العدد 273 - الخميس 05 يونيو 2003م الموافق 04 ربيع الثاني 1424هـ

المدرسة الجعفرية

في العاشر من ذي الحجة العام 1347 هـ الموافق 15/3/1928م تم افتتاح المدرسة الجعفرية(1) في العاصمة المنامة لتعليم البنين بعد أن كان التعليم مقتصرا على تعلم القرآن الكريم في المطوع أو الكتاتيب، وقد تم بناء المدرسة عن طريق جمع التبرعات من وجهاء المنطقة وأهاليها بعد أن أعطتهم الحكومة قطعة الأرض لبناء المدرسة، وأشرف على بناء هذه المدرسة لجنة من الأهالي ضمت كلا من السيد أحمد السيد جواد العلوي والحاج إبراهيم عبدالعال والحاج محمد علي الإبريق والحاج علي السماهيجي والحاج محمد مكي البحارنة.

وكانت إدارة المدرسة قد استأجرت مقرا مؤقتا (2) لحين الإنتهاء من بناء المدرسة وكان عدد التلاميذ يقارب 100 طالب، وكان يوم الإفتتاح يوما مشهودا في تاريخ البحرين إذ صادف يوم عيد الأضحى المبارك، وقد حضر حفل افتتاح المدرسة حاكم البحرين آنذاك الشيخ حمد بن عيسى آل خليفة، وجمع غفير من الأهالي وأولياء الامور والطلبة الذين بلغ عددهم 198 طالبا، وقد بدء حفل الإفتتاح بتلاوة المرحوم الحاج عبدالمحسن المخرق لآيات من الذكر الحكيم أعقبه نشيد لطلبة المدرسة من تأليف المدير الأستاذ محمد بن سعيد بن جمعه(3) جاء فيها:

اهـنئي بالـعيد يادار أوال

فبك كأس الهنا عـاد يدار

قد شهدت اليوم عيدين بعيد

فتح دار العلم والعيد السعيد

فهو في تاريخ علياك مجيد

فانثري اللؤلؤ يادار أولك آل

فبه قــل بذا العيد النثار

عطري الآفاق بالنثر الأريج

واخضري في مفرق الحرالبهيج

فلأنت اليوم في وسط الخليج

دمية ذات جـمال وجلال

وعلى معصمك البحر سوار

(1) تقع المدرسة في الجهة الشمالية الشرقية لوزارة الداخلية،مقابل المدرسة الصناعية قديما مركز الحرف حاليا.

(2) المقر المؤقت هو مبنى للمؤيد قرب مجمع يتيم الحالي بالمنامة .

(3) استقدم الأستاذ محمد سعيد بن جمعه للعمل في المدرسة الجعفرية وهو أول مدير للمدرسة، وكذلك كان أخوه الأستاذ عبد الكريم بن جمعه أول مدير للمدرسة العلوية بالخميس.

أشرقت من هذه الدار العلية

لبني البحرين شمس المدنية

وسعيــد الفـــــال قد أرخــها

كـتــب الــفتح بباب الجعفريـة

وبعد ذلك ألقى المرحوم الأستاذ إبراهيم العريض كلمة فال فيها: «سادتي إسمحوا لي قبل ختم المقال أن أضيف كلمة واحدة لأقول إن للعلم أعداء، ذلكم جمود الخواطر والإقتناع بالجهل والتقليد الأعمى، فعلى رجال الإصلاح الصبر في مكافحة جنود الشر فإن العزيمة الصادقة تكشف الغمة والصبر ينحت طرقا حتى من الجبال، والتوفيق من الله(1).

إدارة المدرسة :

تتكون من المدير محمد سعيد بن جمعة ومدرسين معظمهم عراقيون منهم الأستاذ عبدالقادر أفندي مدرس اللغة العربية والمحفوظات، الأستاذ عبدالحميد أفندي، الأستاذ المنشئ، الأستاذ موسى أفندي، الأستاذ صالح الشارخ وكان المدرس الوحيد من أهل البحرين هو الأستاذ علي المدني. وكانت إدارة المدرسة برئاسة السيد أحمد العلوي وأمانة الصندوق للحاج محمد بن مكي البحارنة والسيد علوي السيد علي المشقاب كاتب المدرسة ، وعضوية كل من الحاج محمد علي الإبريق، الحاج إبراهيم عبدالعال والحاج سلمان بن سليم . وكان المبنى الذي لايزال موجودا مقابل مدرسة الصناعة سابقا يضم أيضا مقر دائرة الأوقاف الجعفرية تحت رئاسة السيد أحمد العلوي، كما كان القاضي الشيخ عبدالله بن محمد صالح يقوم بزيارة المدرسة من وقت إلى آخر يتفقد أحوالها ويبدي ملاحظاته بشأنها. وكانت المدرسة تمول من قبل الأهالي عن طريق دفع اشتراكات منتظمة استطاعت إدارة المدرسة من خلالها تغطية كافة مصاريفها ودفع رواتب المدرسين .

