العدد 335 - الأربعاء 06 أغسطس 2003م الموافق 08 جمادى الآخرة 1424هـ

نظام إيران شمولي ولابد من تدخل أميركي

حفيد الخميني لـ «الوسط»:

دعا حفيد آية الله الإمام الخميني السيدحسين الخميني أمس إلى إقامة نظام علماني في إيران يعزل رجال الدين عن ساحة الحكم وليس في معنى إرساء دعائم نظام يحارب الدين.

وكرر حسين الخميني في حوار أجرته معه «الوسط» في النجف الاشرف في العراق التي يزورها حاليا دعوته إلى إجراء استفتاء شعبي حتى يتمكن الجميع من تقرير مصيرهم وتحديد رغبتهم في مسألة إقامة نظام حكم ديني أم لا. واستشهد بمقولة للإمام الخميني في اليوم الأول من وصوله إيران إذ قال «إن الحكومة الشاهنشاهية حتى وان كانت قانونية، فان اباءنا لم يكن لهم الحق في تقرير مصير الأجيال المقبلة» وحال الإيرانيون اليوم هو كذلك.

ودافع حسين عن حرية المرأة وقيمة الفرد في المجتمع، وأشار إلى أن ولاية الفقيه مسألة خلافية بين فقهاء الشيعة، ووصف النظام القائم حاليا في إيران بأنه شمولي وقال إن الشمولية دكتاتورية في جوهرها.

وأعرب حفيد الخميني في الحوار عن تأييده لتدخل الولايات المتحدة في إيران لإرساء دعائم ما اسماه الحرية والديمقراطية، وقال: إنها فعلت ذلك بالحرب التي شنتها على العراق مشيرا إلى «أن بغداد تنعم بالحرية حاليا والوضع هناك يتجه نحو التحسن».

ورفض حسين الإعتراف بوجود حركة مقاومة مسلحة ضد قوات الاحتلال في العراق، وقال «إن ما يجري هو عمليات يقوم بها أذناب النظام السابق».


حفيد الخميني في حوار مع «الوسط»

أميركا أرست الحرية في العراق وأدعم تدخلها في إيران

النجف - الوسط

عقب سلسلة التصريحات التي أطلقها في الأيام الأخيرة بخصوص الوضع في إيران، التقت «الوسط» حفيد الإمام آية الله الخميني السيدحسين الخميني، وأجرت معه الجوار الآتي الذي أكد خلاله ما سبق أن ذكره من ضرورة إجراء استفتاء على طبيعة نظام الحكم، وتأييده لتدخل أميركي يعيد الحرية الى الشعب الإيراني كما حدث في العراق، ووصف النظام الحالي في طهران بأنه «شمولي».

وإذا طلبت منه التعريف عن نفسه يقول: «انه من رجال الدين الذين وصلوا إلى رتبة الاجتهاد بعد سنوات من البحث والدرس في النصوص والأحاديث الشريفة عن النبي والأئمة المعصومين من أهل بيت الرسول (ص)»، ويضيف «وصلت في النهاية إلى ضرورة فصل الدين عن الدولة، وإقامة حكومة مدنية لا يحكمها رجال الدين، لأن الدين محصور في شخص النبي وخلفائه المعصومين».

هل لك أن تشرح لنا كيف ترى فصل الدين عن الدولة؟ وما النظام السياسي الذي تريده لإيران؟

- في كل الأزمنة وفي كل الأمكنة تقول الآية القرآنية الكريمة: «أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم» (النساء: 59). هؤلاء الأولياء محصورون في الأئمة الاثني عشر الذين يتولاهم الشيعة، وأولهم أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب (ع) وآخرهم الإمام الحجة المنتظر (ع) الذي يعيش الآن في الغيبة. هؤلاء تجب لهم الطاعة.

الطاعة يجب أن تكون أولا لله. وإذا كان هناك احتمال ـ ولو قليلا ـ بحصول خطأ أو اشتباه، فإن العقل لا يحكم بالطاعة. العقل إذا يحكم بالطاعة إذا كان المُطاع معصوما عن الخطأ. وهذا محصور في ذات الله تبارك وتعالى والنبي، لان له وحي الله وهو معصوم من الجدل والخطأ، ويرتبط بالله ارتباطا لا يدخل فيه الشك والسهو والنسيان. والخلفاء الذين يمكن أن يكونوا مطاعين هم خلفاء الرسول (ص)، وهم أيضا يجب أن يكونوا معصومين كما كان النبي معصوما عن الخطأ. وخليفة رسول الله ليس كخليفة أشخاص يحتلون مناصب. يجب أن يكون خليفة رسول الله نفسه متحدا ومشابها لنفس الرسول، وهذا لم يتحقق إلا في شخص أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع).

والأئمة المعصومون أُبعدوا عن ساحة الحكم. والخليفة الثاني عشر الإمام المهدي المنتظر (ع) غائب وهو الذي يستطيع أن يتولى المنصب لإقامة القسط الإلهي على الأرض. والآية الكريمة: «ونريد أن نمن على الذين استُضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين» (القصص: 5) خُصصت له. ويكون هؤلاء الذين يمكن أن يعول عليهم في إقامة دين الله على الأرض، وغير هؤلاء لا يمكن أن يكونوا خلفاء لا بحكم العقل ولا بحكم النصوص.

جدكم الإمام الخميني هو الذي أسس النظام الإيراني الحالي الذي يقوم على أساس أن الإسلام هو دين الدولة، وانتم تدعون إلى فصل الدين عن الدولة. كيف تفسرون هذا التناقض؟

- هذه مسألة خلافية بين فقهاء الشيعة. بعض الفقهاء يقولون بولاية الفقيه، وأن المعصومين أجازوا أن يكون الفقيه نائبا عنهم في بعض الأمور. والإمام الخميني عمّم هذا الأمر على الحكومة. إذا مسألة ولاية الفقيه مسألة خلافية فبعض الفقهاء يؤيدونها، ولكن أكثر فقهاء الشيعة لا يلتزمون بمبدأ ولاية الفقيه هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى فان هذه الولاية المطلقة التي طرحت في إيران هي بمثابة القول الشاذ والمنحصر بما قاله الإمام الخميني (رضي الله عنه).

هل يعني هذا أنكم تدعون إلى نظام علماني في إيران؟

- نعم علماني، بمعنى فصل الدين عن الدولة لا بمعنى إرساء نظام يحارب الدين. القصد هو عزل رجال الدين والذين يتولون أمور الدين عن ساحة الحكم.

كيف ترون هذا النظام الجديد؟ علما بأنكم اتهمتم النظام الإيراني بالدكتاتورية؟

- لأن الفكر الذي يتولونه ويمارسونه هو الفكر الشمولي، تماما كالفكر الشيوعي والفكر النازي والفكر الفاشي. وعلى رغم انه فكر ديني فإنه يمتلك طابعا شموليا. والحكومات الشمولية ـ كما نعلم ـ هي حكومات دكتاتورية في جوهرها، والدكتاتورية التي أرسيت في إيران لها طابعها الديني.

أنتم ترفضون النظام الشيوعي والنظام الشمولي، وترفضون أن يكون الإسلام هو دين الدولة. اذا لم يبق أمامنا ـ في هذه الحال ـ إلا النظام الرأسمالي الليبرالي. هل هذا ما تدعون إليه في إيران؟

- نحن نؤكد شخصية الفرد. وبحسب قراءتنا والأدلة التي توصلنا إليها فإن الدين الإسلامي والنبي الأعظم (ص) والقرآن الكريم ركزوا على شخصية الفرد. الفرد له شخصية كاملة، غير تلك المصطنعات التي يفرضها عليها المجتمع. المجتمع يفرض أن يكون الفرد فداء للأمة وان يصبح فداء لشئون المجتمع. هذه ثقافات جائرة. هناك أفكار مكدسة منذ مئات السنين في أذهان الشعوب، لا تمت إلى الحقيقة بصلة. يقولون يجب أن يكون الفرد فداء للمجتمع، والمجتمع لا يمثل إلا شخص الحاكم وشخص الدولة، وهذا يعني عمليا أن كل الناس أصبحوا فداء للدولة. الإصرار على شخصية الفرد والمواطن أمر أساسي، فشخصية المواطن أهم من الوطن، المواطن هو الذي يشرف الوطن وليس الوطن هو الذي يشرف المواطن.

هذا يفترض تفصيلات وشروحات لماهية إسلام الدولة. نحن نرى أن إسلام الدولة هو الإسلام الذي قام به الأمويون والعباسيون إذ كانوا يضحون بالناس وبكل شيء لمصلحة الدولة. لكن علي ابن أبي طالب (ع) لم يكن هكذا. وعلى رغم انه كان حاكما على الأئمة فقد كان يهتم بشخصية الفرد. والسؤال: مم يتشكل المجتمع؟ المجتمع يتشكل من الأفراد. فكيف يضحَّى بالإفراد في سبيل المجتمع؟ هذه فكرة باطلة، والكل فداء للكل.

وماذا عن وضع المرأة في النظام الذي تبتغيه؟

- فرضوا على المرأة لبس الحجاب والتشادور. وهذا أمر يصعب احتماله وخصوصا في هذا الحر. أين مصلحة النساء في هذا؟ وهل أصبحت جميع النساء فدائيات لمصلحة النساء؟ هذا كلام لا معنى له. وإذا ما دققنا في هذا المعنى نجد انه معنى مستهزئ جدا. إن النساء كلهن فداء لكلهن. أين أصبحت حياتهن؟ أين أصبحت أهدافهن؟ يجب أن تكون المرأة حرة. فالأساس هو الحرية، والأساس هو حق الاختيار.

المرء هو الذي يختار الايمان، كما يختار الكفر. «فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر» (الكهف: 29). على المرأة أن تختار ما تريد سواء على صعيد عملها أو إقامتها أو سكنها، وما إلى ذلك. وان أرادت أن تكون متدينة أو متحجبة فلنترك لها حرية الاختيار. الأساس هو الاختيار، لا الفرض. الاختيار هو بمثابة الجوهرة للإنسان. وإذا انتزعنا هذه الجوهرة، لا يتبقى إنسان.

هذه السخافات الموجودة منذ عقود ما هي إلا أغلال تقيد أيدينا وأرجلنا. ونحن أصبحنا مزدوجي الشخصية. فوجودنا الإنساني وخاصيتنا الإنسانية تريدنا أن نكون أحرارا هذا من جهة، ومن جهة أخرى، فان الإلغاءات والثقافات التي تُفرض علينا فرضا تكبلنا، وتجعل منا ضحية للمجتمع. وهذا يُغرس في أذهاننا منذ الولادة حتى الممات. وهكذا نصبح ازدواجيين في آن واحد. لأن حقيقتنا تدعو إلى شيء والثقافة والتعليمات الخارجية التي تفرضها الدولة أو العائلة تدعو إلى ضده.

قلتم في تصريحات سابقة إنكم ترحبون بالولايات المتحدة فيما لو دخلت إلى إيران لإرساء الديمقراطية. هلا توسعتم في شرح هذه الفكرة؟

- نعم هذا ما قلناه؛ لان ما يهمنا هو الديمقراطية والحرية. إقامة الديمقراطية والتمتع بالحريات العامة هو الأساس. وإذا صار الأمر محصورا في تدخل الولايات المتحدة لإقامة الديمقراطية في إيران فليكن. نريد أن نستعيد حريتنا، وان نتخلص من الأغلال التي تقيدنا منذ مئات السنين.

الولايات المتحدة دخلت العراق، ولم ترسِ الديمقراطية حتى الآن. هل تعتقدون أن بامكانها إقامة الديمقراطية في طهران؟

- نعم، الولايات المتحدة دخلت العراق، وأدخلت معها الحرية. ليست هناك خدمات في العراق، ولكن هناك حرية. والأمور في تحسن حسبما رأيته بنفسي. أنا سأعود إلى إيران ـ وكإيراني ـ رأيت أن الحرية قائمة في العراق والناس أحرار، وهم أصحاب قرارهم. فمن يريد منهم أن يكون إسلاميا كان إسلاميا، ومن لا يريد فلا أحد يُرغمه على ما لا يرغب به. ليس هناك ضغط على العراقيين لاختيار ما يريدونه، وما يفتقر إليه العراق حاليا هو الخدمات.

كيف ترى مستقبل الوضع في العراق؟

- إنا متفائل جدا. بعون الله وقوته أولا وثانيا وأخيرا.

ما نوعية النظام الذي تراه مناسبا للعراق بعد سقوط النظام السابق؟

- المهم هو إرساء الحريات العامة وتحرير الناس من العبودية في العراق، وتقديم الخدمات العامة الأساسية كالماء والكهرباء والمستشفيات والطرقات، إلخ..

لكن، هناك عمليات وهجمات تستهدف الاميركيين، وهذا يعني أن العراقيين لم يقبلوا بعد بالوجود الاميركي؟!

- هذه عمليات مشتتة ومتفرقة وليس هناك شيء يسمى «مقاومة عراقية». المقاومة الحالية ما هي إلا تصرفات شخصية. والمقاومة العراقية إذا ما نمت وتطورت وتحققت لن تكون على الشكل الذي هي عليه اليوم، بل تكون هناك عمليات وهجمات أكثف وأكثر مما يحصل حاليا. هذه ليست مقاومة بل عمليات من بعض أذناب النظام السابق أو بعض الذين ليسوا على وعي.

نعود إلى إيران، نستطيع القول إنك تدعو إذا إلى تغير النظام الإيراني الحالي؟

- أنا أرسلت رسالة مفتوحة إلى مرشد الجمهورية السيد علي الخامنئي، ودعوت إلى إجراء استفتاء شعبي في إيران حتى يتمكن الإيرانيون من تقرير مصيرهم، ومعرفة ما إذا كانوا يريدون فعلا نظام الحكم الديني أم لا. لأن الإمام الخميني في اليوم الأول لوصوله إلى طهران قال إن الحكومة الشاهنشاهية ـ حتى وان كانت قانونية ـ فإن آباءنا لم يكن لهم الحق في تقرير مصير الأجيال القادمة. وحال الإيرانيين اليوم هو كذلك. لان الأكثرية الساحقة من الإيرانيين في بداية الثورة لم يكونوا في عمر يسمح لهم بإعطاء رأيهم في النظام الذي يرغبون به. ومعظمهم لم يكن وُلد أصلا. وهم الآن كما إيران في مأزق شديد.

المشكلات والصعوبات والمصائب كثيرة. فليُجرَ استفتاء شعبي لتقرير المصير. وإذا قرروا أنهم يرغبون في جمهورية إسلامية فليكن، وهكذا تدوم الجمهورية وتحلّ المشكلات

العدد 335 - الأربعاء 06 أغسطس 2003م الموافق 08 جمادى الآخرة 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً