جاء الأمر السامي لحضرة عاهل البلاد المفدى بإنشاء المعهد الديني الجعفري ليثلج صدور أبناء هذا الشعب الكريم، الساعي دائما الى التوحد والترابط في نسيج وطني متماسك. وكانت الفترة ما بين الأمر الملكي وإعلان نائب رئيس الوزراء وزير الشئون الإسلامية الشيخ عبدالله بن خالد آل خليفة وافتتاح المعهد فعلا مع بداية الفصل الثاني للعام 2002 /2003 فترة وجيزة إلا أن وزارة التربية والتعليم وبتوجيهات من وزير التربية والتعليم ماجد النعيمي أتمت الاستعدادات وافتتح المعهد الديني بخمسة فصول تضم 116 تلميذا وذلك لأول مرة في تاريخ مملكة البحرين.
وعقب انتهاء العام الدراسي الأول ومع بدء الاستعداد من الآن للعام المقبل والذي سجل فيه 89 تلميذا فضلا عن نحو 40 احتياطيين، التقينا المدير المساعد للمعهد الشيخ محمد محسن محمد العصفور والذي تحدث إلينا معبرا عن مشاعره الصادقة بهذه المكرمة السامية، فكان لنا معه هذا اللقاء.
ما صدى إنشاء المعهد الديني في الأوساط العلمية والشعبية؟
- حبا الله البحرين بهذه النعمة العظيمة التي تمثلت في تربع صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك مملكة البحـــرين المفدى على دفة الحكم شابا طموحا يسابق الريح للوصول بهذا الشعب إلى ما يصبو إليه من أهداف سامية، فكان وهو يلامس وجدان الناس، أن قام بهذا التوجيه السامي بتخصيص معهد ديني خاص بالمذهب الجعفري الذي كان أمنية لشريحة كبيرة من المواطنين، ولا أريد أن أقول شيعة لأننا في وقت يدعونا أن نعرف أنفسنا بالمسلمين والمواطنين ليس إلا... فكانت هذه الشريحة تتطلع إلى أن تجد في تعاليم المذهب منهجا يتعاطاه المتعلمون في مدارس البحرين بمختلف مراحلها. ولاشك ان هذا الأمر السامي قد وجد صدى طيبا، وليس أدل على ذلك من سيل المكالمات الهاتفية التي تطلب إدخال الأبناء إلى هذه المؤسسة الفتية، والأوساط الأخرى استبشرت بهذه المكرمة، كما أن الجهود الطيبة للشيخ عبدالله بن خالد آل خليفة وماجد النعيمي وتوجيهاته إلى جميع المسئولين والمعنيين للقيام بما يلزم لتمكين هذه المؤسسة من القيام بدورها جعل لهذا المعهد السمعة الطيبة والواجهة الحسنة في الأوساط الدينية والشعبية، كما لا يفوتني أن أذكر فأشكر الجهود الحثيثة للوكيل المساعد للتعليم العام والفني إبراهيم جناحي ومديرة إدارة التعليم الابتدائي عائشة عبدالغني ومدير إدارة التعليم الخاص ورئيس التعليم الابتدائي للبنين سابقا غازي الشكر والرئيس الحالي محمد الحداد، وكل أصحاب الجهود الطيبة التي ساهمت في بناء هذه الثقة الغالية علينا، وأنا بدوري كمدير مساعد للمعهد متضامنا مع مدير المعهد جاسم عبدالكريم الصيرفي نجد أنفسنا نبعث بالشكر والتقدير الى كل هؤلاء المخلصين داعيا للجميع بالتوفيق والتسديد.
ما الدور الذي قامت به الوزارة في تهيئة المعهد وتجهيزه في وقت قياسي؟
- كان ضيق الوقت محكا للامتحان والرغبة الصادقة، ولاشك أن إنجاز هذه المؤسسة وجعلها بالوضع الذي هي عليه الآن، دليل واضح على مدى الجاهزية والجدية والعزم في تمكين هذه المؤسسة التربوية من مسارها المطلوب، فالمعهد يتمتع بكوادر بشرية ذات قدرة إدارية وتعليمية مميزة، كما أنه يزخر بجميع الأجهزة المطلوبة لسيرورة العملية التربويـــة والتعليمية التي تتلاءم مع وضعه باعتباره معهدا متخصصا.
