أصدر الاجتماع الوزاري العربي، الذي عقد في اطار الاعداد للمؤتمر الوزاري الخامس لمنظمة التجارة العالمية الذي ستستضيفه مدينة كانكون المكسيكية في سبتمبر/أيلول المقبل، توصياته في ختام أعمال الاجتماع الذي نظمته «الاسكوا» وبدعوة منها يومي 24 و25 من الشهر الجاري.
وعلى هامش المؤتمر التقت «الوسط» وزير الاقتصاد والتجارة اللبناني مروان حمادة. وفيما يأتي نص المقابلة:
ما تقييمكم لهذا المؤتمر لاسيما ان الوقت المنفصل عن اجتماع كانكون قصير جدا، كما ان جدول أعمال المؤتمر مثقل بالبنود، في حين ان الحد الأدنى من التفاهم غير متوافر إلى الآن كما يقال في أروقة المؤتمر، فما رأيك؟
- الحقيقة كما في العام 2001 في الدوحة والآن قبل كانكون تشكل محطة بيروت مفصلية في تحديد موقف عربي ولا أقول توحيد موقف عربي لأنه برزت في الاجتماع اجتهادات مختلفة بعض الشيء عن مقاربة قضايا كالزراعة والخدمات وغيرها ما دفع ببعض رؤساء الوفود إلى الاعتراف بحقيقة الاختلاف العربي، ولكن عادت الامور بعد المناقشة إلى اعتماد وجوب الخروج بموقف عربي يعتبر وثيقة تقدم إلى مؤتمر كانكون اسوة بما فعلته الدول الإفريقية والآسيوية والأميركية اللاتينية، مع الاتفاق على الحد الأدنى من القواسم المشتركة التي تم حصرها وتحديدها في جلسات اليومين الماضيين. نستطيع القول إن لقاء بيروت سيخرج بموقف عربي منسّق ومنسجم، ولو اعترفنا على صعيدي الوزراء والخبراء ببعض الاختلافات بين الدول التي يغلب في اقتصادها الطابع الزراعي ودول اخرى لها طابع اقتصاد الطاقة، واخرى تعتمد الخدمات كلبنان مثلا. ان الاقتصادات مختلفة ولكن الاتفاق قائم وأكيد في دعم الدول العربية بعضها بعضا في المفأوضات الثنائية أو المتعددة الأطراف التي تسبق عادة المفاوضات مع منظمة التجارة العالمية أو التي ترافق تطبيق بنود الاتفاقات. من هنا اسجل للاسكوا الشكر على هذه المبادرة ولبيروت التقدير لكونها العاصمة التي تقلص الخلافات العربية وتجميع الآراء العربية ولزملائنا الوزراء على اختلاف مشاربهم الايديولوجية والمصالحية التوق للخروج بموقف منسّق.
ألا يجعل من غياب بوصة واحدة من التكامل الاقتصادي العربي موقفا ضعيفا لدى الذهاب إلى التفاوض مع منظمة التجارة العالمية؟
- طبعا، وفي اساس خطابي الأول الذي افتتحت فيه مؤتمر الخبراء الذي سبق الاجتماع الوزاري، أكدت فيه وجوب اعتماد قاعدة التكامل العربي عبر السوق العربية المشتركة واتفاق التيسير كأساس للدخول مجتمعين في المفاوضات مع العالم الخارجي. للاسف بعض الظروف السياسية التي لم تفصلها بعض الدول العربية عن خياراتها الاقتصادية ما أثقل على مسألة التوحيد والتنسيق. نحن نرى ان ما خرج به المؤتمر سيشكل صوتا عربيا واحدا سينقل إلى كانكون حمل نقاط كثيرة ولو لم يكن موحدا عن كل النقاط.
ما يحكى عن إصلاحات يجري إعادة النظر بها في الدول العربية سواء على الصعيد الاقتصادي أو الإداري، ألا يبدو وكأنها مفروضة من الخارج أكثر مما هي نابعة من داخل كل دولة ومن حاجياتها؟
- يجب ان نعترف بأن الدول العربية التي للأسف أضحت لا تمثل إلا 3 في المئة من التجارة العالمية بينما كانت تشكل 13 في المئة العام 1983، فلا هي اللاعب الأول وإنما هي مجرد كومبارس على المسرح الاقتصادي الدولي، ومن الطبيعي بذلك ان تكون دولا تحأول التكيف مع خيارات الكبار أكثر من صوغها لمواقفها هي، على الأقل ان يكون التكيف ناجحا وان يأخذ بعين الاعتبار المصالح الذاتية والقومية بحيث لا يكون التكيف مجرد نقل لتجارب وسياسات مجتمعات أخرى واقتصادات أخرى.
بصفتك سياسيا ومثقفا عربيا وصاحب تاريخ من حمل الهموم العربية، هل ترى انه من الممكن ان يكون للإصلاحات الاقتصادية في الدول العربية نوع من التأثير على الجانب السياسي بما يجعله أكثر مرونة باتجاه اعتماد المؤسسات حتى لا نقول باعتماد الديمقراطية كما في الغرب؟
- ان الكل يطمح إلى ديمقراطية ما في إطار ثقافتنا وعادات شعوبنا. أنا لم أقل أو اطالب يوما بنقل الديمقراطية الغربية بحذافيرها، ولكن اذا كانت الديموقراطية تعني مشاركة الشعب ومساءلة المسئولين واجراء الانتخابات فهذا أمر ضروري، وأنا أرى انه لا محال وستضطر الأنظمة العربية الملكي منها أو الجمهوري أو الجمهوري بالوراثة اي ملكيو بالوراثة ان تنتقل إلى مقاربة أخرى من الممارسة السياسية في بلادها. ان حقوق الانسان اذا كانت بما يخص الانسان الغربي فمن الطبيعي ان نتحسس منها، ولكن حقوق الانسان العربي تجاه الغرب وتجاه انفسنا وتجاه انظمتنا هي التي يجب ان تكون غالبة. وبرأيي ان تطور الأمور الاقتصادية سيجر حتما تطورا في الانظمة السياسية
العدد 326 - الإثنين 28 يوليو 2003م الموافق 29 جمادى الأولى 1424هـ