كتب المسير على دموعي منذ أن

سار الحسين بأهله للطفِ

واستعذبت لغة البكاء محاجري

واخضلَّ جفني من عظيم الرشف

ولكم حيى سيل اللظى في خاطري

بالآه لا من باردٍ يستشفي

مضت عواصفهُ التباع وأوعزت

صبرا يـُشل على صفيح الوصفِ

والناعسات الغر فارقن الكرى

وتركن ما يملي ارتياح الطرفِ

قضت مضاجعها هجوع أشاوسٍ

مالت عليهم نائباتُ الحتفِ

كانوا قبيل الظهرِ ربعَ سعادةٍ

إذ إنهم يستبشرون بخسفِ!

يستأنسون الحرب أنسَ مؤملٍ

ويباغتون الموت صنعَ النسفِ

ساقوا على البوغاء نزفَ شجاعةٍ

والبيد من بأسائهم في وجفِ

طرقوا الحمام وأوغلوا أظفارهم

يسقون عرف الكفر طعم القطفِ

حتى إذا بلغ الفؤاد مناله

وانداث سيل النصر حد النزفِ

واستطعموا الحب الإلهي الذي

وجه الحسين يبثه باللطفِ

يروي لهم مهجا بطرف عيونهِ

ويعيدهم نشوى بفيضِ الإلفِ

كانوا على غير الأنام بضجعةٍ

متبسمين بمسفرات الوطفِ

متقلبين على التراب بهيئةٍ

تبدي إلى الأعيانِ أهل الكهفِ...

فملامح فيهم أشد غضاضة

من سائر الأحياء رغم الكسفِ

ومهابة رغم الهجوع غضابها

تبدي العدا في مرديات الضعفِ

سبعون ألفا في قبال عُشيرِهِم

لكنهم عن ألف ألفِ ألفِ...

حسين عابد الكراني