في المواقف التي تثير الدهشة والغرابة تصبح الكلمات هي التعبير الأقرب عن كل المشاعر. وعندما تزداد الأمور إثارة فان وقائعها ومشاهدها وسلوكياتها لابد وأن تتحول بدورها إلى مواقف ساخنة تشير الى موضع الخلل وترشد الى مكمن الخطر ليصبح الطريق أمام الجميع واضحا والدرب سالكا.
ومن هنا لن نتوقف عن متابعة كل الجوانب والأمور في شتى مجالات الحياة. ومع كل هذه المواقف ستكون الصورة أيضا ناطقة ومعبرة وشريكا دائما في ترجمة الحرف والإفصاح عن أبعاد الكلمة.
مستقبل الطلاب المتخرجين حديثا ومدى تقبل سوق العمل لهم وهل يوجد لهم مكان أم أن جميع الأبواب ستوصد أمامهم؟ كيف يرى المسئولون في الجامعة وفي وزارة العمل والاقتصاديون أفق ومستقبل الخريجين؟
يرى الناشط الاقتصادي عبدالعزيز أبل «إنه من الصعب جدا أن يجد أي خريج ثانوية عامة في هذا الوقت وظيفة يكون راتبها أكثر من الحد الأدنى للأجور وهو 150 دينارا وأن يكون في إمكانه أن يجد عملا يعطيه راتبا أعلى من الحد الأدنى لوظائف ما زالت محدودة وبسيطة، ومن هنا لن يستطيع هذا الخريج أن يطور من حاله أو حتى من وظيفته وحتى وإن استطاع ذلك فلن يستطيع أن يصل للمراكز الإدارية المتقدمة.
مؤكدا أن مستقبل أي خريج لا بد وان لا ينحصر في التفكير في العمل بعد التخرج من الثانوية العامة لان سوق العمل البحرينية لن تقبل هذه الفئة « لقلة خبرتها ومحدودية مهاراتها فالثانوية العامة لا تعطي الخبرة الكافية أو التدريب الجيد للخوض في سوق العمل».
ومن هنا طالب أبل الخريجين بمواصلة الدراسة وتحصيل العلم في الجامعات والمعاهد التدريبية لصقل مواهبهم والدخول في جو التخصصات التي تحتاجها سوق العمل والتي تلاقي طلبا متزايدا من قبل المستثمرين والقطاع الخاص الذي هو الآن أساس هذه السوق والابتعاد عن التفكير في الاندماج أو العمل في القطاع العام المحدود.
ومن جانب آخر أكد أبل أن المتخرجين من الجامعات والمعاهد «لهم مهارات مختلفة أفضل وكذلك لديهم القدرة على التأقلم بشكل أقوى مع سوق العمل».
مشيرا إلى دور جامعة البحرين تفعيل مخرجاتها بشكل جيد وإحياء بعض التخصصات لتتناسب وسوق العمل مثل تخصصات إدارة الأعمال والتكنلوجيا ومصادر التعلم وغيرها التي هي أفضل من التخصصات الأدبية والتي تنحصر فقط في مجال التعليم وهو القطاع العام.
وأضاف أبل أن القطاع الخاص سيحرص على إحلال المواطنين الذين يحملون هذه الشهادات المتخصصة محل العمالة الأجنبية كما أن أبواب التوظيف للخريجين من الجامعات ستكون مفتوحة لهم في دول الخليج لما يتمتعون به من مقدرة ومكانة معترف بها في هذه المناطق.
ومن جانبه قال عميد القبول والتسجيل بجامعة البحرين عيسى الخياط « إن مستقبل الخريجين يبدأ من دخولهم المرحلة الثانوية التي لابد وأن تركز على تخريج أجيال قادرة على الالتحاق بالجامعات و أن يكونوا متمكنين علميا».
كما أشاد الخياط بتوجهات وزارة التربية والتعليم التي تسعى لتوحيد المسارات لأنه ومن وجهة نظره «ستسعى لإعداد الخريجين للالتحاق بالجامعات من خلال إعطائهم خلفية جيدة في العلوم واللغات والتي من شانها أن تساعد الخريج على اختيار التخصص المناسب أو حتى عندما يريد الالتحاق بسوق العمل سيكون قادرا على تلبية متطلبات التوظيف».
وأشار الخياطر إلى الأعداد المتزايدة من الخريجين التي تحتاج إلى أن تكون على درجة كبيرة من الوعي العلمي والتحصيل الدراسي حتى يتم استقطابهم في جميع الجامعات ليكونوا بعد ذلك قادرين على اقتحام سوق العمل وبشكل أقوى وأقدر.
وعن التخصصات وسوق العمل قال الخياط «إن التخصص في البحرين منقسم لفئتين الأولى تريد العمل في قطاع المال والأعمال وهذا القطاع يلاقي إقبالا شديدا في كل مجالاته وتخصصاته، وكذلك الفئة الثانية التي ترغب في الاندماج في قطاع التربية لشعور الخريجين بوجود فرص جيدة ومتوفرة في قطاع التدريس».
وأضاف «إن البحرين لا تحتاج إلى زيادة في التخصصات ولكن هي تحتاج إلى توعية الطلاب بتحديد رغباتهم وميولهم قبل التحاقهم بالجامعة، والطالب البحريني يواجه صعوبة عندما يتخرج من المدرسة ويلاقي الجامعة فلا يحسن اختيار التخصص الذي دائما يكون في نظر الطلاب هو طريق للتوظيف أكثر من كونه تحصيلا للعلم والمعرفة.
ومن أجل مستقبل أفضل للخريجين لابد وأن يكون هناك توجيه الطالب لتعريفه بماهية التخصصات وتناسبها مع سوق العمل لأن الخريجين الحاملين للشهادات الجامعية قادرون على الدخول في سوق العمل بكل ثقة، مع إمكانية دخوله سوق العمل الخليجي».
وأضاف الخياط إنه يمكن أن يكون هناك تنسيق بين وزارة العمل والقطاع الخاص والجامعة لنظرة جادة في إمكانية استيعاب سوق العمل لامتصاص جميع الخريجين لأنهم من أبناء هذا الوطن.
وقال إن الجامعة في كل الأحوال والظروف هي ملزمة بقبول كل خريج ثانوية عامة يحصل على معدل 70في المئة فما فوق وذلك بعد المرسوم الملكي الذي أصدره عاهل البلاد في هذا الشأن.
مؤكدا أن الجامعة تلقت أكثر من 4000 متقدم للفصل الدراسي المقبل وهي الآن تنتظر نتائج الثانوية العامة من أجل تحديد العدد النهائي للمقبولين. بينما يرى مدير إدارة تنمية القوى العاملة في وزارة العمل أسامة العبسي «إن الالتحاق بالجامعة ليس بالضرورة جواز سفر للحصول على الوظيفة» مؤكدا ضرورة أن يكون اختيار التخصص يأتي ضمن احتياجات سوق العمل لهذا التخصص وأن يضع الطلاب في اعتبارهم مدة دراستهم وأن هناك من هم قبلهم في هذا التخصص، وعلى المتخرجين أن يبعدوا أي قرار بعيد عن دراسة وضع السوق لقبول هذا التخصص. وبشأن الخريجين الذين سيلتحقون بسوق العمل مباشرة نصح العبسي بأن «يفكر هؤلاء في الحصول على أي نوع من أنواع التدريب أو العمل في مؤسسة يمكن أن تكسب الخبرة والتدريب». مؤكدا أن الإشكالية الموجودة الآن أن الكثير من خريجي الثانوية لا يقبلون الوظائف لأنها لا تناسب طموحاتهم التي تريد الوصول إلى المراكز العالية من أول يوم عمل، وعليهم القبول بالوظائف التي تكسبهم الخبرة حتى وإن كانت في أيامها الأولى ذات مستوى متدن. كما أكد أن الخبرة والدراسة الجامعية أو التدريب لا تعني كل شيء ولا تغني الباحث عن العمل من تحليه ببعض المميزات والتي تجذب أصحاب الأعمال إليه من الصبر والجدية في العمل وغيره
العدد 280 - الخميس 12 يونيو 2003م الموافق 11 ربيع الثاني 1424هـ