العدد 2567 - الثلثاء 15 سبتمبر 2009م الموافق 25 رمضان 1430هـ

الرئيس الروسي مازال يقف في ظل بوتين

حملته للإصلاح السياسي والاقتصادي تذهب ادراج الرياح

موسكو - جانيت مكبرايديارو 

15 سبتمبر 2009

أمضى الرئيس الروسي ديمتري مدفيديف الأشهر الثمانية عشر الأولى من ولايته واقفا في ظل سلفه فلاديمير بوتين. والآن وقبل عامين ونصف العام على انتهاء ولايته فإن حملته للإصلاح السياسي والاقتصادي تذهب ادراج الرياح.

وفي حديث مع أكاديميين وصحافيين زائرين يوم الجمعة الماضي أدلى بوتين بأقوى تلميح لاحتمال عودته لمنصب الرئيس في العام 2012 وتصدرت تصريحاته عناوين الصحف يوم السبت الماضي في أنحاء العالم وداخل وروسيا وهو الأمر الأهم لمدفيديف.

ويبدو أن أهمية مدفيديف آخذة في التضاؤل. وعادة لا يعاني قادة الدول الأخرى في العالم من حرج فترة البطة العرجاء إلا في العام الأخير من ولايتهم.

وجاءت تصريحات بوتين بعد يوم واحد من كشف مدفيديف لرؤيته للإصلاح الاقتصادي والسياسي في روسيا مما يكسب التوقيت أهمية خاصة.

وقال مدير برنامج روسيا واوراسيا في المجلس الألماني للعلاقات الخارجية الكسندر رار ما حدث أن بوتين ذكر مدفيديف بأن له حدودا لا ينبغي أن يتخطاها واختار أن يفعل هذا في هذا المنتدى.

وواجه مدفيديف صعوبة بالغة في تعزيز صورته كرئيس يعرف مشاكل روسيا ويمكنه معالجتها. ويوم الخميس الماضي نشر مدفيديف خطابا يقع في خمسة آلاف كلمة على موقع على شبكة الانترنت وجه فيه نقدا شديدا لبلاده لتعتيمها على تقادم صناعتها والاعتماد المفرط على صادراتها من الطاقة والفساد والبيروقراطية التي تعرقل الابتكار واتساع نطاق إدمان الخمور.

وذكر أنه يتعين على روسيا تهيئة مناخ يشجع على الابتكار وتحويل الصناعة لإنتاج سلع يريد المستهلكون شراءها ودعم سيادة القانون والديمقراطية وتشجيع الروس على البحث عن حلول لمشاكلهم بأنفسهم بدلا من التطلع للحكومة بشكل دائم. وكتب مدفيديف أولا دعونا نجيب على سؤال بسيط للغاية ولكنه في غاية الخطورة في ذات الوقت. هل سنواصل القبول باقتصاد بدائي وفساد مزمن وعادة إحالة كل مشكلة للحكومة أو لقوى خارجية أو لأي شخص عدانا؟.

ويقول محللون إن إنتاجية أكثر الصناعات كفاءة في روسيا مثل قطاع الطاقة على سبيل المثال تصل تقريبا إلى ثلث نظيرتها في الولايات المتحدة. غير أن انتعاش أسعار النفط لنحو 70 دولارا للبرميل أعطى دفعة لعائدات التصدير كانت روسيا في أشد حاجة إليها وغطت على المشاكل الاقتصادية.

وقال مارشال جولدمان من مركز ديفيز لدراسات روسيا واوراسيا بجامعة هارفارد ما نراه من رخاء يعتمد إلى حد كبير على أسعار النفط. وعلى المدى الطويل يعرقل هذا أي محاولة لبناء صناعة أخرى. إنه يعني روبلا قويا مما يجعل الواردات مغرية جدا ويقوض محاولات بناء صناعة محلية. وتابع إنه يأتي بعدد كبير من الوظائف في (قطاع) الطاقة ويدمر الكثير من الوظائف في قطاعات أخرى.

هذا أكثر أهمية على المدى الطويل وبصفة خاصة حين تخرج من موسكو وسان بطرسبرج والمناطق المنتجة للنفط. وهنا في ياروسلافل على بعد أربع ساعات بالقطار شمال شرقي موسكو يبدي السكان المحليون قلقهم من إغلاق مصانع وفقد وظائف.

وفي الشهر الماضي تجمع 1500 عامل من مصنع افتوفاز للسيارات في مدينة توجلياتي جنوب شرقي موسكو للاحتجاج على خفض الأجور والاستغناء عن عمال.

ويوم السبت قال اركادي دفوركوفيتش كبير المستشارين الاقتصاديين للرئيس أن معدل البطالة قد يرتفع في الخريف. وبلغ معدل البطالة 8.3 في المئة أو 6.3 ملايين شخص في يوليو/ تموز الماضي.

واختار بوتين مدفيديف خليفة له وأدى الأخير اليمين القانونية في مطلع 2008 بعد انتهاء ولاية بوتين وتوليه منصب رئيس الوزراء. ومنذ ذلك الحين يراقب الجميع عن كثب قيادتهما المزدوجة.

وتتجاوز شعبية بوتين الشخصية شعبية مدفيديف كثيرا على رغم أن تبعات الأزمة الاقتصادية تفاقمت بسبب السياسات التي انتهجها بوتين خلال ولايته.

وقال جولدمان ثمة إحساس بأن بوتين يصدر أمرا فيتوقف المد. وربما يؤدي الاختلاف بين كلمات بوتين ومدفيديف وما يركز عليه كل منهما إلى انقسامات مماثلة داخل الصفوة الحاكمة.

ويختلف تقييم التقدم الاقتصادي في روسيا حسب من تتحدث إليه سواء من فريق بوتين أو فريق ميدفيديف. والخط الذي ينتهجه بوتين وحلفاؤه أن روسيا ستخرج من الأزمة المالية العالمية أقوى. وقال رئيس الوزراء الروسي يوم الجمعة مهمتنا تنويع الاقتصاد وزيادة الكفاءة والاستثمار في الثروة البشرية ... الرعاية الصحية والتعليم وما إلى ذلك.

ينبغي أن نخرج (من الأزمة) أقوي. ويرى مدفيديف ومستشاره دفوركوفيتش أن ثمة الكثير من العمل ينبغي إنجازه. ويقول دفوركوفيتش معظم الصناعة التحويلية في روسيا تنتمي للقرن السابق من حيث ما تنتجه.

المهم إنتاج سلع يشتريها الناس. وبالنسبة لدفع الإصلاح قال دفوركوفيتش الرئيس مستعد للقتال من أجل مايعتقد أنه الشيء الصحيح لروسيا الآن. وحين سئل عن المدة المتاحة لمدفيديف لإحداث تغيير أجاب بالنظر للروزنامة... عامين ونصف العام.

وكان تفسيره للتعليق واضحا يعرب دفوركوفيتش عن أمله في أن تتاح الفرصة للشعب للحكم خلال عامين ونصف العام. وبناء على أحدث استطلاعات رأي لم يلق ما يقوم به مدفيديف استحسانا إذ أشار 60 في المئة ممن استطلعت آراؤهم إلى أن تركيز السلطة في يدي بوتين شيء طيب.

وفي غياب أي قاعدة يستمد منها القوة يظل مدفيديف معتمدا على رعاية بوتين.

العدد 2567 - الثلثاء 15 سبتمبر 2009م الموافق 25 رمضان 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً