العدد 356 - الأربعاء 27 أغسطس 2003م الموافق 29 جمادى الآخرة 1424هـ

الولايات المتحدة تتصدر منابع غسيل الأموال

عملياته تتراوح ما بين 590 مليارا و1,5 تريليون دولار سنويا

المنامة - عبيدلي العبيدلي 

27 أغسطس 2003

يوم الخميس الماضي الموافق 22 أغسطس/ آب، أعلنت وزارة الخارجية المكسيكية ان الامم المتحدة ستنظم من التاسع الى الحادي عشر من ديسمبر/ كانون الأول في مريدا (شرق المكسيك) مؤتمرا لتوقيع اتفاق جديد ضد الفساد بحضور حوالي 1500 مندوب.

وجاء في بيان للوزارة ان «نص هذا الاتفاق هو مجال بحث حاليا في مقر الامم المتحدة في فيينا»، موضحا ان المحادثات ستنتهي في اكتوبر/ تشرين الأول وان النص سيعرض بعد ذلك للتصويت على الجمعية العامة للامم المتحدة قبل عرضه على الدول الاعضاء لتوقيعه.

واضاف البيان ان «الاتفاق الجديد يهدف الى فرض عقوبات على اعمال الفساد على جميع المستويات بما في ذلك استغلال السلطة وتبييض الاموال وسوء الائتمان». واوضحت الوزارة ان «مشروع الاتفاق ينص على آليات للمراقبة واحكام تتعلق بالممتلكات الناتجة عن جرائم الفساد مثل اعادة الاموال الناتجة عن سوء الائتمان».

وسيشارك في هذا المؤتمر ممثلون عن جميع الدول الاعضاء في الامم المتحدة والمنظمات الاقليمية والوكالات المتخصصة التابعة للامم المتحدة وخبراء وممثلين عن منظمات غير حكومية.

في اليوم ذاته ومن دون تنسيق مسبق، رحب رئيس مجلس إدارة الغرفة التجارية الصناعية بالرياض عبدالرحمن الجريسي بموافقة مجلس الوزراء على نظام مكافحة غسيل الأموال، وقال ان ذلك سيسهم في حماية البلاد من العمليات المشبوهة لتبييض الأموال التي تستخدمها عصابات التهريب والاتجار في المخدرات والانشطة التجارية المشبوهة الهادفة إلى تمرير أو تنفيذ عمليات غير مشروعة أو لدعم وتمويل المنظمات الارهابية.

وأوضح الجريسي في البيان الصحافي الصادر عن الغرفة، انه على رغم صدور هذا النظام الآن، فإن السعودية كانت متنبهة على مدى السنوات الماضية إلى مثل هذه العمليات المشبوهة.

ونوه في هذا الخصوص بما نص عليه النظام من إنشاء وحدة خاصة لمكافحة غسيل الأموال تسمى «وحدة التحريات المالية» التي سيكون من مهماتها تلقي البلاغات وتحليلها واعداد التقارير عن المعاملات المشبوهة، وتكون لها الصلاحية بالطلب من الجهة المختصة بالتحقيق والقيام بالحجز التحفظي على الأموال والممتلكات المرتبطة بجريمة غسيل الأموال.

حصة عمليات غسيل الأموال

جاء في احد مقالات حسن العالي أنه وفقا لاحصاءات صندوق النقد الدولي «فإن حجم عمليات غسيل الاموال يتراوح ما بين 590 مليارا الى 1,5 تريليون دولار سنويا. أي أنه يعادل ما بين 2 في المئة الى 5 في المئة من أجمالي الناتج المحلي الاجمالي العالمي. كما يقدر البعض ان أجمالي الدخل المتحقق من عمليات المخدرات غير القانونية يعادل 688 مليار دولار سنويا منها 5 مليارات في بريطانيا و33 مليارا في اوروبا و150 مليارا في الولايات المتحدة الاميركية و500 مليار دولار اميركي في باقي اقطار العالم».

وقد حاول الكثير من المؤسسات التي من مصلحتها تشويه أنشطة الرساميل العربية من خلال اتهامها بالضلوع في عمليات غسيل الأموال. لكن دراسة نشرها مدحت الخراشي في موقع إشراقة على الإنترنت (http://ishraqa.com/art.asp?A -I D=69) تدحض مثل تلك التشويهات كما هو موضح في الجدول أدناه، إذ تحتل الولايات المتحدة المركز الأول وتستحوذ على حوالي 47 في المئة من إجمالي مصادر غسيل الأموال عالميا:

غسل الأموال عربيا

لم تكن ظاهرة غسل الأموال ظاهرة ملموسة في اقتصادات الدول العربية وذلك يرجع لعدة أسباب منها محدودية انفتاح معظم الاقتصادات العربية على الاقتصاد العالمي ووجود قيود انتقال حركة رؤوس الأموال بالإضافة إلى ضآلة حصة هذه الاقتصادات من التدفقات المالية والاستثمارات الدولية. لكن على رغم ذلك فقد حرصت الدول العربية على التعاون مع الجهود الدولية لمكافحة غسل الاموال وتمويل كل الأنشطة غير المشروعة، وعملت غالبية الدول على مواكبة أنظمتها التشريعية والإشرافية للمتطلبات العالمية في هذا المجال.

من جانب آخر لم يخل العالم العربي من هذه الظاهرة المفزعة، ففي يوم 22 يونيو/ حزيران العام 2001، فتحت صفحة غسيل الأموال في مصر، حينما أصدرت مجموعة العمل المالي الدولية (Financial Action Task Force) « FATF » ، وهى منظمة تعمل في مجال مكافحة غسيل الأموال - تقريرها السنوي الثاني عشر، الذي أدرجت فيه مصر ضد قائمة الدول «غير المتعاونة» في مجال مكافحة غسيل الأموال، بالإضافة إلى 18 دولة أخرى هي في غالبيتها عبارة عن جزر صغيرة، وإن كانت القائمة ضمت إلى جانب مصر من الدول المعروفة كل من روسيا، والمجر، واندونيسيا، و«إسرائيل»، ولبنان، والفلبين، ونيجيريا.

ولم يكن ذلك تجنيا على الواقع، ففي مصر نفسها كشف تقرير صادر في يوليو/ تموز 1999 عن هيئة الرقابة الإدارية المصرية أن حجم الأموال غير المشروعة التي يتم تدويرها في الاقتصاد المصري يصل إلى خمسة مليارات دولار؛ منها ما يزيد على ثلاثة مليارات دولار في عمليات غسيل الأموال، تأتي معظمها من تجار المخدرات (حوالي مليار ونصف المليار دولار) وتجارة السلاح (حوالي مليار دولار) ثم العملات المزيفة (نصف مليار دولار).

و تقدر نسبة حجم عمليات غسيل الأموال على مستوى العالم بنحو 60 في المئة من حجم الدخل غير المشروع. وباستخدام هذه النسبة المئوية يمكننا حساب حجم عمليات غسيل الأموال المصرية وذلك خلال الفترة من 1984 إلى 1998 على النحو الآتي:

ارتفع حجم عمليات غسيل الأموال من 1,6 مليار جنيه العام 1984 إلى 9,4 مليارات جنيه العام 1993 ثم بلغ هذا الحجم نحو 17,3 مليار جنيه العام 1998.

معدل النمو السنوي لحجم عمليات غسيل الأموال المصرية خلال الفترة من 1984 إلى 1998 هو 52 في المئة في المتوسط.

يمثل حجم عمليات غسيل الأموال حوالي 30 في المئة من حجم الاقتصاد الخفي في مصر خلال الفترة نفسها وفقا لبعض التقديرات.

وفي محاولته لمحاربة جرائم غسيل الأموال أقر مجلس الشعب المصري في 20/5/2002 قانونا لمكافحة غسيل الأموال ينص على عقوبات بالسجن والغرامة.

وجاء في القانون أن من تثبت عليه تهمة غسيل الأموال سيعاقب «بالسجن مدة لا تزيد عن سبع سنوات، وبغرامة تعادل مثلي الأموال محل الجريمة»، فضلا عن مصادرة الأموال المضبوطة.

وينشئ البنك المركزي المصري بموجب القانون الجديد الذي صدر بغالبية كبيرة وحدة خاصة لها صلاحيات واسعة للتحقق من أي شكوك تبلغه بها المصارف وغيرها من المؤسسات المالية التي تعمل في مجال التحويلات المالية.

ويقول المسئولون: إن مصر لا تتم فيها جرائم غسيل الأموال، ولكنها أعلنت عزمها على إصدار مثل هذا القانون تماشيا مع الاتجاه العالمي في إطار الحرب الدولية التي تقودها الولايات المتحدة ضد «الإرهاب». وأوضح محافظ البنك المركزي محمود أبوالعيون عن موضوع إدراج مصر على قائمة الدول التي تتم فيها عمليات غسل الأموال قائلا «إن المنظمة لم تدرج مصر لاكتشافها أموالا قذرة فيها ولكن لأن مصر لم تكن قد سنت قانونا خاصا بمكافحة غسيل الأموال».

وبدأت مصر إعداد القانون الجديد العام الماضي بعد أن أدرجت المنظمة الدولية المعنية بمكافحة غسيل الأموال ومقرها باريس مصر على قائمة تشمل الدول غير المتعاونة مع المنظمة.

الإجراءات على المستوى الخليجي

أما على المستوى الخليجي فقد تبلور ذلك عندما أولت الأمانة العامة لدول المجلس منذ سنوات اهتماما لمحاربة عمليات غسيل الأموال، فقد شاركت الأمانة العامة في أول اجتماع لمجموعة العمل المالي الدولية لمكافحة غسل الأموال (Financial Action Task Force) في باريس العام 1999م.

وتزود الأمانة العامة الدول الأعضاء في المجلس منذ التحاق المجلس بعضوية اللجنة بجميع الخطوات والتوصيات التي تتخذ في إطار المجموعة، سواء فيما يتعلق بالتشريعات والقوانين أو الابتكارات وأحدث التقنيات التي يلجأ إليها غاسلو الأموال في غسل أموالهم، وفي سبيل ذلك قامت الأمانة العامة بالتعاون مع المجموعة بعقد عدة ندوات ومؤتمرات في دول الخليج عن مكافحة غسيل الأموال. والحقيقة أن قوانين دول مجلس التعاون ومنذ انضمامها إلى عضوية المجموعة تجرم التجارة في المخدرات، إلا أنها ليس بها نص محدد ودقيق يجرم عمليات غسيل الأموال، وإن كان البعض من الدول أدخلت نصوصا في قوانينها تجرم هذه العمليات.

وفيما يتعلق بسرية الحسابات في المصارف فإن دول مجلس التعاون لا تنتهج هذه السياسة، وكل العمليات المصرفية تجري على أساس توفير بيانات كافية عن العميل والعمليات التي يقوم بها المصرف لصالحه، كما أن جميع المصارف المركزية في دول مجلس التعاون وفي مراحل مختلفة أصدرت توجيهات مشددة إلى المصارف التجارية والمؤسسات المالية، تطالبها بالتقيد بما جاء في توصيات المجموعة الدولية، وأخطار الجهات المعنية في الدولة بأية عمليات مشبوهة من دون إخبار صاحب العلاقة، كما حثت المصارف المركزية الخليجية المصارف على ضرورة توفير البيانات المهمة في التحويلات الإلكترونية وخصوصا خدمة (سويفت).

خطوات البحرين ضد غسيل الأموال

في الفترة من 8 إلى 9 يناير/ كانو الثاني العام 2002 استضافت البحرين مؤتمر محاربة غسيل الأموال والجريمة المالية. ونظر المؤتمر بشكل خاص في قضية كيفية عمل المؤسسات المالية الدولية معا لمحاربة الجريمة المالية.

فقد ارتأت البحرين أن أحسن طريقة لمعالجة هذه المشكلة هي عن طريق التعاون الدولي. وتعد البحرين من الدول الموقعة سلسلة من المعاهدات الدولية التي تتصل بوجه خاص بغسل أرباح الاتجار غير المشروع في المخدرات، إذ تعد من الدول الأعضاء بمعاهدة الأمم المتحدة لمحاربة الاتجار غير المشروع في المخدرات، والتي تتعامل مع قضية تتبع مصادر الأموال وبيع المخدرات، والمعاهدة العربية لمحاربة الاتجار غير المشروع في المخدرات للعام 1994.

وقد بادرت البحرين في العام 1993 إلى إنشاء لجنة مالية خاصة تضم أعضاء من مؤسسة نقد البحرين وممثلين من وزارة الداخلية، لتطبيق إجراءات محاربة غسيل الأموال، وكان من إنجازات ال

العدد 356 - الأربعاء 27 أغسطس 2003م الموافق 29 جمادى الآخرة 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً