رفضت النقابات العمالية في المؤسسات الحكومية والنقابيون، إجراء أي تعديل على المادة رقم (10) من المرسوم بقانون (33) لسنة 2002 بشأن قانون النقابات العمالية، مؤكدين أن هذا القانون فريد من نوعه في المنطقة إذ أعطى العاملين امتيازات تضمن لهم حقوقهم.
وأشار نقابيون إلى أن النقابات لم تتبن تعديل المادة 10 من قانون النقابات العمالية، وانهم كانوا واضحين مع النواب، بشأن وضوح القانون الذي يحقق كل ما يكفل حق العامل البحريني.
الوسط - هاني الفردان
قال مستشار الاتحاد العام لعمال البحرين محمد المرباطي إنه «ضد أي تعديل على قانون النقابات العام أو شطب أية كلمة وتدخل أية جهة كانت»، مؤكدا «ان القانون شامل ويوفي بالشروط الموضوعة من قبل منظمة العمل العالمية».
وأضاف ان مجلس النواب و بـ «نية حسنة» يسعى إلى إغلاق باب الحجة لدى ديوان الخدمة المدنية والمؤسسات الحكومية التي كانت تتحجج بالمادة رقم 10 في عدم أحقية العاملين في المؤسسات الحكومية بتأسيس نقاباتهم وإنما الانضمام إليها فقط.
وقال: «إن المشروع المطروح الآن في المجلس الوطني يدور حول فقرة في المادة التي تنص على أنه يحق للعمال في أية منشاة أو قطاع معين أو نشاط محدد أو صناعات أو حرف متماثلة أو مرتبطة ببعضها البعض تأسيس نقابة خاصة بهم وفق أحكام هذا القانون، ويكون للعاملين المخاطبين بأنظمة الخدمة المدنية حق الانضمام إليها».
وأكد المرباطي: «ان هذه المزاعم تمس جوهر القانون وأهدافه الأساسية التي جاءت في المادة 2 من القانون والتي تنص على أنه تسري أحكام هذا القانون على العاملين المخاطبين بأحكام قانون العمل في القطاع الأهلي والعاملين المخاطبين بأحكام قانون العمل البحري والعاملين المخاطبين بأنظمة الخدمة المدنية»، مشيرا إلى أن المادتين الثانية والعاشرة أعطت العاملين في المؤسسات الحكومية هامشا أوسع في العمل النقابي وهو حق تأسيس النقابات وكذلك الانضمام في النقابات الأخرى، وإن شطب الفقرة التي تقول «يكون للعاملين المخاطبين بأنظمة الخدمة المدنية حق الانضمام إليها (أي النقابات الأخرى)».
وأضاف ان أي تعطيل لقانون 33 لسنة 2002 بشأن قانون النقابات العمالية يعتبر خرقا للدستور والمواثيق الدولية إذ إن القانون صدر بمرسوم ملكي والمادة الخامسة من القانون نفسه والتي تنص «على رئيس مجلس الوزراء والوزراء كلا فيما يخصه تنفيذ هذا القانون ويعمل به من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية» أي في 24 سبتمبر/ أيلول 2002.
ومن هنا فإن المصدر المسئول في ديوان الخدمة المدنية أعلن «ان أي إجراء يتخذ بشأن التنظيم النقابي لموظفي الخدمة المدنية لا يكون قانونيا إلا بعد استكمال الإجراءات القانونية والتنظيمية المذكورة»، لا يمكن الأخذ به في مقابل وجود قانون فهو مازال في نطاق التصريح في مقابل مرسوم ملكي واضح للعمل بالقانون.
وقد تحولت قضية إنشاء نقابة خاصة بالعاملين في المؤسسات الحكومية إلى مجادلة علنية بين الوزارة المعنية وديوان الخدمة المدنية من جهة وبين النقابات العمالية من جهة أخرى بعد أن أعلن مصدر مسئول في ديوان الخدمة المدنية «أن العمل جار لإنجاز الإجراءات القانونية والمتطلبات التنظيمية والإدارية بشأن تحقيق ما جاء في كلمة حضرة صاحب الجلالة الملك المفدى بمناسبة لقائه بعدد من موظفي الخدمة المدنية في المملكة فيما يخص تشكيل النقابات الخاصة بموظفي الدولة بعد اعتماد النظام الشامل للعاملين فيها»، وقال المصدر «ولما كان مجلس النواب قد وافق بموجب قراره رقم 28 في جلسة رقم 20 المنعقدة في يوم الثلثاء الموافق 20 مايو/أيار 2003م على الاقتراح بقانون بتعديل نص المادة 10 من قانون النقابات العمالية وأحال هذا الاقتراح إلى الحكومة لوضعه في صيغة مشروع قانون يعرض بعد ذلك على مجلس النواب ويحال إلى مجلس الشورى تمهيدا للموافقة عليه وإصداره، فإن هذا يعني أن العمل جار لاستكمال الاجراءت القانونية والتنظيمية التي أشار إليها الملك المفدى في كلمته السامية وان أي إجراء يتخذ بشأن التنظيم النقابي لموظفي الخدمة المدنية لا يكون قانونيا إلا بعد استكمال الإجراءات القانونية والتنظيمية المذكورة. ويرى القائمون على تشكيل النقابة أن هذا العمل يأتي ضمن الحقوق الدستورية والاتفاقات الدولية التي وقعتها البحرين، وان هناك من يحاول عرقلة هذه المساعي لسنوات طويلة خصوصا داخل وزارات الدولة، وانهم سيستمرون في تشكيل النقابة من دون الاعتراف بتعميم ديوان الخدمة المدنية لأنه قرار لا يمكنه أن يطغي على سيد القوانين وهو الدستور الذي يجيز ذلك في مادتيه 37 و38. بينما تأكدت مخاوف رئيس نقابة العاملين في البريد جمال عتيق عن بعض الأمور التي رآها غير مفهومة في خطاب جلالة الملك ومنها «تشكيل النقابات الخاصة بموظفي الدولة واعتماد النظام الشامل للعاملين بها وذلك بعد استكمال الإجراءات القانونية والتنظيمية المناسبة وتأييد جلالة الملك لم يوقعه المجلس النيابي بهذا الشأن»، مؤكدا ان مفهوم الإجراءات القانونية غير واضح، وتساءل عتيق في تصريح سابق «هل يعني ذلك ان النقابات العمالية القائمة تحتاج إلى إعادة تشكيل من جديد»، كما إنه لم يرى إشارة واضحي لسحب تعميم ديوان الخدمة المدنية.
واكد «ان موقف الملك كان قد حسم الأمر والتأويل في تفسير قانون النقابات العمالية، إلا أن ديوان الخدمة المدنية دائما يجتهد في التفسير لعرقلة الحركة النقابية وبأية طريقة فقط».
وأشار عتيق إلى موضوع تعديل المادة 10 من قانون النقابات العمالية مؤكدا ان النقابات لم تتبن هذا الموقف، وانهم كانوا واضحين مع النواب، بشأن وضوح القانون الذي يحقق كل ما يكفل حق العامل البحريني.
ويرى عتيق العمل أن النقابي له أفق ورؤيا لا يعرفها النواب «لأنهم لم يمارسوا العمل النقابي» وان العمال من حقهم الالتقاء في نقابة عامة بحيث توحد العمل النقابي، وقال «نرفض التغيير الذي ذهب إليه بعض النواب بحسن نية في شطب فقرة في هذه المادة».
وقال عتيق إن حرية العمل النقابي تعطي العمال حق تنظيم عملهم بأنفسهم، مؤكدا ان خطاب جلالة الملك «يشير إلى أن الوزارات تنظم وضعها لتقبل التعامل مع النقابات وليس لتنظيم وضع النقابات».
وأضاف: «ان ليس من حق احد أن يوقف أي عمل نقابي وان يصرح بأن النقابات الموجودة غير قانونية، وان توصف الإجراءات بأنها إجراءات غير شرعية»، مشيرا إلى ان النقابات تستمد شرعيتها من نظامها الأساسي وإرادتها والقانون وان ديوان الخدمة المدنية لا يعطي الشرعية لأية نقابة أو يسحبها منها وفقا لنص المادة 11 من القانون «تتم إجراءات تكوين النقابات بإيداع نظامها الأساسي وأسماء مؤسسيها لدى الوزارة (وزارة العمل والشئون الاجتماعية) بشرط ألا يتعارض النظام مع أحكام القوانين واللوائح السارية في المملكة».
فقد أكد رؤساء النقابات ان تأسيس النقابات جاء وفقا للقانون ودستور المملكة والاتفاقات والمعاهدات الدولية التي وقعت عليها المملكة، مشيرين إلى «ان النقابات تثبت شرعيتها من ذاتها وهي تؤخذ ولا تعطى».
وأشارت النقابات للكثير من المعاهدات والاتفاقات الدولية وأهمها الإعلان العربي لحقوق الإنسان المادة 2 والتي نص على «تكفل الدولة الحق في تشكيل النقابات» والإعلان العالمي لحقوق الإنسان المادة 23 الفقرة (4) «لكل شخص حق إنشاء النقابات مع الآخرين والانظمام إليها لحماية مصالحه»، والاتفاق الأوروبي العام 48 «يحمي الاتفاق حق الاجتماع وحرية تكوين النقابات والاتحادات والحق في الانتخابات الحرة عن طريق الاقتراع السري»، ومنظمة العفو الدولية «تقوم المنظمة في الأمم المتحدة ومنظماتها بدور التصدي إلى الانتهاكات التي ترتكب ضد الحريات النقابية»، والاتفاق الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في الأمم المتحدة المادة 8 الفقرة (أ) والتي تنص على «العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وحق كل شخص في تكوين النقابات بالاشتراك مع الآخرين والانضمام إلى النقابة التي يختارها دونما قيد سوى قواعد المنظمة المعنية». وقال رؤساء النقابات كل هذه الاتفاقات وغيرها البحرين موقعة ومشاركة فيها وتلزمها باحترامها والأخذ بها كما جاء في دستور مملكة البحرين المادة 37 والتي تنص على «يبرم الملك المعاهدات وتكون للمعاهدة قوة القانون بعد إبرامها والتصديق عليها ونشرها في الجريدة الرسمية»
العدد 319 - الإثنين 21 يوليو 2003م الموافق 21 جمادى الأولى 1424هـ