من خلال لقاءاتنا المتعددة بالمتفوقين والتي جرت على مدى اليومين الماضيين حاولنا من خلال طرح أسئلتنا أن نصل إلى عمق فكر هؤلاء الطلبة والذين بحق هم مستقبل هذا البلد ودعائمه.
حاولنا الوصول إلى ما يريدون وكيف يفكرون وهل كل القرارات التي تتخذها وزارة التربية والتعليم يكون هؤلاء (الطلبة) راضين عنها، أم أنها تفرض عليهم كغيرها من القرارات (كنظام المقررات) الذي طبق منذ سنوات ولم يعرف أحد حتى الآن هل نجح هذا النظام أم فشل.
والآن وزارة التربية والتعليم تطرح فكرة «توحيد مسارات الثانوية العامة».
هناك نظرية علمية في التخطيط الاستراتيجي وأسباب فشل معظم هذه الخطط في دول العالم الثالث وهي وضع القرارات الادارية من دون مشاركة الأفراد فيها، وآثارها على الدوافع والسلوك الفردي والثقافة العامة للمنظمة أو الادارة، بمعنى غياب هيئة ما يسمى بـ «التخطيط الثقافي».
معظم الطلبة المتفوقين رفضوا هذا المشروع ولأسباب واحدة وهي أن المشروع لن يكون قادرا على تحديد المواد المهمة للطالب فالطلبة يتخوفون من ان هذا النظام سيساعد على تخبط الطالب في اتخاذ القرار خصوصا مع زيادة المقررات العلمية التي سيدرسها الطالب في المسار الموحد.
بعض الطلبة يرون أن هذا المشروع سيخلق فراغا عقليا كبيرا لدى الطلاب لما قد يؤدي إليه من ضياع فرصة تحديد الهدف مع بداية الطريق.
ففي السابق يستطيع الطالب الذي يحلم في أن يكون طبيبا بالجد والدراسة في المرحلة الاعدادية ومن ثم حصوله على درجات عالية تمكنه من دخول المسار العلمي والذي يضعه على أول عتبات الطريق نحو تحقيق الحلم الكبير، والعتبة الثانية هي الحصول على معدل عالٍ يمكنه من الحصول على منحة خاصة تقدمها له الحكومة كتقدير لهذا المتفوق، وأتاحت له الفرصة لتحقيق الحلم الكبير.
بينما يرى الطلبة أن توحيد المسارات يبعثر هذه العتبات حتى آخر سنة في الثانوية العامة وحتى القبول في الجامعة وإلى هذا الوقت لم يستطع الطالب تحديد هدفه أو وضع عينه على مستقبله.
فكل الطلبة يدرسون المواد نفسها التي لها علاقة بالهدف أو التي ليس لها علاقة.
وفي الطرف الآخر كان لبعض الطلبة نظرتهم الخاصة بشأن مشروع توحيد المسارات وتتلخص هذه النظرة في ان هذا المشروع هو بداية الطريق وأول الخطوات على عتبات مواكبة الدول المتقدمة من خلال تساوي جميع الطلاب في التحصيل العلمي، خصوصا مع تدني أعداد الطلبة في بعض المسارات على حساب المسارات الأخرى. ويوافق هذا الرأي رأي آخر يتبنى فكرة أن الطالب يجب أن يكون على دراية بمختلف المواد العلمية وذلك من خلال توسيع دائرة معرفته.
مع اختلاف وجهات نظر الطلبة في هذا المشروع على رغم وضوح الجهة أو الكفة التي ترى أن هذا المشروع غير ملائم.
يبقى السؤال كم مرة تغير النظام الدراسي في البحرين ومدى مستوى هذه الأنظمة.
وهل هذا المشروع سيسهم في تطوير التعليم في البحرين؟
أسئلة كثيرة طرحها هؤلاء الطلبة على الوزارة.
ربما يكون المشروع جيدا ويهدف الى تطوير التعليم في البحرين وسيسعى إلى الرقي بالحركة التعليمية، ولكن نتيجة عدم وضوح المشروع لدى فئات الطلبة خلق هذا التخوف والقلق.
نحتاج في عصر الانفتاح أن تكون هناك شفافية في مثل هذه الأنظمة الجديدة وأخذ برأي المعنيين بهذا الشأن وايضاح الأمر لهم.
من أجل مصلحة الجميع ومن أجل بحرين أفضل وتعليم أفضل
العدد 280 - الخميس 12 يونيو 2003م الموافق 11 ربيع الثاني 1424هـ