من يقرأ في علوم المعادن يدرك أن هناك أوجه شبه كثيرة بين سلوك الانسان وسلوك المعدن، وبين سلوك خلائط المعادن مع سلوك المجتمع... فالمعدن مكون من ذرات تأخذ تركيبا بلّوريا معينا، وعلى حسب المسافات البينية بين ذرات كل معدن وكيفية توزيع الكتروناتها في المدارات فإن كل معدن يكتسب خصائص معينة ويتفاعل بطريقة معينة. ولو أدخلنا شوائب محددة وبطريقة معينة وبقدر معلوم فإن المعدن إما يضعف وإما يقوى. كما ان المعدن عند ادخال بعض الذرات الاخرى فيه يتحول إلى مادة لها خواص تختلف عن الأصل كمثل اضافة البورون والفسفور إلى السيليكون فتجعله مادة تحول أشعة الشمس إلى كهرباء! وكذلك مثل خلط معدن الالمنيوم، والزنك، والنحاس مع بعضها بعضا بكمية معينة فإننا نحصل على مادة تسمى زينالكو - وهي اختصار حروف زنك، والمنيوم، ونحاس (كوبر بالانجليزي) - وهي مادة تصلح حاليا لتصنيع هياكل السيارات لخفتها ومقاومتها للصدأ، كما إن هناك «المعادن السائلة» التي تكتسب خواص متميزة من الصلابة والقوة اقوى من التيتانيوم والفولاذ، وذلك بخلط خمسة معادن. كما إن بعض المعادن عندما تتعرض لضغوط ميكانيكية، بعد تسخينها إلى ما قبل درجة الانصهار ببطء، تكون شديدة الصلابة، وهذا معروف لدى مصانع الاسلاك الكهربائية لخطوط القوى. كما إن هناك معادن عندما تُطرق تكون اكثر فائدة وخيرا وجمالا كالذهب... وهناك معادن حد المرونة عندها عال جدا أي لا تنقطع الا اذا كانت القوى المطبقة عليها عالية جدا (اي ذات معامل يونج عال جدا)، وهناك معادن عددها الذري عال جدا فتشع طاقة من تلقاء نفسها وهي طاقة مفيدة ذات تطبيقات عالية . وهناك مواد أو معادن إذا تعرضت إلى جهد متغير فإنها تتحمل ذلك لفترة طويلة، وهناك معادن لها صفات خاصة تجعلها محلّ جذب واهتمام على رغم ندرتها وقلة شيوعها وصعوبة البحث عنها واستخراجها وتعدينها اذ تتطلب جهدا وصبرا، ولكن هذه المعادن ما ان تكون متداولة في موطن ما حتى تجلب له الخير والرخاء... فهذه المعادن لها رزق ومظهر وبريق وتألق خاص واقصد هنا المعادن النفيسة.

وكذلك الحال عند الأفراد، فمنهم من ينهار عند تعرضه لأدنى ضغط أو قوى خارجية، ومنهم من يتحمل الكثير، ومنهم ما ان يختلط بالآخرين الخيرين حتى يكون فردا أكثر عطاء ونفعا. كذلك الحال مع الجمعيات المتعددة في المجتمعات فإن كانت ذات اهداف خيرة وآراء نافعة ونوايا صادقة جعلت المجتمع اكثر إنتاجا وأكثر عملا ونجاحا ونماء