العدد 2561 - الأربعاء 09 سبتمبر 2009م الموافق 19 رمضان 1430هـ

تقرير «المراجعة الشاملة» عكس وجهة نظر الحكومة لا المجتمع المدني

في تقرير موازٍ لـ «اتحادا العمل والنسائي» و«الشفافية» و«حقوق الإنسان»:

ذكرت أربع منظمات في تقريرها الموازي للتقرير السنوي الدوري للمراجعة الشاملة لحقوق الإنسان أن الأجهزة الرسمية لم تتعود حتى الآن على الشراكة الحقيقية بين الدولة ومنظمات المجتمع المدني، وأن التقرير الصادر عن اللجنة الإشرافية للمراجعة الدورية الشاملة يعكس وجهة نظر الحكومة لا المنظمات الأهلية.

وأشار كل من الاتحاد العام لنقابات عمال البحرين والاتحاد النسائي والجمعية البحرينية لحقوق الإنسان والجمعية البحرينية للشفافية، أنها تسلمت بحكم عضوية أعضائها في اللجنة الإشرافية، مسودة التقرير بتاريخ 1 يونيو/ حزيران 2009، في حين كان اجتماع اللجنة بتاريخ 4 يونيو/ حزيران، ما لم يمكنها من مناقشة التقرير في الجلسة المخصصة من قبل اللجنة الإشرافية.

وأشاد التقرير بوزير الدولة للشئون الخارجية رئيس اللجنة الإشرافية للمراجعة الدورية الشاملة نزار البحارنة على محاولاته الارتقاء بحقوق الإنسان وحمايتها في البحرين وجهوده في إشراك منظمات المجتمع المدني والحقوقيين في هذا الجهد ومن ذلك إشراك ممثلي الجمعيات الحقوقية في اللجنة الإشرافية.

وفي تعليقها على إعداد التقرير السنوي للمراجعة الدورية، قالت المنظمات الأربع: «لا يمكن القول إن اجتماعاَ يضم بغالبيته العظمى مسئولين حكوميين ضمن اللجنة الإشرافية ويجتمع بضع ساعات كل ثلاثة أشهر يشكل إطارا صحيحا للشراكة بين الحكومة والمجتمع المدني، والصحيح أن التقرير يعده الفريق المعني بالوزارة».

وأضافت «لا يمكن القول إن إعداد التقرير يستند إلى مشاركة متكافئة والتشاور مع ذوي المصلحة الوطنية من الجهات الرسمية والأهلية، فاللجنة التي صاغت التقرير لجنة حكومية في وزارة الخارجية، والقول إنه عُرض على أعضاء اللجنة الإشرافية صحيح وعرضه على الموقع الإلكتروني صحيح، لكن ذلك غير كافٍ بل كان يتوجب تشكل لجنة صياغة مشتركة منبثقة عن اللجنة الإشرافية ثم يعرض على اللجنة ذاتها».

وأوضح التقرير أن فريق المراجعة الدورية في وزارة الخارجية عرض ملاحظات اللجنة على بعض القوانين، إلا أن ذلك لم يُدرج في التقرير .

وأشار إلى أن التقرير السنوي استعرض عددا من القوانين التي يعتقد أنها تعزز من حقوق الإنسان ومنها: قرار رقم (79) لسنة 2009 بشأن إجراءات انتقال العامل الأجنبي إلى صاحب عمل آخر، وأن القرار صدر عن وزير العمل لا كقانون من السلطة التشريعية، ناهيك عن أن إلغاء نظام الكفيل ليس صحيحا وهو ما نفاه وزير العمل تكرارا, أي أن القانون لا يلغي نظام الكفيل بل يسمح بانتقال العامل إلى كفيل آخر ضمن ضوابط سيتم وضعها.

واعتبر التقرير أن اعتماد قانون الأسرة بشقه السني من قبل مجلس النواب ليس قانونا للأسرة البحرينية، وإنما تكريس للطائفية، ورفضه الاتحاد النسائي وأهم الجمعيات النسائية وجميع الجمعيات الحقوقية والسياسية الديمقراطية.

ولفت إلى أنه في مارس/آذار الماضي تم من خلال ديوان مجلس الوزراء إصدار قانون خاص بالصحافة، إذ ينص القانون على إلغاء عقوبة الحبس على الصحافي، وأن مجلس الوزراء لا يصدر القوانين بل تصدر عن السلطة التشريعية ويصدق عليها الملك، ناهيك عن أن مشروع القانون لايزال يناقش في البرلمان والحكومة مصرة على تضمين القانون إحالة ما تعتبره جنايات يرتكبها الصحافي، إلى قانون العقوبات وعقوبتها الحبس.

