ما الأمور المشتركة بين المبارزة بالسيوف، واطلاق الرصاص، والميلودراما والأشباح؟، يجيب بروفيسور دراسات الأفلام ديفيد كوك «سينما هونغ كونغ». المبارزة بالسيوف أو المسدسات، والدراما المبالغ فيها والأمور الخارقة للطبيعة مثل الأشباح ومصاصي الدماء وأرواح الموتى، هي أربع مكونات رئيسية في افلام هونغ كونغ التي انتجت في العشرين سنة الماضية.
قام كوك بتدريس مقرر «سينما هونغ كونغ» للطلبة والخريجين، إذ عرض لهم اكثر من عشرة أفلام، وقام بقراءة ومناقشة كتب تتحدث عن سينما هونغ كونغ وعن التاريخ الاجتماعي والاقتصادي لهونغ كونغ، يفسر كوك قائلا «اننا نستكشف نظام السوق والثقافة التي شكلت هذه السينما الوطنية».
وقد بدأت صناعة الأفلام في هونغ كونغ منذ بدايات القرن، وقبل ذلك كانت المدينة - الدولة ترعى من قبل شنغهاي العاصمة الأكثر تطورا، ولكن خلال سنوات الحرب الأهلية (1946-1949) بدأ النشاط السينمائي. أصبحت هونغ كونغ موطن أفلام السوق الحرة في المنطقة، وبعد الحرب العالمية الثانية، مرت هونغ كونغ بتجربة تطور هائلة وتضاعف حجمها اربع مرات لتصبح احدى أبرز مدن العالم.
وقد احدثت فترة الستينات انتعاشا في افلام فنون القتال، وهو نمط اصبح فيما بعد الدعامة الأساسية في سينما هونغ كونغ. يقول كوك «تعتبر فنون القتال امرا اساسيا في الثقافة الصينية، وهي فنون تعتنق مبادئ البوذية وقد بدأت كنوع من التمارين (تاي شي) التي يمارسها الرهبان في معبد شاولين في القرن الرابع بعد الميلاد للتحكم في طاقاتهم الجسدية. منذ البدايات كانت السوق الآسيوية المحلية وتلك الموجودة في جنوب آسيا لهذه الأفلام ضخمة، ما ساعد على جعل هونغ كونغ ثامن اكبر مصدر للأفلام في العالم».
اكتشف الجمهور الأميركي فنون القتال هذه في بداية السبعينات ومعظم الفضل في ذلك يعود الى افلام بروس لي. يقول كوك «ادى الاهتمام الأميركي الى ازدهار هائل في صناعة السينما، وقد استغل الموزعون الفائدة الانتاجية للفيلم التي تفوق الكلفة، كما تم توريد المئات الى الولايات المتحدة في الفترة من 1972 حتى 1975 وبدأت صناعة السينما في الازدهار». في مطلع السبعينات، انتجت هونغ كونغ الكثير من افلام العصابات التي يتم فيها استخدام المسدسات او تللك التي تكثر فيها مشاهد المبارزة بالسيوف، سائرة على خطى افلام الساموراي اليابانية.
ومن افضل مخرجي هونغ كونغ المعروفين، جون وو وتسوي هارك. وو، معروف بافلامه التي تمتلئ بأصوات الرصاص والتي يتم فيها اراقة الدماء بصورة بطولية، وهو يعمل الآن في هوليوود. وقد قام أخيرا باخراج افلام حركة ذات موازنة عالية مثل Hard Target mtdgl Face Off، ويركز وو في افلامه على روابط الوفاء والشرف بين منفذي القانون واللصوص.
أما هارك فهو مخرج ومنتج، وقد جاء فيلمه Peking Opera Blues، بنمط ميلودرامي كلاسيكي، أما افضل فيلم اخرجه هارك فهو الفيلم الذي يتناول ظواهر خارقة للطبيعة ويحمل اسم Chinese Ghost Story وكذلك ملحمته التاريخية Once Upon A Time in China.
يقول كوك «الامر الجدير بالملاحظة فيما يتعلق بهذه الأفلام هو انها تستثمر نمط الأفلام القتالية، وتعتبر كلفة انتاجها قليلة كما انها تركز على وجه واحد من وجوه التجربة البشرية، ولا يزال مصدر الرزق في صناعة السينما في هونغ كونغ يأتي من استغلال هذا النوع».
وقد حصل كوك وهو المخرج المؤسس لبرنامج دراسات الأفلام على الدكتوراة في الأدب الانجليزي من جامعة فيرجينيا ثم انتقل الى هونغ كونغ في العام 1973، وفي السنوات القليلة الماضية قام بتدريس الكثير من مقررات الأفلام الدولية مثل سينما شرق أوروبا وسينما ما بعد الاتحاد السوفياتي وسينما وسط آسيا والقوقاز. وقد الف الكثير من الكتب المهمة في هذا المجال منها A History of Narrative Film الذي نشر في العام 1996، والذي يأتي في ثلاثة أجزاء، كما قدم في العام 1999 كتاب Lost Illusion: American Cinema in the Age of Watergate and Vietnam 1970 - 97.
ويعتقد كوك ان قصة سينما هونغ كونغ هي واحدة من اكثر قصص تاريخ السينما ثراء وامتاعا، وتعتبر السينما في هونغ كونغ من اوائل من انتج افلام الفيديو
العدد 275 - السبت 07 يونيو 2003م الموافق 06 ربيع الثاني 1424هـ