كيف استقر التلاميذ في بداية الدراسة مع بدء الفصل الدراسي الثاني، وكيف تشعرون بتنامي مستواهم العلمي الآن؟
- كان التلاميذ قد قضوا الفصل الأول في مدارسهم السابقة وتأقلموا فيها وكنا نحسب أن التحاقهم بالمعهد في بادئ الأمر يسبب لهم الإحساس بالغربة عن الجو الذي تأقلموا فيه، ولكن ولله الحمد، وبفضل جهود المدرسين وإخلاصهم وحسن تصرفهم جعل هؤلاء الطلبة على رغم اختلاف مدارسهم ومناطقهم، يتأقلمون مع معهدهم الجديد وأجوائه في مدة قياسية، ولم يعد الطالب يشعر بغربة أو جو يغاير الجو الذي جاء منه، وقد انعكس هذا الأمر إيجابيا في هواتف الآباء وتعبيرهم عن ذلك أثناء زيارتهم للمعهد، وحاول عدد من أولياء الأمور نقل أبنائهم من المدارس إلى المعهد إلا أن محدودية الفصول حالت دون تحقيق رغباتهم. أما عن الجانب العلمي فقد كان لاستقرار التلاميذ وقدرة المدرسين الأثر الطيب في استيعاب الطلبة للمناهج التي لا تختلف إلا في جزء يسير عن المدارس العادية، وكان لجهود الموجهين ومتابعتهم المستمرة أثر كبير في تذليل أية صعوبات. وقد تم أخيرا تشكيل لجنة خاصة برئاسة رئيس شعبة التربية الإسلامية يوسف العلوي وأحد أعضائها، وقد ترك لنا رئيس اللجنة حرية وضع المنهج الملائم للطلاب طبقا للمذهب الجعفري.
كيف تتوقعون مدى الإقبال في العام الدراســي المقبل على المعهد؟
- الواقع وليس المتوقع هو إقبال منقطع النظير، فنظرا للسمعة الطيبة ولاهتمام القيادة والمسئولين بالمعهد وبعد انتظام 116 تلميذا هذا العام، فقد سجل للعام المقبل بحسب الأماكن المتاحة 89 تلميذا فضلا عن 40 على سبيل الاحتياط، وهذا دليل واضح على أن المعهد كمؤسسة تربوية أصبح جاذبا للطلبة ولأولياء الأمور من مناطق البحرين كافة وقد اضطررنا الى الاعتذار لعدد كبير من أولياء الأمور لعدم تلبية رغباتهم في تسجيل أبنائهم للعام الجديد بسبب محدودية الأماكن المتاحة.
كيف تنظرون مستقبلا الى دور خريجي المعهد الجعفري في تمتين اللحمة بين نسيج الأمة؟
- لاشك أن في ديننا الحنيف ما يربطنا ويوحد صفوفنا، ومتى وجدت المؤسسات التربوية التي تجذر هذه التعاليم في نفوس الناشئة وتذكيها في وجدانهم، فسيكون لذلك انعكاس طيب في المستقبل كيف لا ونحن نعيش تحت رعاية كريمة من لدن قيادة هذه المملكة الحبيبة وعلى رأسها المليك المفدى وسمو رئيس الوزراء الموقر وسمو ولي العهد الأمين، فلا إشكال إنه في هذه الأجواء الطيبة سيكون هناك دور كبير لخريجي هذا المعهد في زيادة اللحمة والتوحد والتعاون والتماسك بين أبناء هذه المملكة الحبيبة بما يعود بالنفع العميم على الجميع.
وهنا لابد من التنويه بما تفضل به كل من نائب رئيس الوزراء وزير الشئون الإسلامية ووزير التربية التعليم يوم افتتاح هذا الصرح لأول مرة في المملكة والمنطقة، إذ أعلنا عن التوجه نحو افتتاح كلية للشريعة يلتحق بها خريجو المعهدين السني والجعفري، ولن يقتصر التحاقهم على الكليات الدينية فقط بل أرجو أن تتاح لهم فرص أوسع للجمع بين علوم الدين والدنيا معا فالمعهد وامتداد دراساته الجامعية المستقبلية لن يكون لتخريج الدعاة فقط بل المتخصصين في مجالات متعددة الذين يمتازون بالبناء العلمي والديني المعمق في آن واحد.
ما أوجه التعاون بين المعهدين القديم والحديث؟
- لقد كان هذا هو محور توجيهات وزير التربية والتعليم من ضرورة التعاون بين المعهدين، وكان لي شرف إهداء الوزير نسخة من رسالة الماجستير أخيرا وكان ذلك بوجود مدير المعهد جاسم الصيرفي، الذي أكد مبدأ التعاون بين المعهدين وقد حضر مدير المعهد الديني يوسف محمد يوسف ومساعده أحمد عطا الله حفل افتتاح معهدنا الجديد، وقمنا بدورنا بزيارة لإخواننا في المعهد الديني بالفاتح، وطلبنا توحيد بعض الفعاليات التي تتلاءم مع مستوى طلابنا، ونأمل مستقبلا أن يتم ذلك وأن تزداد مساحة التعاون والتكامل بين المعهدين، وخصوصا أننا وجدنا تبادل المشاعر والأحاسيس نفسها من إخواننا في المعهد الديني
العدد 301 - الخميس 03 يوليو 2003م الموافق 03 جمادى الأولى 1424هـ