(1) مي الخليفة، مائة عام من التعليم النظامي في البحرين ص245

إنشاء فرقة الكشافة :

من ضمن الأمور التي استحدثت في المدرسة الجعفرية هو انشاء فرقة الكشافــة التي تعتبر هي الأولى من نوعها في البحرين . وقـد بدأت أولى الطلائع من أبناء العائلات المعروفة في المنامة الذين انخرطوا في فرقة الكشافة وبدأوا يطوفون في نهاية كل أسبوع بشوارع وطرق المنامة وهم يرتدون بزاتهم الجميلة حاملين معهم آلاتهم النحاسية الموسيقية التي يشاهدها الناس لأول مرة في البحرين وهم يعزفون ويرددون الأناشيد الوطنية الحماسية، ولم تقتصر مسيرات الفرقة على شوارع وطرقات مدينة المنامة بل امتدت حتى المدرسة العلوية بالخميس حيث يتبادل طلاب المدرستين التحية والأناشيد ومنها :

ايها الطلاب في سوق الخميس

لكموا الف سلام باحترام

نحن طلاب علوم الجعفرية

قصدنا اليوم نزور العلوية

ولنا في النفس حاجات خفية

سوف نبديها لدى الربع الدريس

وقد رد عليهم طلاب المباركة العلوية بقصيدة قالوا فيها :

مرحبا أهلا بطلاب المنامة

وعلى الرحب لكم منا الكرامة

زرتمونا وبكم زاد الهنا

وأعدتم ذكر ماضينا هنا

يوم كان المجد فينا ولنا

شرف لا يبلغ العيوق هامه

نحن أهل الريف سكان القُرى

طبعنا الجود وإسداء القِرى

إن يكن قل بأيدينا الثراء

فلنا الثروة قدما والزعامة

سائلوا جدحفص عنا والقديم

كم لنا فيما مضى قام زعيم

ساد بالمجد وبالفضل العميم

وله قدعقد الدين الامامة

واسالوا عنا المصلى كم حوى

بدر علم في محانيه ثوى

واسألوا المشهد كم فيه انطوى

طود مجد إن كبا الدهر أقامه

نحن في مدرسة بين التلول

تندب الموتى وللاحيا تقول

هذبوا بالدرس والعلم العقول

ترفعوا من دارس المجد دعامة

هكذا الاباء في قرن مضى

وجدير بعدهم أن تنهضا

كما تم انضمام أعداد كبيرة من الأطفال والشباب ومواكبة طابور الفرقة حينما كانت تجوب الطرقات، وكانت مسيرات الفرقة تظهرأسبوعيا وفي المناسبات (1). وقد خاف بعض الأهالي من انضمام أبنائهم للفرقة خشية أن يتم تجنيدهم حسبما أشيع في ذلك الوقت، الأمر الذي جعل بعض أولياء الأمور يجبر أبناءهم على ترك المدرسة.

نهاية اللجنة الأهلية :

عندما عين فائق أدهم ناظرا للمعارف أراد تمكين يده على المدرسة بايعاز من المستشار بلجريف بحجة عجز اللجنة الأهلية عن إدارة المدرسة ماليا وإداريا، الأمر الذي رفضته اللجنة الأهلية، ولعل من المفارقات أن المستشار نفسه أثنى على إدارة المدرسة حينما سلمته حسابات المدرسة للسنوات الثلاث الماضية . ويتضح مما سبق أن هناك خلافا بين مدير المدرسة والمستشار، فالمدير الذي يحمل الروح الوطنية وما عايشه في العراق أثناء الإستعمار الإنجليزي لها دفعه لتوعية الناس لمثل هذه الأمور، مما شكل خطرا على أهداف المستشار بلجريف الذي عمد على أن تكون كافة المؤسسات تحت سيطرته وبالفعل أقدمت الحكومة

(1) المدني، حسن / مواجي وحراسين ص33

على ترحيل الأستاذ محمد سعيد بن جمعة وبقية الأساتذة العراقيين، وكانت اخر زيارة للاستاذين محمد سعيد وعبد الكريم عام للبحرين عام 1977 حيث استقبلوا بالحفاوة والتقدير .

دمج المدرسة الجعفرية ومدرسة الهداية الخليفية بالمنامة:

في العام 1932 وبعد أن أصبحت المدرسة الجعفرية تحت إشراف وزارة المعارف تم دمجها مع مدرسة الهداية الخليفية (وتسمى ايضا الابتدائية الخليفية) بالمنامة التي كان مقرها مدرسة عائشة أم المؤمنين حاليا، وذلك لأن البناء المستأجر لمدرسة البنات كان صغيرا لا يتناسب مع عدد الطالبات (تسمى البناية التي فيها مدرسة البنات بناية مقبل وتقع في شارع الحضرمي بالمنامة مقابل برادات جوفري حاليا) لذلك تقرر نقل مدرسة عائشة أم المؤمنين إلى مدرسة الهداية الخليفية ودمج مدرسة الهداية الخليفية مع المدرسة الجعفرية وتحويل اسم المدرسة الجعفرية إلى الهداية الخليفية وفي منتصف الأربعينات تغير الإسم إلى الغربية وفي منتصف الستينات تغير الإسم إلى مدرسة أبوبكر الصديق الإسم الذي بقى إلى يومنا هذا

العدد 273 - الخميس 05 يونيو 2003م الموافق 04 ربيع الثاني 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً