حمل رئيس مجلس إدارة بنك الإثمار خالد جناحي على نشاطات بعض المؤسسات المالية التي تأسست في المنطقة في الآونة الأخيرة ووصفها بأنها مخالفة للغرض الأصلي الذي تأسست من أجله نتيجة ابتعادها عن العمل المصرفي والعمل كوسطاء لبيع أراض نيابة عن مستثمرين في دول الخليج العربية.
وذكر أن هذه المؤسسات تعمل كسماسرة في القطاع العقاري الذي ازدهر بقوة في المنطقة قبل تفجر أزمة الائتمان العالمية وفقد بريقه في نهاية العام الماضي بسبب نقص السيولة التي تعاني منها الأسواق العالمية والناتجة أساسا عن أزمة الرهن العقاري التي بدأت في الولايات المتحدة الأميركية وساهمت بشكل رئيسي في الأزمة الحالية التي تعاني منها جميع دول العالم.
المنامة - عباس سلمان
حمل رئيس مجلس إدارة بنك الإثمار خالد جناحي على نشاطات بعض المؤسسات المالية التي تأسست في المنطقة في الآونة الأخيرة ووصفها بأنها مخالفة للغرض الأصلي التي تأسست من أجله نتيجة ابتعادها عن العمل المصرفي والعمل كوسطاء لبيع أراض نيابة عن مستثمرين في دول الخليج العربية.
وذكر أن هذه المؤسسات تعمل كسماسرة في القطاع العقاري الذي ازدهر بقوة في المنطقة قبل تفجر أزمة الائتمان العالمية وفقد بريقه في نهاية العام الماضي بسبب نقص السيولة التي تعاني منها الأسواق العالمية والناتجة أساسا عن أزمة الرهن العقاري التي بدأت في الولايات المتحدة الأميركية وساهمت بشكل رئيسي في الأزمة الحالية التي تعاني منها جميع دول العالم.
ورفض جناحي في لقاء مع «مال وأعمال» أن يذكر أسماء هذه المؤسسات، ولكنه قال: «أنا لا أعارض التطوير العقاري وكذلك التمويلات التي تقدم للناس والذي يعود بالمنفعة عليهم ولكن قيام بعض المصارف بتقسيم الأراضي وبيعها لصالح مستثمرين فهذا أمر مختلف، ويتعارض مع الرخص المقدمة لها».
وأضاف «يجب ألا نضع البنوك التي تقوم بتطوير الجزر والمدن وبناء الجسور والشوارع والبنية التحتية في خانة البنوك التي تعمل على تقسيم أراض وبيعها للمستثمرين. أنا مع التطوير الذي هو جزء من تقدم الدول، ولكن أن تعمل بعض المصارف كسماسرة، فهذا أمر مختلف».
كما أوضح جناحي أن معظم هذه المؤسسات تأثرت بالأزمة المالية العالمية، وخصوصا في ملاءة رأس المال، وأن «بعض المؤسسات المالية بدأت طرق أبواب دول الخليج العربية للحصول على سيولة تساعدها على الاستمرار في مزاولة نشاطها، وحبذا لو أن البنوك المركزية في المنطقة تعمل على إيقاف الترخيص لمؤسسات من هذا القبيل».
وأجاب على سؤال بشأن مجموعة الإثمار فقال جناحي: «إن القطاع العقاري يمثل فقط 5 في المئة من محفظة المجموعة ومقرها البحرين، والتي تضم كذلك بنك الإثمار». وأفاد بأن زبائن هذه المصارف التي قامت ببيع الأراضي تأثروا من وراء تراجع أسعار العقارات في المنطقة، لكنه لم يعط أية إيضاحات.
كما أوضح أن مجموعة إثمار، مثلها مثل بقية المصارف والمؤسسات المالية في المنطقة، تأثرت بالأزمة المالية والكساد الاقتصادي العالمي، وستتأثر كذلك في 2009.
واتجهت معظم المصارف في البحرين، وهي المركز المالي والمصرفي في المنطقة، إلى قطاع العقارات في السنوات القليلة الماضية وأصبحت مطورة أو ممولة لهذا القطاع الذي جلب أرباحا طائلة لبعض المصارف خلال موجة النمو الاقتصادي الذي عاشته دول الخليج العربية والناتج معظمه عن ارتفاع أسعار النفط إلى مستويات قياسية بلغت نحو 147 دولارا للبرميل قبل أن تتراجع الأسعار إلى نحو 50 دولارا بعد تفجر الأزمة المالية.
وبين جناحي أن من الخطأ مقارنة وضع العقارات في الولايات المتحدة الأميركية باعتبارها دولة متقدمة مع القطاع العقاري في دول الخليج العربية التي هي دول نامية ويزداد الطلب على التطوير العقاري فيها. لكنه قال: «إن دبي هي البلد الوحيد في المنطقة الذي قد يشهد تأثيرات مشابهة لأزمة الرهن العقاري التي ضربت الأسواق الأميركية في منتصف العام 2007».
وكان محافظ مصرف البحرين المركزي رشيد المعراج قد حذر في العديد من المناسبات من انسياق المصارف والمؤسسات المالية وراء الأرباح الطائلة التي تحققها من القطاع العقاري، وعدم اتخاذه نشاطا رئيسيا لها. ويتمتع المصرف المركزي البحريني بسمعة طيبة من بين المصارف المركزية الأخرى وخصوصا فيما يتعلق بالتدقيق على المؤسسات المالية.
وذكر المعراج في كلمة أمام مؤتمر عن الصيرفة الإسلامية عقد في البحرين مؤخرا أن «الصناعة المصرفية الإسلامية أصبحت تعتمد اعتمادا كبيرا على قطاع العقارات، وأن الأحداث التي وقعت في أجزاء أخرى من العالم في الآونة الأخيرة تذكرنا بأن هذا القطاع له دورات كبيرة ويتعين علينا أن نتذكر أن النموذج التجاري الذي يبدو قويا في ظل ظروف من ارتفاع قيم الأصول والسيولة الوفيرة، قد لا يكون كذلك في بيئة اقتصادية متغيرة.
ويقدر أن كلفة مشروعات التطوير العقاري الحالية في البحرين تبلغ نحو 20 مليار دولار، من ضمنها المشروع السكني والسياحي الضخم درة البحرين، المملوك مناصفة بين حكومة البحرين وبيت التمويل الكويتي، ومشروع خليج البحرين المملوك إلى آركابيتا بنك ومستثمرين في المنطقة، ومرفأ البحرين المالي، المملوك إلى بيت التمويل الخليجي، إضافة إلى العديد من الأبراج والشقق السكنية التي يتم تنفيذها في مناطق مختلفة من هذه الجزيرة الصغيرة.
لكن جميع هذه المشروعات الضخمة جاءت بعد قيام بيت التمويل الخليجي بمبادرته الجريئة في تطوير المنطقة الشمالية عن طريق بناء مرفأ البحرين المالي الذي كلف بناؤه نحو ملياري دولار، وجعلها مقرا للمصارف والمؤسسات المالية بعد تجميعها في منطقة واحدة بدلا من تشتتها قبل أن تتسبب ظروف داخلية في عدم تحقيق ما وصف بأنه «حلم» رواد أحد المطورين الرئيسيين للمشروع.
وذكر جناحي أن «مرفأ البحرين المالي لم يصبح مركزا للمصارف (حتى الآن) كما كان مخططا له ليس لأن المطور الرئيسي، وهو بيت التمويل الخليجي، لا يرغب في ذلك وإنما تدخلت ظروف غير معروفة في وقف الفكرة».
وعلى رغم ذلك فإن العديد من المصارف بدأت في اتخاذه مقرا لها كان آخرها البنك الفرنسي بي إن بي باريبا الذي استأجر 6 طوابق. ويتخذ البنك البحرين مقرا لأعماله في دول الشرق الأوسط.
وبين أن بنك الإثمار سيتضرر «إذا تأثرت البنوك في البحرين ومن مصلحتي أن تظل البنوك في البحرين قوية. الموضوع هو صحة المؤسسات المالية, ومن مصلحة إثمار ألا تتأثر البنوك الأخرى في البحرين، وقد يكون من الأفضل وضع الودائع في المصارف البحرينية بدلا من استثمارها في المصارف الخارجية».
وأضاف «هناك صعوبة في الحصول على التمويلات من الأسواق الخارجية وليس عدم وجودها، وأن هناك فرقا كبيرا بين الصعوبة وعدم التوافر، ولذلك يجب أن تتضافر الجهود في المنطقة لضمان عودتها إلى السوق بدلا من الركون والانتظار حتى تتحسن الأوضاع».
العدد 2322 - الثلثاء 13 يناير 2009م الموافق 16 محرم 1430هـ