استقبل الفلسطينيون أمس أسراهم المفرج عنهم بمزيج من الفرح والدموع عند الحواجز الأمنية في الضفة وغزة. وبين بكاء النساء وفرحة المحرَّرين اصطف العشرات من الصحافيين والمصورين لتصوير المشهد الذي يخشى الفلسطينيون عدم تكراره مجددا بسبب العنجهية التي تطبقها حكومة أرييل شارون. ولم تتمالك النساء أنفسهن فسقط بعضهن مغشيا عليهن فور رؤية أسراهن المحررين، ولكن الاحتلال نغّص فرحة الفلسطينيين فأعاد اعتقال أربعة من الأسرى بعد دقائق من إطلاق سراحهم بذريعة عدم ورودهم على قائمة الاسماء.
من جانبها طالبت السلطة الفلسطينية بوضع جدول زمني للإفراج عن كل المعتقلين الفلسطينيين معتبرة أن الإفراج عن قسم منهم أمس جاء «مخيبا للآمال». وقال وزير شئون الأسرى هشام عبدالرازق انه «إجراء إسرائيلي مخيب للآمال لأنه لم يأت سوى بجزء من المعتقلين، فهناك آلاف الأسرى في سجون الاحتلال» مشددا على ضرورة وضع جدول زمني ملزم للإفراج عن جميع المعتقلين. وفي الوقت ذاته اعتبرت حركتا حماس والجهاد الإفراج عن مئات المعتقلين «خدعة» إسرائيلية، وشددتا على ضرورة الإفراج عن كل المعتقلين من دون تمييز.
الأراضي المحتلة - محمد أبوفياض، وكالات
بدأت سلطات الاحتلال أمس بإطلاق سراح دفعة أولى من 340 أسيرا فلسطينيا قررت إخلاء سبيلهم، وسط خيبة أمل فلسطينية. وقال مراسلون أجانب في فلسطين إن «العشرات من الأسرى أطلق سراحهم عند أربع نقاط تفتيش في الضفة الغربية والمعبر الرئيسي بين «إسرائيل» وقطاع غزة التي أحيطت بإجراءات أمنية مشددة». وتوافد أهالي المعتقلين مع ساعات الصباح الأولى على ممر ترقوميا أحد الحواجز التي سيتم إنزال المعتقلين فيها من الحافلات التي أقلتهم من المعتقلات الإسرائيلية.
وتقول الحكومة الإسرائيلية إنها ستخلي سبيل 352 أسيرا فلسطينيا، على أن يفرج الأسبوع المقبل عن مئة أسير تصنفهم «إسرائيل» في دائرة السجناء الجنائيين.
وتقول «إسرائيل» إن الإفراج عن هؤلاء الأسرى يأتي كبادرة حسن نية تهدف إلى المساعدة في تقدم عملية السلام ودعم «خريطة الطريق». أما الفلسطينيون فيطالبون بالإفراج عن أكثر من سبعة آلاف أسير لا يزالون يقبعون في السجون الإسرائيلية.
وعارض الفلسطينيون الخطوة الإسرائيلية، ووصف الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات الإفراجات بأنها «خداع وضحك على الذقون» لكون معظم المشمولين في العملية قد أكملوا تقريبا محكوميتهم، فضلا عن اعتقال ضعف العدد من الفلسطينيين في الأيام القليلة الماضية. إلى ذلك علمت «الوسط» من مصادر فلسطينية ان سلطات الاحتلال الإسرائيلي زجت بعضو المجلس التشريعي الفلسطيني المعتقل رئيس لجنة الدفاع عن حقوق اللاجئين الفلسطيني حسام خضر إلى العزل الانفرادي في إحدى زنازين سجن بئر السبع. وأكد أسرى فلسطينيون في سجن الرملة أن إدارة السجن نقلته وحده بشكل مفاجئ ومن دون إبلاغهم إلى أية جهة تم نقله، إلا أن معلومات تسربت أفادت أنه تم نقله إلى سجن بئر السبع سيئ الصيت.
وقالت رئيسة نادي الأسير الفلسطيني في الضفة الغربية خالدة جرار إن «معظم الأسرى المحررين أمس نصفهم من المعتقلين الإداريين من دون محاكمة، في حين أن 80 في المئة من الأسرى لم يبق على إكمال حكمهم سوى أيام أو أشهر».
وقال مستشار الرئيس الفلسطيني نبيل أبوردينة إن العدد المحدود للذين أطلق سراحهم أمس خطوة غير كافية، ويتوجب على «إسرائيل» أن تطلق سراح جميع الأسرى في سجونها. وقال أحد الأسرى المحررين خالد سعادة من بيت لحم لمراسلين أجانب، إنه معتقل إداريا لم يبق على محكوميته سوى 8 أيام، في حين أن الأسير المحرر زياد سليم لم يبق على محكوميته التي أمضى منها شهرين سوى شهر واحد. وقال ثالث من دورا الخليل إنه أمضى 36 شهرا من محكوميته ولم يبق له سوى أربعة أشهر. وفي خطوة استفزازية تصعيدية، ذكرت وسائل الإعلام الإسرائيلية أمس أن نوابا إسرائيليين من حزب الليكود اليميني يعتزمون التوجه اليوم إلى باحة المسجد الأقصى على رغم الحظر الرسمي الذي أصدرته الشرطة في هذا الشأن. وقالت صحيفة «يديعوت احرونوت» ان النواب في (الكنيست) يولي ايدلشتاين ويحيئيل حزان واينبال غابرئيلي الأعضاء في الحزب الذي يتزعمه رئيس الوزراء ارييل شارون يعتزمون زيارة الموقع باسم الحصانة البرلمانية التي يمتلكونها.
وكانت الشرطة الإسرائيلية علقت في نهاية يوليو/تموز زيارة غير المسلمين لباحة المسجد الأقصى بعد أن سمحت بذلك على رغم الاحتجاجات الفلسطينية قبل أسابيع. إلى ذلك يبدأ رئيس الوزراء الفلسطيني محمود عباس اليوم أول زيارة له للمملكة العربية السعودية منذ توليه مهمات منصبه تستغرق أربعة أيام. ويبحث أبومازن خلال الزيارة آخر مستجدات القضية الفلسطينية والأوضاع على الساحتين العربية والدولية إضافة إلى عدد من الملفات الاقتصادية والأمنية الفلسطينية.
من جانب آخر، قال مسئولون في الشرطة الإسرائيلية ان الانفجار الذي وقع في سيارة في شارع مزدحم بتل أبيب أمس وألقت الشرطة مسئوليته على عصابات إجرامية أدى إلى مقتل رجل وإصابة اثنين. وقالت الشرطة الإسرائيلية إنها لا تشتبه في ضلوع نشطاء فلسطينيين في التفجير.
وقال المتحدث باسم الشرطة الإسرائيلية جيل كليمان لا نرى أية صلة إرهابية. نتعامل معه الآن على انه انفجار ذو صلة بعالم الجريمة الخفي. وصرح كليمان بأن الانفجار الذي وقع في شارع مزدحم أدى إلى مقتل رجل وإصابة اثنين. وقالت الشرطة الإسرائيلية إن الانفجار الحق أضرارا بسيارة قال راديو «إسرائيل» إنها مملوكة لمجرم معروف في تل أبيب.
وتوغلت قوات الاحتلال تدعمها الآليات العسكرية في المنطقة الشرقية لمدينة أريحا في الضفة الغربية صباح أمس وفرضت حظر التجوال. وقال فلسطينيون إن «قوات الاحتلال اعتقلت ثمانية من أفراد الشرطة الفلسطينية بالمدينة. وشاركت في عملية الاقتحام نحو 20 مدرعة ودبابة إسرائيلية وحاصرت عددا من المنازل». وتتمركز قوات الاحتلال التي توغلت في شارع المغطس قرب معسكر فلسطيني للتدريب تابع للقوة 17 التي تؤمن حراسة الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات.
وادان عضو المجلس التشريعي الفلسطيني صائب عريقات عملية الاجتياح، وتساءل إذا ما كان المقصود هو الإعلان لاحقا عن انسحاب إسرائيلي من تلك المدينة التي يعتبرونها محررة.
وفي تطور آخر أفادت الأنباء أن قوات الاحتلال شنت فجر أمس حملة دهم وتفتيش في قرية صير جنوبي مدينة جنين شمالي الضفة الغربية.
القاهرة - د ب أ
اتهم مصدر أمني إسرائيلي إيران «بتمويل معظم الهجمات» التي نفذتها الفصائل الفلسطينية منذ اتفاق الهدنة الذي أعلنته كبرى فصائل المقاومة الفلسطينية. ونقلت صحيفة «هاآرتس» في موقعها على الانترنت أمس عن المصدر الأمني قوله إن «معظم الهجمات التي وقعت منذ توقيع اتفاق وقف إطلاق النار بين السلطة الفلسطينية والفصائل المتشددة في يونيو/حزيران نظمها أعضاء من حركة فتح الذين تلقوا أوامرهم وتمويلهم من إيران». وقالت الصحيفة إن «المتشددين المسلحين الذين تلقوا أوامر من إيران أعضاء في خلايا محلية تابعة لكتائب شهداء الأقصى المحسوبة على حركة فتح التي يتزعمها رئيس السلطة الفلسطينية ياسر عرفات لكنها لا تلتزم بالضرورة بالأوامر التي تصدرها القيادة السياسية للحركة». وأضافت أن هذه العناصر «تعتمد أكثر على الأموال والأوامر الآتية من إيران ومنظمة حزب الله التي تدعمها إيران في لبنان». وقالت إن «المنظمات المتشددة تحاول أيضا إرسال ممثلين لها إلى الخارج عبر معبر رفح بالقرب من الحدود المصرية»
العدد 335 - الأربعاء 06 أغسطس 2003م الموافق 08 جمادى الآخرة 1424هـ