جاء ناقوس الإنذار بعد أسابيع قليلة. بعد تفجير حافلتين كانتا تقلان جنودا ألمان إلى مطار كابول تمهيدا للعودة إلى بلدهم. تعرضت وحدة عسكرية هولندية إلى هجوم جديد أسفر عن جرح ثلاثة جنود هولنديين وكادت الخسائر أن تكون أكبر. وقد عزز الهجوم الجديد على قوات الحماية الدولية الاعتقاد عند القادة العسكريين الألمان أن الاعتداءات الأخيرة التي تستهدف الجنود الدوليين في أفغانستان تقع على مسئولية رئيس الوزراء الأفغاني الأسبق قلب الدين حكمتيار أحد أبرز خصوم ما يصفه بالتدخل الدولي في أفغانستان. وتواجه واشنطن وحلفاؤها مشكلات مماثلة للتي واجهها الروس في حقبة الثمانينات وربما أسوأ. فحين وجدت موسكو بعد غزوها أفغانستان مؤسسات حكومية تمارس مهماتها وكانت المقاومة ضد الاحتلال الروسي تعمل في جمع صفوفها، تواجه قوات الحماية الدولية الخطر من أطراف متعددة منتشرة في أرجاء البلاد البالغ عدد سكانها 27 مليون نسمة وعلى رغم مرور أكثر من عشرين سنة على الحروب في هذا البلد فإن النفوذ لم يحسم في وقت لفئة معينة باستثناء الطالبان الذين تعرضوا إلى هزيمة كبيرة حين قادت الولايات المتحدة تحالفا دوليا لإزالة حكم الطالبان والقضاء على منظمة «القاعدة» تحت ستار الحرب المناهضة للإرهاب. ولا يتوقع المراقبون أن يعم الأمن والاستقرار في أفغانستان على الأقل حتى العام المقبل إذ من المنتظر إجراء عملية انتخابية. على الصعيد السياسي ترك وزير الخارجية الجزائري الأسبق والمبعوث الخاص للأمم المتحدة في أفغانستان الأخضر الإبراهيمي المسئولين الألمان يناقشون طلبه بتوسيع مهمة حفظ الأمن والاستقرار وألا تشمل كابول فقط.
وقال الإبراهيمي إنه لا يفهم لماذا يدعو الألمان إلى انتشار العاملين في منظمات التنمية في مناطق بعيدة عن كابول بينما يخشون نشر جنود يحملون أحدث أنواع الأسلحة. منذ وقت الزيارة إلى برلين في يونيو/حزيران الماضي يبحث الخبراء في برلين عن إجابة مقنعة. وفقا لتقارير صحافية ترغب الحكومة الألمانية العمل بالنموذج الأميركي البريطاني وتشكيل فرق محلية لإعادة التعمير تعمل في فرض النظام وعودة الاستقرار إلى مناطق مختارة. وتتألف هذه الفرق من فرق ومساعدين مدنيين وخبراء لشرطة وجنود ولأول مرة تريد برلين أن تقوم القوات المسلحة الألمانية بحفظ الأمن خارج حدود العاصمة الأفغانية لكن هذه الخطوة لا تخلو من المخاطر.
إن الوعد الذي قدمه المستشار شرويدر للأفغان بتقديم مساعدات مجزية في حال عودة هذا البلد إلى العالم المتحضر، يبقى مجرد رغبة عند المواطنين الأفغان. في حين يدعو مقر المستشارية ووزارة الخارجية إلى زيادة المساهمة العسكرية الألمانية في أفغانستان وتوسيع المهمة لتشمل مناطق أخرى غير كابول، يحذر العسكريون الألمان من المخاطر المرتبطة بهذه الخطوة. وحين تفقد الجنرال ريشمان ومساعدوه ثلاث مناطق وجد الجنرال الألماني على الفور أن الجنود الألمان سيكونون تحت رحمة ضربات الإرهابيين وأورد هذا أيضا في تقريره
العدد 335 - الأربعاء 06 أغسطس 2003م الموافق 08 جمادى الآخرة 1424هـ