تكمن أهمية مبحث الرأي العام ودراسته في المجتمع الحديث في عدد من الأسباب أهمها حرص الأنظمة السياسية المختلفة على التعرف على الرأي العام ودوره في مسائل محددة تهم مصلحة البلاد وأمنها وسلامتها. ويلعب الرأي العام دورا مهما في التعرف على وجهات نظر الأفراد والجماعات اذ لا يمكن تجاهله أو العمل في اتجاه يخالفه في أي نواح من نواحي الحياة.
ويعرف الرأي العام أنه الرأي السائد بين غالبية الشعب الواعية في فترة معينة بالنسبة إلى قضية أو أكثر يحتدم فيها الجدل أو النقاش وتمس مصالح هذه الغالبية أو قيمها الأساسية. ويقصد بكلمة (وظيفة) عند التعرض لموضوع الرأي العام، النشاط أو مجموعة الأنشطة المترتبة على علاقة الرأي العام بالنظام السياسي وما يرتبط به من مؤسسات وجمعيات وأفراد وما يمثله الرأي من مقاصد وأهداف.
ويعد الرأي العام إحدى القوى السياسية الفاعلة داخل الوجود السياسي، وفي تحديد طبيعة الأوضاع التي تربط بين الحاكم والمحكوم إذ يعمل الرأي العام على انجاح خطط الدولة في التنمية الشاملة كما يقوم بإحباطها اذا لم تتمكن الدولة من اقناع الرأي العام بتوجهاتها. كما يؤثر على القرارات السياسية التي تصدرها الحكومة والمشاركة في الانتخابات.
ويساند الرأي العام الأفكار السياسية والاجتماعية، ونجاح أية فكرة أو اتجاه سياسي أو اجتماعي يتوقف على مدى ميل الرأي العام إلى هذه الفكرة أو هذا الاتجاه.
ويسهم الرأي العام في عملية التحديث السياسي التي يقصد بها التنمية السياسية، وذلك عن طريق تحقيق التمايز في الوظائف السياسية، وتحقيق المساواة عن طريق ترشيد السلطة، وتوزيع المشاركة السياسية، وزيادة قدرة النظام السياسي. والرأي العام هو النسيج الذي تصنع منه القوانين في المجتمعات الحديثة الديمقراطية. فليست القوانين إلا تعبيرا عن رغبات الرأي العام، وضمانا للنظم الاجتماعية والمثل الأخلاقية، فهو يمهد لاصدار القوانين وهو الذي بيده قوة التنفيذ الفعلية لها.
ويقسم الباحثون الرأي العام بناء على عدة معايير منها استمرارية الرأي والمعيار الجغرافي ومعايير الوضوح والثبات والحجم.
ويقسم الرأي العام وفقا للمعيار الزمني إلى رأي عام كلي دائم يرتكز على قاعدة تاريخية وثقافية ودينية، وهو وليد تجارب الأفراد وتفاعلهم في المجتمع يشترك فيه كل أفراد الجماعة ويمتاز بالاستقرار والثبات جيلا بعد جيل، ولا تؤثر فيه الحوادث الجارية والظروف الطارئة، ويمتاز بطول الأجل وقد يستغرق سنين أو قرونا، ومن الصعب تغيير اتجاهاته. والرأي العام المؤقت يرتبط بحادث عارض أو مصلحة مؤقتة أو جماعة أو فئة اجتماعية، وينتهي بانتهاء الحادث أو المصلحة أو الرابطة التي تجمع الجماعة، ويوصف بأنه «ديناميكي» أي نشيط أو متحرك، وتعمل وسائل الاتصال الجماهيري على تكوين الرأي العام بالنسبة إلى قضية ما.
والرأي العام اليومي هو الذي يتأثر بالحوادث اليومية التي يتناقلها الناس فيما بينهم والقضايا التي تتصدر صفحات وسائل الاعلام. وهو يتميز بالتقلب مقارنة بالرأي العام المؤقت أو الدائم، وفي رأي مدير معهد الصحافة بجامعة برلين دوفيفات ان الصحافة المثيرة تعيش على هذا النوع من الرأي
العدد 262 - الأحد 25 مايو 2003م الموافق 23 ربيع الاول 1424هـ