وجاء في التقرير: «مع تقديرنا لآلية اللجنة الإشرافية للمراجعة الدورية لحقوق الإنسان، فإنها لا ترقى إلى لجنة بصلاحيات فعلية لرصد وتقييم وفاء مملكة البحرين بالتزاماتها بخصوص حقوق الإنسان، وهي أقرب إلى اجتماعات متباعدة للحوار الحذر بشأن حقوق الإنسان».

وأضاف التقرير «بالنسبة لموافقة مجلس الوزراء في العام 2007 على إنشاء الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان، فإن الموضوع منذ حينها لايزال غامضا لكن وزارة الخارجية مشكورة عقدت ندوة بهذا الخصوص، وفي هذا الصدد فإننا نطالب بأن تُفعل توصيات الندوة وأن تتاح لمنظمات المجتمع المدني المشاركة في إعداد مسودة قانون إنشاء الهيئة، وذلك للوقوف على جدية الدولة في إنشاء الهيئة استنادا إلى مبادئ باريس».

واعترضت المنظمات التي أعدت التقرير على استبعاد ممثلي منظمات المجتمع المدني من فريق متابعة تنفيذ التعهدات الخاصة بالاتفاقيات الدولية الخاصة بحقوق الإنسان، مشيرة إلى أنه وعلى الرغم من أن البحرين تدرس وضع خطة تربوية لحقوق الإنسان، إلا أنها لم تنعكس على أرض الواقع.

كما تحفظت على عدم انضمام البحرين إلى المزيد من الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان، ناهيك عن رفضها الاقتراح برغبة المقدم من مجلس النواب بالتصديق على أربع اتفاقيات دولية حمائية في مجال العمل، وهذه الاتفاقيات هي الاتفاقية الدولية رقم (87) للعام 1947 بشأن الحرية النقابية والاتفاقية الدولية رقم (98) للعام 1748 بشأن تطبيق مبادئ حق التنظيم والمفاوضة الجماعية والاتفاقية الدولية رقم (135) للعام 1971 بشأن توفير الحماية والتسهيلات لممثلي العمال في المؤسسات والاتفاقية الدولية رقم (183) للعام 2002 بشأن حماية الأمومة.

وأشار التقرير إلى مضي أعوام على الاتفاقية الدولية بشأن حقوق العمال المهاجرين وعائلاتهم، والمحكمة الجنائية الدولية، والبروتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب والبروتوكول الاختياري للحقوق المدنية والسياسية والبروتوكول الاختياري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية من دون أن تنضم إليها البحرين، وأن الأهم هو الجدية في ترجمة هذه الاتفاقيات إلى تشريعات وطنية والجدية في تنفيذها.

وفي الجانب المتعلق بتقديم التقارير لأجهزة الأمم المتحدة، ذكر التقرير الموازي أن التقرير السنوي يستشهد بتقديم مملكة البحرين لتقاريرها لأجهزة الأمم المتحدة في وقتها، وهو ما نفاه التأخير باعتبار تأخر تقديم التقرير للجنة وقف كل أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو) لمدة أربعة أعوام، وهو التقرير الذي لم يعكس واقع التمييز ضد المرأة وانتقده الاتحاد النسائي والجمعيات النسائية.

أما بشأن الإجراءات الخاصة لمجلس حقوق الإنسان، فجاء في التقرير: «لا ننكر أن حكومة البحرين من خلال وزارة الخارجية تتعاطى بإيجابية مع مراسلات المقررين للأمم المتحدة، وتشارك بنشاط في المؤتمرات الدولية لحقوق الإنسان، إلا أنه في الوقت نفسه فإن الحكومة لا تتردد عن تحويل أية تقارير لصالحها من قبل منظمات أو صحافة، وفي الوقت نفسه فإنها تسارع إلى نفي أية تقارير سلبية بما في ذلك التقارير المتعلقة بانتهاكات لحقوق الإنسان من قبل المنظمات الحقوقية الوطنية، أو العربية أو الدولية المشهود بنزاهتها مثل منظمة العفو الدولية أو هيومن رايتس ووتش أو الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان، ولم تفتح حتى الآن أي تحقيق مستقل في ادعاءات التعذيب في المعتقلات أو مقتل متظاهرين، ولم تبادر النيابة العامة للتحقيق الجدي في ادعاءات المعتقلين بتعرضهم للتعذيب وإساءة المعاملة، ولم يسمح للجمعية البحرينية لحقوق الإنسان بزيارة الموقوفين لتتمكن من التحقق في ادعاءات تعرضهم للتعذيب».

وبالنسبة لبناء القدرات، أشاد التقرير بجهود وزارة الخارجية في التدريب والتثقيف على حقوق الإنسان ضمن المنهج التعليمي في مختلف المراحل من الابتدائي إلى الجامعي.

إلا أنه عاد ليشير إلى أن من الأمثلة الصارخة على عدم التزام مملكة البحرين بتعهداتها بموجب اتفاقية حقوق الطفل، هو أنها مازالت تعتبر سن الـ 15 عاما هو سن الرشد والبلوغ في حين أن معيار الأمم المتحدة هو سن الـ 18 عاما، وأن العامل الأخطر هو تعامل أجهزة الأمن مع الأحداث حتى سن 16 عاما بقسوة بالغة واعتقالهم وتوقيفهم مع البالغين، ناهيك عن أن سجل المنظمات الحقوقية الوطنية حافل بانتهاكات حقوق الطفل، بما في ذلك عمل الأطفال الشاق، والعقوبات المخففة لمن يغتصبون الأطفال ذكورا وإناثا، والمعاناة بسبب الفقر وافتقاد السكن اللائق في بلد نفطي.

وبشأن المرأة، اعتبرت المنظمات الأربع أنه في ظل إقرار الشق السني لأحكام الأسرة وإبقاء الشق الشيعي كما هو في المحاكم الجعفرية، فإن ذلك لن يضع نهاية لمعاناة النساء, وأن الحل هو ضرورة إقرار مدونة موحدة لأحكام الأسرة لمسلمي هذا البلد رجالا ونساء وأمام محاكم شرعية موحدة وهو ما سيسهم في تعزيز اللحمة بين أبناء الوطن ويقضي على الطائفية.

وأكد التقرير دور وزارة العمل ووزيرها مجيد العلوي في محاولة تحسين أوضاع العمالة الوافدة والتي تعتبرها حكومة البحرين رسميا العمالة المؤقتة وليس الوافدة، ومن ذلك حرية محدودة لانتقال العامل الوافد من كفيل إلى آخر، ومنع العمل في ساعات الظهيرة خلال الصيف في الأعمال الميدانية، والتفتيش على سكن العمال الأجانب.

وجاء في التقرير: «إن الواقع يدلل على أننا بحاجة إلى الكثير من القوانين المنظمة للسكن والصحة والرواتب، كما أننا بحاجة إلى قانون خاص بعمل المنازل ينصف هذه الفئة التي تتعرض لشتى أنواع الاضطهاد وذلك بسبب فقدانها لقانون ينظم عملها داخل المنازل».

وأشار التقرير إلى استمرار حرمان عمال القطاع الحكومي من حقهم الدستوري في تشكيل نقابات لهم أسوة بالعاملين في القطاع الخاص بسبب تعميم إداري من ديوان الخدمة المدنية، ما اعتبره تمييزا صارخا ضدهم، ناهيك عن استمرار فصل النقابيين والناشطين ضمن عملية تكاد تكون ممنهجة ما يشكل عقبة أساسية في تطور الحركة النقابية، وهو ما يخالف ما نصت علية الاتفاقيات الدولية والتي ترفض حكومة البحرين التصديق عليها ويعد كذلك مخالفا للعهد الدولي الذي وقعت عليه البحرين.

وذكر التقرير السنوي أنه لم يتم تكوين أو تسجيل جمعيات جديدة لحقوق الإنسان، بينما أشارت المنظمات في تقريرها إلى استمرار ملاحقة جمعية شباب البحرين لحقوق الإنسان في المحاكم بدل الترخيص لها. كما أشار التقرير السنوي إلى توصية مجموعة العمل الخاصة بالاعتقال التعسفي عقب زيارة نائب رئيس اللجنة القاضي جوانيه في نهاية العام 2001، من خلال توصية واحدة وهي نقل مسئولية الأحداث من وزارة الداخلية إلى وزارة التنمية الاجتماعية.

إلا أن التقرير الموازي أكد أن التوصيات تضمنت إلغاء جميع أحكام محكمة أمن الدولة وما ترتب عليها وتعويض ضحاياها وضحايا الاعتقال التعسفي بموجب قانون أمن الدولة وتفعيل العدالة الانتقالية، ونقل الرقابة على السجون إلى القضاء والسماح لمنظمات المجتمع المدني والمنظمات الدولية بالقيام بزيارات من دون قيود لأماكن الاحتجاز بما في ذلك مراكز التوقيف وذلك للتأكد من ظروف الاحتجاز وكوسيلة فعالة لمنع التعذيب في تلك الأماكن، وإصدار قانون يجرم التعذيب في ضوء اتفاقية مناهضة التعذيب وإصدار تعريف محدد وواضح للتعذيب في قانون العقوبات طبقا للمادة رقم «2» من اتفاقية مناهضة التعذيب التي صادقت عليها البحرين.

العدد 2561 - الأربعاء 09 سبتمبر 2009م الموافق 19 رمضان 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً