نقل الطبري في تاريخه قصة مقتل غلامين من أولاد مسلم ابن عقيل ابن أبي طالب (ع) موجزة، ووجدتها مفصلة في مصادر أخرى، وأذكرها جامعا بينهما.
بعد سند طويل... عن عثمان ابن داوود الهاشمي عن محمد ابن مسلم عن حمران ابن أعين عن أبي محمد، شيخ من شيوخ الكوفة قال:
لما قتل الحسين ابن علي(ع)، أسر من معسكره غلامان صغيران، فجيئ بهما إلى عبيدالله ابن زياد في الكوفة، فأمر بهما إلى السجن، وبعد مدة من مكوثهما فيه، أخبرا السجان عن صلتهما بالنبي (ص) لكي يستعطفانه ليخفف عنهما حيث لم يكن يعرفهما.
فقالا له: ياشيخ اتعرف محمدا (ص)؟ قال: وكيف لا أعرف محمدا وهو نبيي. قالا: أتعرف جعفر ابن أبي طالب؟ قال بلا... إلى أن وصلا إلى مسلم ابن عقيل ابن أبي طالب فقالا: نحن أولاده وبيدك أسارى، فانكب الشيخ عليهما يقبلهما وقال نفسي لنفسيكما الفداء، ثم دبر لهما طريقة للهرب من السجن.
وبعد فرارهما ليلا، لجآ إلى دار عجوز في الكوفة فقالا لها: إنا غلامان غريبان ولا نعرف الطريق وهذا الليل قد جنا، أضيفينا سواد هذه الليلة، فلم تقتنع العجوز بقولهما فسألتهما عن حقيقة الأمر؟ فأجاباها نحن من عترة نبيك محمد (ص) وقد هربنا من سجن عبيدالله ابن زياد.
فقالت لهما: إن لي أخا فاسقا وقد شهد وقعة كربلاء مع ابن زياد وأتخوف أن يصيبكما فيقتلكما. لكن لم يكن بدا من دخولهما والمبيت عندها.
ولما كان بعض من الليل جاء أخوها إلى الدار وأخبرها أن غلاميين قد هربا من السجن، وقد جعل الأمير جائزة لمن يأتيه برأسيهما.
فشعرت العجوز بالخطر، فراحت تقدم له الطعام، إلا أنه وبعد ما سكن الليل بان صوت غطيطهما، فاكتشف الأمر بعد أن فشلت العجوز في اخفائه، ثم أسرع إليهما وشد أكتافهما وهو يفكر في الفوز بجائزة الأمير، حتى انفجر عمود الصبح، فأمر غلاما له يقال له فليح، بأخذهما إلى شط الفرات وقطع رأسيهما عنده لينطلق بهما إلى الأمير عبيدالله، فسار بهما الغلام، وأثنا السير تحدثا معه عن صلتهما بالنبي (ص) ونسبهما، فتوقف العبد وألقى بسيفه إلى الأرض وقال: والله لا يكون محمد خصمي في القيامة، ثم رمى بنفسه في نهر الفرات وعبره إلى الجانب الآخر هاربا.
فغضب الرجل وقال: لا يلي قتلكما أحد غيري، فسل سيفه ومشى بهما، فلما نظرا إلى السيف اغرورقت أعينهما وقالا: يا شيخ خذنا إلى السوق واستمتع باثماننا، فرفض طلبهما، فقالا: خذنا إلى الأمير يحكم بيننا فرفض أيضا، فقالا: يا شيخ أما تحفظ قرابتنا من رسول الله (ص) فقال: مالكما من رسول الله من قرابة، ثم طلبا منه الصلاة.
وبعدها قام وقطع رأسيهما بدءا بالأخ الأكبر، ثم وضعهما في مخلاة وألقى بالأبدان في عرض الماء وسار إلى عبيدالله، فلما وضعهما بين يديه سأله الأمير عن قولهما فذكر طلبهم الاحتكام إليه، فغضب عبيدالله عليه لذلك، فأمر أحد رجاله وكان شاميا، أن يأخذ الرجل إلى المكان الذي قتلهم فيه، ويقطع رأسه، ثم أمر بهدم بيته.
عبداللطيف الزريع - القطيف
العدد 2313 - الأحد 04 يناير 2009م الموافق 07 محرم 1430هـ