من خالد المجد أتيتَ. مجدٍ تنظَّم على إكليل أنت في الذروة من استحقاقه، وفي الصميم من استجلائه في أروع صور المثل والأنموذج.

إكليل غار له في المثل شاهد، وفي الحُمْرة بيان، وفي الدم نص عز ورفعة، وفي الرفض سُنَّة.

إكليل غار يتوِّج هامات ظُنَّ أنها ثوتْ؛ فيما هي في سمائها المعلنة الشاهرة أفقها البعيد في وجوه الذين لا يكادون يميزون لونها.

إكليل غار قُدَّ من نفح الدم، وطِيب المسعى، وروعة الموقف. إكليل غار يتوِّج هامات هي في العميق من الهدف والأثر.

منْ سواك أهلا لمثل ذلك التتويج؟ ومن سواك في القمَّة من البذل، وفي الصدارة من التضحية، وفي المرتكز من إعلان الصرخة؟

@@@

من الحج الذي أنهيته، إلى حج آخر. حج فيه لله رضا ولهذه الأمة عافية ومنعة وعزة. حج يبتغي السعي فيما يؤكد مركزية الإنسان وشرفه وقيمته الحقيقية في هذا العالم. العالم الذي يحياه ويعيشه ويكون طرفا في حركته وتراكمه. حج أردتَ منه انعتاقا من العبوديات الأرضية، إلى التسليم بالخالق ومنهجه. حج ابتغيتَ من ورائه الطواف بالقيم والإقامة فيها. إقامة تفعِّل قيمتها ومعانيها الجمة. من الحج ذاك. حج الدم الذي سيراق، والسبي الذي سيطول مارا بالعواصم الخائنة المتباكية عليك كذبا. يوم التضحية بك وبأبنائك وآلك وأصحابك، لتكون التضحية في ذروة عطائها وقمة بهائها، وفي الأروع من شواهدها.

@@@

جل بروحك على هذه الأوطان المتناثرة كأنها أورام. جل بروحك على أمة باتت مختطفة لأنظمة مستنسخة منذ أكثر من 1400 عام. جل من شرفة خلودك لترى كم أن التاريخ مقيم فينا، ولم يكتفِ فقط بإعادة نفسه.

جعفر الجمري