله البيئات والمحميات البحرية في حماية الثروات البحرية بالمملكة، إضافة إلى إرشاده إلى الكيفية التي يمكن من خلالها وضع ضوابط جديدة لإدارة الأمور المتعلقة بالسواحل و حدود الحرم الساحلي وكذلك المحميات البحرية. كما يعمل المخطط الوطني على إعادة إبراز ميزة البحرين كجزيرة، عن طريق إدراج استخدامات البحر ضمن المخطط الوطني وبشكل موازٍ لتخطيط استخدامات الأراضي. ويضم المخطط الوطني أيضا معلومات تفصيلية عن كيفية وضع خطط للمساحات البحرية وإدارة المناطق الساحلية، بغية تقليص تأثر المناطق الساحلية بالمشاريع التنموية الجديدة إلى أدنى حد ممكن، وخاصة ما يتعلق منها بإنشاء جزر جديدة. وقال: «إن اعتماد مثل هذه السياسات سيؤدي إلى تشجيع وزيادة الممارسات الصديقة للبيئة في مملكة البحرين».

ويهدف المخطط الوطني عن طريق توجيه النمو إلى المحافظة على الأراضي الداخلية الرئيسة، بما فيها الصحراء الجنوبية بإنشاء منتزهات عامة جديدة ومحميات طبيعية. كما يدعو المخطط الوطني إلى إنشاء منتزهات ومحميات وطنية بغرض المحافظة على بيئة المناطق الصحراوية في مملكة البحرين.

ويولي المخطط اهتماما خاصا للمناطق الساحلية في البحرين. ومن هذا المنطلق فإنه يدعو إلى إيجاد الوسائل المناسبة لتسهيل وصول العامة إلى الشواطئ، وكذلك العمل على توسعة رقعة الشواطئ التي يسمح للمواطنين والمقيمين بارتيادها. و من جهة أخرى يسعى المخطط إلى الحد قدر الإمكان من التأثيرات السلبية التي تحدثها عملية التنمية على الشواطئ. كما يعالج أيضا مسألة الحفاظ على وجود أراض خلاء مفتوحة، ووجود مساحات خضراء في المناطق الريفية والحضرية، مع التركيز على حماية نسب معينة من الأراضي الزراعية. من جانب آخر، يضع المخطط إجراءات مهمة لتحسين منتزهات المملكة والمساحات العامة فيها.

وجاء في المخطط:»إن تنفيذ المخطط الوطني سيقود التنمية والنمو بشكل مطرد. ففي البحرين حاليا مشاريع إنمائية كبيرة تم إنشاؤها، فيما الأخرى قيد الإنشاء، وبخاصة على الشاطئ الشمالي. وإذ إن عملية التنمية الجديدة هذه ستكون لها آثارها الملموسة على أنماط ووسائل النقل في البحرين، وخصوصا داخل مدينة المنامة وعلى شبكة طرقاتها الحالية، لذلك يقترح المخطط الوطني إنشاء شبكة موسعة من الطرق لتسهيل إمكانية الوصول إلى المشاريع التي يتم إنشاؤها حاليا، وكذلك إلى الواجهات البحرية التي سيتم إنشاؤها مستقبلا وخاصة في المناطق الشمالية من البحرين».

وأكد أن الطرق السريعة بالإضافة إلى شبكات النقل العام في البحرين تعد من العوامل الحاسمة في انسيابية التنقل والحركة داخل مملكة البحرين، وكذلك في تقرير فعالية التبادل التجاري، وفي توفر السلع والخدمات. ولذلك وضع المخطط الوطني في اعتباره عمليات النمو هذه لتفادي اختناقات المرور الناجمة عن زيادة حركة السير.

وقال: «لا يمكن للمخطط الوطني أن يخدم مصالح البحرين على أفضل وجه دون إدراك للمميزات والفوارق والاحتياجات المتفاوتة لمختلف القرى والمدن في البحرين»، وأضاف «في الوقت الذي سيركز فيه التخطيط الخاص بالعاصمة ومدينة المحرق والمحافظات الشمالية والوسطى - بالدرجة الأولى - على التنقل والصناعة وبناء المساكن في الأراضي المتاحة، فإن البرنامج الإنمائي الخاص بالمحافظة الجنوبية سيركز بشكل أكبر على فرص المحافظة على البيئة الصحراوية المتفردة، علاوة على اكتشاف الإمكانات المتاحة لإنشاء منتجعات سياحية للاستجمام. لهذا تم في جميع أنحاء المملكة تخصيص ضواحي للاستخدامات الخاصة (مناطق للأعمال التجارية، ومناطق أخرى صناعية، وكذلك مناطق زراعية)، ولقد تم تكييف العمليات المحركة لعجلة النمو لكي تتماشى بشكل إنشاء نواة حضرية ستكون التجمعات السكنية في البحرين مستقبلا ذات استخدامات متعددة. لذلك فإنه من الضروري أن تتوافر في هذه التجمعات منشآت تعليمية، ومراكز للعناية الصحية، ومنشآت للألعاب والترفيه، ووسائل للتنقل، ومنافذ للوصول إلى أماكن مفتوحة بشكل أكبر، بالإضافة إلى أسواق قريبة. أما المساكن داخل المجتمعات المحلية فستقوم على أسا س التنوع، لتتيح لأصحاب الدخول المتفاوتة التعايش معا وقريبا من بعضهم بعضا. وفي هذا يجب إدخال المساكن الاجتماعية ذات الأسعار المعقولة في جميع التجمعات المحلية. فإنشاء مجتمعات محلية أكثر كثافة يحد من آثار التمدد العمراني غير المنظم، ويخلق مجتمعات متماسكة».

ويقدم المخطط الوطني سلسلة من التوصيات التي من شأنها أن تُنشئ نظاما حديثا للتخطيط أكثر شمولية، ويحقق نظرة أوسع إلى البحرين ككل. ومن أجل ضمان التنفيذ والتأثير الفاعل لهذا المخطط الوطني، وقد أكد أهمية وجود إطار متين، من حيث القوانين والسياسات العامة، يتم تنفيذه ضمن إطار مؤسسي له موارده وسلطاته. كما أنه من الممكن تحقيق الرؤية التي يطرحها المخطط الوطني عن طريق تعزيز السياسات المتبعة حاليا، ومعالجة الفجوات، وتدعيم أطر و آليات التنفيذ. وتتراوح التوصيات المعروضة في المخطط الوطني ما بين توصيات إستراتيجية وأخرى تكتيكية، غير أنها في مجموعها تشكل دليلا إرشاديا يشرح كيفية تنفيذ المخطط الوطني بحيث يصبح مع الوقت أكثر فائدة لكونه إطارا تخطيطيا سيُمكّن البحرين من تحقيق طموحاتها الوطنية في بناء اقتصاد رائد، وتكامل بيئي، وانفتاح سياسي واجتماعي.

ويتطلب تنفيذ المخطط الوطني التزاما بالتغيير والتحديث في كل الجوانب الحكومية والشعبية. وفي هذا الصدد أكد أهمية سد الفجوات الموجودة في الأطر التشريعية والسياسات العامة من أجل ضمان المشاركة الشعبية، وحماية الموارد البحرية، وتحفيز المبادرات المستدامة ومكافأتها. ولتحويل المخطط الوطني إلى واقع ملموس ذكر أنه لابد من إنشاء إطار تنظيمي متين لدعم تنفيذ المخطط الوطني بشكل فعال. وفي هذا الصدد اقترح المخطط تشكيل هيكل تنفيذي يتم بواسطته تنفيذ عمليات التنمية المركزية مع توفير جميع الموارد الداعمة له، من أنظمة مركزية للبيانات، وموارد بشرية تعني بالتخطيط وتطبيق السياسات الأخرى ذات الصلة.

ويتبع المخطط الوطني نهجا مرحليا في التنفيذ. إذ يبدأ بمعالجة المشاريع التنموية التي هي حاليا في طور التنفيذ، ثم ينتقل إلى المشاريع الجديدة التي تضمنها المخطط ذاته. ولتحقيق التوازن المنشود ما بين التنمية الجديدة والمشاريع البيئية المصممة خصيصا لتعزيز البيئة الطبيعية للبحرين وحماية مواردها الفطرية، سيتم تحديد الأماكن المسموح بالبناء فيها والأماكن غير المسموح بالتشييد فيها.

العدد 2131 - الأحد 06 يوليو 2008م الموافق 02 رجب 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً