العدد 326 - الإثنين 28 يوليو 2003م الموافق 29 جمادى الأولى 1424هـ

اتفاق التبادل الحر مع واشنطن يفتح للمغرب صراعا مع الاتحاد الأوروبي

الاقتصاد المغربي ضعيف للغاية على الساحة الدولية، فهو أضعف اقتصاد مثلا في البحر الأبيض المتوسط، لكن المثير أنه وجد نفسه في مأزق حقيقي بين أكبر قوتين تجاريتين واقتصاديتين في العالم، الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة.

فالمفاوضات الجارية بين الرباط وواشنطن للتوقيع على اتفاق التجارة الحرة والذي قطع أشواطا بعد اجتماعات واشنطن والرباط وجنيف لا يحظى برضا الاتحاد الأوروبي الذي يعتبره ضربة أميركية موجهة إلى سياسته أكثر بكثير من مجرد اتفاق تجاري بين بلدين.

فلا يمكن إخفاء الطابع السياسي لهذا الاتفاق، وأنه يدخل ضمن صراع سياسي موجه لضرب فرنسا، الحليف الاقتصادي والسياسي الرئيسي للمغرب وفق أسبوعية الأيام المغربية، وكانت وزيرة التجارة الفرنسية هي الأولى التي رفعت صوتها لتؤكد أن هذا الاتفاق ليس في صالح المغرب ولا في صالح الاتحاد الأوروبي.

وترى الأسبوعية أنه كما تجاوزت مجلس الأمن الدولي وخرقت الشرعية الدولية، تعمل واشنطن على تجاوز توصيات المنظمة العالمية للتجارة عبر محاولة الحفاظ على ما تعتبره مصالحها، هذه المصالح التي تخوض من أجلها حروب عسكرية وسياسية كما وقع في العراق.

وزير التجارة الأميركي روبر زوليك لم يخفى ذلك في تصريح علني يوم 2 يونيو/ حزيران الماضي عندما قال «واشنطن لن تسمح لأية دولة بفرض الفيتو ضد تجارتنا الدولية في المنظمة العالمية للتجارة، ولهذا فإذا كانت فرنسا تعيق مساعينا فسنبني ائتلافا تجاريا مع مجموعة من الدول بالتوقيع على اتفاقات تجارية للتبادل الحر مع الدول التي سنختارها».

وهكذا، فقد وقعت واشنطن اتفاق التبادل الحر مع سنغافورة في مايو / آيار الماضي ومع التشيلي منذ أسابيع قليلة وهناك المفاوضات الجارية مع المغرب وأستراليا وخمس دول من أميركا الوسطى ومع أعضاء الاتحاد الجمركي لدول جنوب إفريقيا مثل ناميبيا وجنوب إفريقيا وبوتسوانا.

والمثير أن أولى الانتقادات بشأن اتفاق التبادل الحر بين الرباط وواشنطن صدرت من فرنسا التي اعتبرتها ليس فقط موجهة ضد الاتحاد الأوروبي وإنما ضدها هي كذلك. فهل سيكون الاتفاق مع الولايات المتحدة مكلفا لعلاقات المغرب مع المجموعة الأوروبية ومع فرنسا الحليف التقليدي للرباط؟

وتفاديا لمزيد من الضغط على المغرب، قالت كاترين نوفيلي رئيسة الوفد الأميركي المفاوض في اتفاق التبادل الحر الخميس من الأسبوع الماضي على هامش انتهاء الجولة الرابعة من هذه المفاوضات في واشنطن «ليعلم الاتحاد الأوروبي أن هذا الاتفاق لا يشكل أدنى خطر عليه».

الانعكاسات السلبية لم تتأخر، مصدر من المفوضية الأوروبية كان قد صرح لوسائل الإعلام الإسبانية أن «الاتحاد الأوروبي سوف لن يقبل الفتات الذي سيتبقى عن اتفاق التبادل الحر، ولن نتنازل للمغرب عن أي شيء»، وهو ما يحدث في الوقت الراهن، فسنة كاملة مرت ولم يتوصل المغرب والاتحاد الأوروبي إلى التوقيع على بروتوكول التبادل الزراعي، لتكون الزراعة المغربية ضحية صراع سياسي لم يحسب له ألف حساب

العدد 326 - الإثنين 28 يوليو 2003م الموافق 29 جمادى الأولى 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً