دعا الشيخ يوسف القرضاوي مؤتمر التقريب إلى اتخاذ موقف حاسم لرفض كل توجه قد يدعو إلى فتنة طائفية بين المسلمين في العراق، مشيرا إلى ضرورة تفويت الفرصة على الاحتلال وفلول النظام السابق اللذين يهدفان إلى خلق فتنة طائفية.
كما حمل القرضاوي في مداخلة له على الاتجاهات التكفيرية «التي لا ترى في الحق غير رأيها» قائلا: «أنا واحد ممن كفروهم»، داعيا إلى انتهاج سبل الحوار بين المسلمين وترسيخ ثقافة «فقه الاختلاف».
جاء ذلك، فيما تواصلت أمس جلسات مؤتمر التقريب بين المذاهب الإسلامية إذ انعقدت أمس أربع جلسات عمل تناولت المحاور الآتية: ضرورة الحوار ونشر ثقافة التجديد، والحوار ودوره في تحقيق الوحدة ونبذ الفرقة، ودور علماء ومفكري المسلمين في منهجية التقريب، ودور المؤسسات العلمية والتربوية والإعلامية في إشاعة ثقافة التقريب.
ومن جهته قال الشيخ أحمد الكبيسي لـ«الوسط»: «إن اتهام المقاومة العراقية بأنها من فلول صدام، هو محاولة لتقزيم المقاومة».
وتخللت المؤتمر أمس آراء أحدثت بعض المشادات مما تسبب في مطالبات بسحب ورقة أحد المشاركين ما استدعى تدخل نائب رئيس الوزراء وزير الشئون الإسلامية الشيخ عبدالله بن خالد آل خليفة، ووزير البلديات وشئون الزراعة عضو اللجنة العليا للمؤتمر محمد علي الشيخ منصور الستري، لاحتواء التوتر، ونفى وكيل وزارة الشئون الإسلامية الشيخ خليفة بن حمد آل خليفة لـ «الوسط» انسحاب أي من المشاركين، كما تسبب غياب بعض المشاركين في المؤتمر إلى إحداث إرباك في توازن فرص المشاركة بين علماء المذاهب المشاركة.
المنامة - خليل عبدالرسول
بدت الآمال مفعمة بتحقيق نتائج ملموسة تصبو إليها أهداف «مؤتمر التقريب بين المذاهب الإسلامية» المنعقد حاليا في البحرين، على رغم واقع يتحرك على أرضية مختلفة من «التقارب» و«التعايش» بين أبناء المذاهب الإسلامية باختلاف بلدان العالم الإسلامي، ما دفع بالمشاركين في المؤتمر إلى الإشادة بمستوى التعايش والتقارب بين أبناء المذاهب المختلفة الذين يعيشون على أرض البحرين منذ اعتناقها الإسلام العزيز، واتخاذها أنموذجا للتعايش المشترك بين المسلمين على رغم اختلافهم في الاجتهاد والآراء الفقهية.
وتكاد لا ترى أحدا من العلماء الأجلاء في المؤتمر يتحدث عن «التقريب بين المذاهب» من دون التطرق إلى الأوضاع السياسية والاجتماعية الحساسة التي تعيشها الأمة في مواجهتها لهيمنة الدول الاستكبارية.
المفتي العام لسلطنة عمان الشيخ أحمد بن حمد الخليلي قال في حديث إلى «الوسط»: «أملنا أن يكون المؤتمر حلقة في سلسلة الأعمال التي تؤدي إلى الربط بين المسلمين وتوحيد صفهم والقضاء على أسباب الخلاف والشقاق فيما بينهم، وإذ أن المؤتمر يعقد برعاية كريمة من صاحب الجلالة فإنه يحظى بصدق النوايا من قبل المشاركين فيه، ولنا أمل كبير في أن يحقق المؤتمر أهدافه».
أما مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ محمد رشيد قباني فقال: «نأمل من المؤتمر أن يحقق أهدافه في توعية المسلمين بأن الخلاف في المذاهب الفقهية خلاف علمي مبني على الاجتهاد ولا يؤدي هذا الاختلاف العلمي بالضرورة إلى وقوع الخلافات بين الناس في علاقاتهم ومعاملاتهم، بل ينبغي أن تخضع علاقات المسلمين ومعاملاتهم إلى أخلاق الإسلام وقيمه في حياتهم الخاصة والعامة، وهذا يلزمه جهد كبير من التوعية التي يقوم بها علماء السنة والشيعة لأبنائهم، فكلنا مسلمون وأخلاق الإسلام في المعاملة الطيبة أمرنا بأن نبذلها لغير المسلمين، فنحن أولى بأن نبذلها لبعضنا وفيما بيننا».
مضيفا «إن هذا الجهد من التوعية هو الذي يمكنه أن ينقذ شعوبنا الإسلامية من الصراعات أو محاولات إثارة الفتن التي يخطط لها الأجنبي الذي يزيد في أمتنا الفرقة والانقسام، وينبغي أن نكون أحرص على أنفسنا ومجتمعاتنا وشعوبنا اليوم أكثر وأكثر وخصوصا في ظل الظروف الدقيقة التي تمر بها الدول العربية والإسلامية».
البحرين أنموذجا
وأشاد قباني باستضافة البحرين للمؤتمر قائلا: «لقد وفق الله البحرين لعقد هذا المؤتمر، ليكون لها في المستقبل - إن شاء الله - دور أكبر في العالم العربي والإسلامي وخصوصا أن موضوع المؤتمر يمس حياة المسلمين في كل وطن من أوطانهم، فعندما تعي شعوبنا أن الاختلاف المذهبي اختلاف علمي ومبني على الاجتهاد سيصبحون أكثر وعيا وتمسكا بأخلاق دينهم الذي فرضه الله تعالى عليهم».
وأردف «إن انعقاد المؤتمر في البحرين، بلد الحوار والتنوع، والبلد الذي يتمتع بحكمة جلالة الملك البالغة في إدارته والحفاظ على وحدة شعبه، سيجعل من البحرين ذات دور كبير له أثره الفعال في حياة الأمة، وخصوصا في مجال العيش المشترك المبني على قيم وأخلاق الإسلام».
وبعد أن عبّر الأمين العام للمجمع العالمي للتقريب بين المذاهب آية الله الشيخ محمد علي التسخيري عن مدى فرحته بالمجيء إلى البحرين، قال: «إن هذا المؤتمر يأتي في ظرف حساس جدا تمر به الأمة الإسلامية وقد تآلب عليها الأعداء، وهي في حاجة ليجتمع علماؤها ومفكروها ويتدارسوا الموقف العملي والاستراتيجي الموحّد تجاه الهجمة الشرسة على وجودها وعلى هويتها، ومن الطبيعي أن اجتماع فقهاء وعلماء ومفكري المذاهب المختلفة اليوم يعيد التوازن إلى هذه الأمة بعد أن تفرقت - للأسف - مع الخلافات الجانبية والفرعية، وبعد أن حاول الأعداء أن يمزقوا وحدتها ويبعضوا موقفها».
وأضاف التسخيري في لقاء خاص بـ «الوسط»: «إنني أعتقد أن هذا المؤتمر يمكن له أن يعمل على إعادة التوازن الطبيعي والحال الطبيعية بين العلماء والمفكرين من شتى المذاهب الإسلامية ما يترك الأثر على وحدة موقف الجماهير الإسلامية تجاه قضاياها المصيرية».
المؤتمر والظروف المحيطة
وعن الظروف التي تعيشها الأمة وينعقد في ظلها المؤتمر رأى مفتي سلطنة عمان الخليلي «أن هذه الظروف بنفسها دافعة إلى الوحدة وإلى رصّ الصف الإسلامي».
وعن التوصيات التي سيخرج بها المؤتمر، قال مفتي الجمهورية اللبنانية قباني: «إن القسم العلمي من التوصيات والمبني على الاجتهاد سيوجه إلى العلماء، والنصف الآخر سيوجه إلى الشعوب وجمهور المسلمين ليكونوا على وعي تام بما يخطط لهم، ليكونوا جميعا مسلمين وأمة واحدة كما أراد الله سبحانه».
وعما إذا كان المؤتمر سيخرج بتوصيات غير نظرية فحسب، بل ملامسة للواقع في ظل هذا الظرف الحساس الذي تمر به الأمة، قال التسخيري: «لا يمكن لأي موقف عملي أن يكون مؤثرا ما لم تسنده أبعاد نظرية موحدة، فكما أن النظرية بلا تطبيق غرق في الخيال، فإن التطبيق بلا نظرية كمن يحاول نيل السعف أو فروع الأشجار في ليل مظلم فيخطئ طريقه بلا ريب».
مضيفا «أعتقد أن النظرية إذا توحدت، والآراء إذا اتخذت مسلكها الطبيعي - إذ لا أدعو إلى وحدة الآراء وإن كانت هي المفضلة، غير أن الآراء مختلفة بلا ريب، بل أدعو إلى أن تكون المواقف متحدة - سيكون الاختلاف في الرأي غنى للمسيرة لا تضعيفا لها، فلا ريب في أن اتخاذ الموقف العملي الموحد يساعد الأمة في مسيرتها اليوم، بالإضافة إلى أن تدارس القضايا الجانبية والتقاء المفكرين والحصول على موقف موحّد، هو مكسب كبير من مكاسب الأمة». وعن توصيات المؤتمر وما إذا كانت ستلامس الواقع السياسي للأمة رأى التسخيري أن «خروج المؤتمر بتوصيات موحدة هو المتوقع، غير أن المهم أن تتم ترجمة هذه التوصيات إلى مواقف عملية، وأنا أتفاءل كثيرا في هذه المؤتمرات لإخراج الأمة من الحال الطائفية المقيتة الضيقة إلى الحال المذهبية الحرة، التي تكون فيها المذاهب غنى للأمة بدلا من أن تتحول إلى عنصر ضعف لها، وأنا متفائل على رغم هذا الظرف الذي يحاول فيه العدو أن يثير كل نقطة خلاف فينا ويستفيد منها لتحقيق مآربه».
وإذ طالب خطيب المسجد الأقصى المفتي العام للقدس والديار الفلسطينية الشيخ عكرمة صبري في كلمته في افتتاح المؤتمر بتوحيد صفوف الأمة للحفاظ على القدس والمقدسات الإسلامية أضاف في حديثه إلى «الوسط»: «إذا تحققت وحدة العمل ووحدة الموقف فإن المؤتمر سيقدم الكثير والكثير، وما استمرار الاحتلال الإسرائيلي إلا نتيجة للاختلاف والتفرق بين المسلمين، ولذلك فوحدتهم - على المستويين الحكومي والشعبي- ستكون عاملا مؤثرا في إنهاء الاحتلال الإسرائيلي».
وعن تفعيل توصيات المؤتمر قال قباني: لا شك أن العلماء في كل بلاد الإسلام بل حتى الفرد العادي له دور في هذا المجال بعد أن تصله التوعية التي ينبغي أن نوصلها إليه وإلى عموم جمهور المسلمين، وكل واحد منا مسئول في نطاقه، كما قال الرسول (ص) «كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته». وعن مسئولية الجانب الرسمي في الدول الإسلامية، وخصوصا منظمة المؤتمر الإسلامي في «التقريب بين المذاهب»، قال التسخيري: «على رغم أن الكثير ينتقدون منظمة المؤتمر الإسلامي - وأنا منهم - كونها لا تمتلك الفاعلية القوية في مجال تكوين الموقف الموحد، أو على الأقل لا تمتلك الآليات التي تسمح لها بتحقيق أهدافها المرسومة، فإن وجودها أفضل من عدمه بلا ريب، وعلى جميع المسئولين الرسميين أن يعملوا على تفعيل هذه المنظمة والاستفادة من إطارها الجيد في نفسه لتحقيق طموح الأمة والأهداف التي رسمتها في هذه المنظمة».
مضيفا «إن منظمة المؤتمر الإسلامي إطار جيد شريطة أن يعمل الجميع بإخلاص للاستفادة من هذا الإطار، كما أن المنظمة تعبر عن إرادة الدول المكونة لها، فإذا صدقت النية تستطيع القيام بدور فعال في هذه المسيرة».
المنامة - نبيلة سليمان
التجديد في الثوابت مرفوض، ونزاع أصحاب المذاهب إلى درجة الحقد لا يقبله الدين، الاستثمار في البنوك حلال، والدين الإسلامي ساوى بين المرأة والرجل، وأعطاها الكثير من الحقوق، هذه كانت بعض ملامح حوارنا مع الإمام الأكبر سيد محمد طنطاوي شيخ الأزهر الشريف.
كان حوار سريع فقد كان الشيخ يستعد للعودة إلى القاهرة، وكان علينا أن نختصر أسئلتنا الكثيرة حفاظا على موعد الطائرة.
هل تعتقد ان هذا المؤتمر حلا لخلاف أصحاب المذاهب المختلفة؟
- مما لاشك فيه انه أحد الحلول، ولكن لا أستطيع أن أقول إنه الحل كله، لكن التقارب بين المذاهب الإسلامية خاصة في عصرنا هذا أمر لازم، فإذا كان العالم الآن أصبح كبلدة واحدة، فمن الأولى بنا نحن المسلمين أن نعيش في العصر الذي نعيش فيه، وأن نتقارب ونتعاون ونتآخى وأن نكون كما وصفنا الرسول (ص) كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضا».
الخلاف في الفروع
وأضاف: «من الحقائق التي أؤمن بها إن المذاهب الإسلامية الصحيحة لا خلاف بينها فيما يتعلق بالأصول أو بالأركان أو بالواجبات، وإنما إذا وجد خلاف فهو في الفروع وليس في الأصول، وهذا الخلاف قد ينتج عن اجتهاد، وهذا الاجتهاد مطلوب طالما انه في حدود ما أحل الله، وفي حدود شريعة الله، فإن الرسل - عليهم الصلاة والسلام - اجتهدوا، والخلفاء الراشدين اجتهدوا، والسلف الصالح منذ ظهور الإسلام إلى وقتنا هذا يختلفون في الأمور التي تقبل الاختلاف».
ما هو دور الأزهر الشريف في التقارب بين المذاهب؟
- دور الأزهر أن يؤيد هذا التقارب، وأن ينفي التباعد، طالما نحن نرحب بكل المذاهب، ولكن الذي لا نقبله أن يحدث نزاع وخصام بين هذه المذاهب، أو أن يحدث حقد قد يصل إلى القتل، هذا لا نريده ولا نقبله.
ولكن حدوث خلاف بين الأحناف والمالكية، والشافعية يختلفون مع المالكية، والشافعية يختلفون مع الحنابلة، والحنابلة يختلفون مع الأحناف، فهذا يعد أمرا طبيعيا، لكن أؤكد ان الخلاف فيما بينهم في الأمور التي تقبل الخلاف التي هي من الفروع، وليست من الأصول.
اختلاف السنة مع الشيعة لا بأس منه، على ألا يتحول هذا الخلاف إلى نزاع، أو إلى تخاصم وحقد أو أن تمد الأيدي بعضها إلى بعض، هذا ما نرفضه ونحاربه.
التجديد في حدود
وعن الحاجة إلى تجديد الفكر الإسلامي، وفتح المزيد من مجالات الاجتهاد من أجل التقريب بين المذاهب قال: «نحن نرحب بكل تجديد ترضاه شريعة الإسلام والعقول السليمة، فالتجديد مطلوب من يوم إلى يوم ومن شهر إلى شهر ومن سنة إلى سنة، مادام هذا التجديد في حدود ما أحله الله عز وجل، ولكن هناك أمورا لا تقبل التجديد منها شهادة لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، ومنها فضيلتا الصدق والأمانة، وإعطاء كل ذي حق حقه، الحياء، الأدب، المعاملة الكريمة، كلها فضائل لا تقبل التجديد منذ أن خلق الله الكون.
واتفق العقلاء على ان هناك فضائل يجب أن تُلتزم، وأن هناك رذائل يجب أن يُبتعد عنها، لكن التجديد يكون في الأمور الزراعية والصناعية والتجارية، وغيرها من أمور الحياة، أما العقائد التي تدعو إلى إخلاص العبادة لله الواحد القهار، فهي ثوابت لا تقبل التجديد، وكل العبادات التي كلفنا الله سبحانه وتعالى بها ثوابت لا تقبل التجديد، لأن الرسول (ص) يقول: «صلوا كما رأيتموني أصلي»، ويقول في فريضة الحج: «خذوا عني مناسككم»، والقرآن الكريم يقول: «قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم» سبحانه وتعالى «لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة»، ونجد الرسول (ص) يقول: «كل عمل ليس عليه أمرنا فهو رد»، ويقصد به مردود على صاحبه، وهذا يعني ان هناك أمورا تقبل التجديد، وأمورا أخرى لا تقبل التجديد وهي الثوابت ومنها اعتناق الفضائل، واجتناب الرذائل».
التراضي شرط
وعن عوائد البنوك وهل هي حلال أو حرام قال: «المسألة ليست مسألة بنوك أو غيرها، ولكن هي مسألة قل لي كيف تتعامل مع غيرك أقل لك الحكم الشرعي، فأنا كشيخ أزهر وظيفتي نفسها تمنع في أن أكون في أعمال تجارية، وحتى لو وظيفتي لا تمنع فأنا لست متخصصا في التجارة، والتجارة فن، فلو ذهبت إلى أي رجل أعمال وقلت له أنا لا أعرف في التجارة فخذ هذا المبلغ فاستثمره لي وأنت وكيل عني وكالة مطلقة في استثمار هذا المال ففي هذه الحال مادمت أنا أقول له خذ هذا المال بنيّة أن يستثمره لي يكون حلالا».
ويضيف: «لا فرق بين بنوك تحدد الأرباح وبنوك لا تحدد الأرباح، كلاهما حلال، فالبنك الذي يقول لي سأعطيك بعد ثلاثة شهور حلال وليس فيه شيء طالما أنا رضيت بذلك، أو أن يقول لي بنك آخر أنا لا أحدد الأرباح مقدما، وما يأتي من ربح سيتم اقتسامه، فهذا أيضا حلال، والله سبحانه وتعالى يقول «يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم».
البنوك وسطاء فقط
ويوضح «تحديد الربح أو عدم تحديده هو من المصالح المرسلة التي لولي الأمر أن يقدرها، إذا قال أحد الناس لماذا تحدد البنوك أرباحها قد تخسر، فإذا خسرت عليها أن ترفع أمرها إلى الهيئات القضائية لتحكم بينها وبين أصحاب الأموال.
الصورة الأخرى وهي هب ان أحدا يريد أن يقترض من البنك، لابد أن نعرف ان البنوك لا تقرض ولا تقترض، البنوك وسطاء فقط، ولو وجدت الناس أموالا لأكلتها، البنوك وسطاء بين أصحاب الأموال الصغار، وبين رجال الأعمال الكبار، تجمع الأموال من عدة أناس وتعطيه لرجل أعمال ليقوم بمشروع كبير، وتأخذ منه بعد دراسة الجدوى مبلغ معين قد يكون عشرة في المئة على سبيل المثال وتعطينا نحن يا ما وضعنا أموالنا لديهم 7 في المئة أو 8 في المئة، وتحتفظ هي بالباقي ثمنا للخدمات».
مرتد
ويضيف: هناك شيء اسمه القرض وهو الصدقة، قال تعالى «من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا» أو إعطاء المحتاج مبلغا للضرورة على أن أسترده منه من دون زيادة، والدين هو ما ثبتت الذمة، الوديعة أمانة بمعنى انني أودعت مبلغا في البنك كأمانة هنا لابد أن أعطي البنك مبلغا نظير حراسته لأموالي، وهذا لا يعد ربا ولكنه عائد وربح حلال، لأن المتعامل بالربا وهو يعلم انه ربا يكون مرتدا عن الإسلام، وإذا كان متزوجا تطلق منه زوجته وإذا مات لا يدفن في مقابر المسلمين، الربا هي استغلال مباشر لحاجة المسلم.
هل مساعدة المرأة لزوجها حق عليها؟
- المرأة هي أمّنا وأختنا وزوجتنا وابنتنا وكل شيء في حياتنا، وقد ساوى الإسلام بين الرجل والمرأة مساواة في طلب العلم وفي العمل الشريف وفي التكاليف الشرعية وفي الكرامة الإنسانية.
لا نستطيع أن نقول أن مساعدة المرأة بمالها لزوجها حق عليها، ولكن هذه المرأة لها أجر وثواب واحترام، طالما تجد ان زوجها محتاج إلى مال، وكل شيء بالتراضي بين الزوجين، إذا سمح الزوج لزوجته بالعمل بشرط أن تساعده بمالها، وإذا رضيت بذلك فالمؤمنون عند شروطهم.
تحدث في جلسات النقاش أمر استاذ التعليم العالمي ومدير البحوث بجامعة الزيتونة في تونس محمد البشير البوزيدي عن تاريخ مساعي التقريب إذ قال: «كان الفقه هو القاسم المشترك بين المسلمين باعتباره منظما لعباداتهم ومعاملاتهم وفيه حضور لعلوم إسلامية شتّى. ويمثل سلسلة تربط بين أجيال المسلمين من الصحابة والتابعين والأئمة المجتهدين وبما أن الفقهاء من أهل الحل والعقد فلا غرابة أن نجد بوادر التقريب ظهرت من الفقهاء أنفسهم. فالكتب التي صنفها الفقهاء القدامى مثل «اختلاف الفقهاء» لأبي جرير الطبري وكتاب المحلّى لابن حزم الظاهري وبداية المجتهد لابن رشد و«المغني» لابن قدامة هي كتب في الفقه المقارن قصد منها مصنفوها فتح أفق الدارس المتذهب على أراء فقهية أخرى وبيان حججها.
وفي العصر الحديث نذكر من رواد التقريب بين المذاهب الشيخ جمال الدين الأفغاني إذ كانت صحيفته «العروة الوثقى» الصادرة في باريس تحث المسلمين على التقارب والوحدة. كذلك نذكر جهود الشيخ محمد عبده وصحيفة «المنار» التي كانت تصدر في مصر وترفع الشعار المأثور «نتعاون فيها اتفقنا عليه ويعذر بعضنا بعضا فيما اختلفنا فيه».
ومن دعاة التقارب والوحدة في مستوى أقطار الغرب الإسلامي نذكر جهود الشيخ التونسي محمد الطاهر ابن عاشور وجهود مصلح الجزائر الشيخ عبدالحميد بن باديس وكذلك جهود المغربي علالة الفاسي رحمهم الله، وعلى مستوى المؤسسات نذكر الحركة التقريبية التي نشأت في رحاب الأزهر الشريف حيث تبنى مجموعة من شيوخ السنة والشيعة الدعوة الى التقريب بين المذاهب الإسلامية. وتم بعث دار التقريب بين المذاهب الإسلامية التي تأسست في القاهرة سنة 7491. وكان من أعضائها: الشيخ المرعي والشيخ مصطفى عبدالرزاق والأستاذ عبدالمجيد سليم والشيخ محمود شلتوت ومن علماء الشيعة الشيخ محمد حسين آل كاشف الغطاء وأمينها العام الشيخ محمد تقي الدين القمي والسيدشرف الدين الموسوي والسيدهبة الدين الشهرستاني وهم علماء كبار سنة وشيعة عملوا على تيسير أسباب التقريب. وصدرت عنهم صحيفة «رسالة الإسلام» سنة 3491 والتي توقفت عن الصدور نهائيا سنة 2791 وقد ترجمت جمهورية إيران الإسلامية منشوراتها إلى اللغة الفارسية».
وأضاف «من نتائج هذا التقريب أن صار الفقه الجعفري يدرس الى جانب المذاهب السنية في رحاب جامع الأزهر ثم جامعة الأزهر وكذلك الشأن بالنسبة إلى جامعة الزيتونة إذ يوجد الفقه الشيعي والأباضي إلى جانب فقه السنة كما أن مادة تاريخ التشريع الإسلامي تتناول تاريخ جميع المذاهب الإسلامية على السواء ولاشك في أن الاهتمام بتاريخية المذاهب مع استثمار المعرفة التاريخية في تنميتها وإثرائها وتحليلها ما يحقق ما سلف بيانه من الوعي بوضع الاختلاف المذهبي وحجمه الصحيح بالنسبة إلى الدين الإسلامي وأصوله العامة المجمع عليها، كما أن تشريعات الأحوال الشخصية والميراث في بعض البلدان مثل مصر وتونس استندت في بعض أحكامها على المذهب الجعفري والزيدي، وفي مجال التصنيف الفقهي من المفيد في هذا المقام أن نشير إلى بعض الكتب الفقهية التي اعتمدت أكثر من مذهب مثل الكتاب الذي أصدره الفقيه الشيعي الشيخ محمد جواد مغنية «كتاب الفقه على المذاهب الخمسة» الذي جمع فيه المذاهب السنية الأربعة المعروفة والمذهب الجعفري في أحكام العبادات والأحوال الشخصية وقد توالت طبعات هذا الكتاب ما يدل على حسن القبول من الناس».
وقدم البوزيدي مقترحات من أجل التقريب حددها بتنشيط حركة الاجتهاد، ومعرفة الآخر، والانفتاح والحوار، ودعا إلى تبني التعصب المنهجي ومعالجة الذاكرة التاريخية، ودعا إلى نبذ منهجية عملية للتقريب ترتكز على ترشيد الخطاب الديني، ونبذ العنف، وتمكين الأقليات المذهبية من المشاركة في الحياة العامة، وتعزيز دور المؤسسات الإعلامية، في تكوين رأي عام متسامح، وأن يكون هناك دور للمؤسسات التعليمية وللتربية الأسرية.
المنامة - الوسط
قال رئيس قسم العقائد والأديان بكلية الشريعة في جامعة دمشق محمد سعيد رمضان البوطي في ورقة بحث بعنوان «نقاط أربع لعلها تشكل نسيج الأمة الاسلامية الواحدة» عن معنى «التقارب»: «أعتقد أن فينا من قد يظن أن المقصود بها تضييق مساحة الخلاف بين المذاهب الاسلامية جهد الاستطاعة. وانما يكون سبيل ذلك (إذا كان هو المراد) التلاقي على الحوار والمناقشة في النقاط الخلافية التي يظن ان من اليسير الاتفاق فيها على رؤية واحدة، لو تم التحقيق بشأنها... كما أعتقد أن فينا من يفسر هذا التقارب بقبول كل منا للآخر الذي فيه، وإنما يكون السبيل الى ذلك (إذا كان هذا هو المراد) أن ينظر صاحب كل مذهب إلى الآراء المخالفة في المذهب الآخر، على أنها داخلة في القضايا الاجتهادية التي يلزم فيها المجتهد بما قد بصّره به اجتهاده. سواء أخذنا برأي المصوبة الذين يرون أن الحق في المسائل الاجتهادية تابع لما انتهى اليه اجتهاد المجتهد، أو أخذنا برأي المخطئة الذين يرون أن الحق ليس تابعا ألا لما ثبت أنه الحق في علم الله عز وجل».
معتبرا «التفسير الأول للتقارب غير صالح، ومن ثم فهو غير وارد ولا مراد. بل الراجح أن محاولة التقريب على هذا الطريق، لا تزيد أصحاب المذاهب إلا جفوة وتباعدا، ولكان في النقاط الخلافية ما يمكن التلاقي بشأنه على رأي واحد، ولكان في مجهود السابقين خلال الأجيال المتقدمة ما حقق ذلك».
مضيفا «التفسير السليم لكلمة التقارب هنا، هو التفسير الثاني، أي أن يتسع صدر كل منا، بل فكره وعقله، لقبول ما عند الآخر، وذلك عن طريق الاحتكام إلى المصير الذي لابد منه، ولا بديل عنه، في القضايا الاجتهادية».
كما تناول معنى «المذاهب الاسلامية»... متسائلا أهو المذاهب المتخالفة في بعض الأصول الاعتقادية أم هو ما يشملها ويشمل المذاهب الفقهية، أي المتخالفة في بعض فروع الشريعة؟
قائلا إننا نشهد في عصرنا هذا ظاهرة مؤسفة، أبرزت الاختلافات الفقهية بين المذاهب الفقهية على أنها مصدر من مصادر العصبية للرأي، بل للذات بعد أن كانت مصدرا من مصادر التفاهم والتعاون والتيسير. ومن ثم غدت هذه الاختلافات الفقهية أو أكثرها سببا من أسباب الفرقة والاتهام بالضلال والابتداع».
وأضاف «إن المنهج السليم الى التعايش بين المذاهب الاسلامية يمكن العثور عليه، من خلال العمل على تنفيذ النقاط الآتية:
أولا: الانطلاق من خطوة تأسيسية لابد منها، هي الاخلاص في كل من المقصد والعمل لله عزوجل.
ثانيا: الاحتكام الى قاعدة اذا اجتهد المجتهد فأصاب فله أجران وإذا اجتهد وأخطأ فله أجر واحد.
ثالثا: أرى ضرورة وجود مزيد من الاهتمام بدراسة الفقه المقارن، من حيث العمق العلمي والاتساع الشمولي.
وأخيرا «ضرورة التنبه الى أخطر الأسلحة التي يحارب بها الوجود الاسلامي في بلاد المسلمين، انه يتمثل في سلاح واحد لا ثاني له، ألا وهو سلاح القضاء على البقية الباقية من وحدة الأمة الاسلامية، والجسور والاعتقادية الواصلة ما بين فئاتها وأفرادها».
الوسط - المحرر السياسي
قام وفد من الذين يشاركون في مؤتمر تقريب المذاهب مكون من السيدعلي فضل والشيخ الخشرم بزيارة جمعية الوفاق الوطني الاسلامية عصر أمس والتقيا بالمسئولين في ادارة الجمعية وتباحثا مع المسئولين في الجمعية قرابة الساعة ونصف الساعة ودار نقاش مطول عن هموم العالم الاسلامي وما يدور في البحرين من تطورات سياسية واقتصادية. ومن خلال اللقاء قال السيدعلي ان الاميركيين في العراق يعملون على تأجيج الفتنة بين الشيعة والسنة، وضرب في ذلك مثالا عندما قالوا ان علاقتهم بالشيعة علاقة جيدة وفي ضوء ذلك سمحوا لهم باداء المراسم الحسينية في الهواء الطلق والتي حضرها من اهل المذهب من دول كثيرة مشيرة إلى أن الاميركيين يعملون من ذلك على استفزاز اهل السنة متسائلا هل الهدف من علاقة الاميركيين بالشيعة علاقة حقيقية ام انها من أجل ضرب الوجود الاسلامي بشكل عام في العراق.
ومن خلال اللقاء تطرق الحديث إلى لبنان والضغوط الاميركية على سورية من أجل الضغط على المقاومة اللبنانية. وتخلل الحديث المتبادل بين إدارة الجمعية والضيوف التأكيد على وحدة الامة الاسلامية والعمل على تفويت محاولات شق الصف الاسلامي كافة. ومن جانب جمعية الوفاق تم التأمين على ما ورد بشأن تأكيد وحدة المسلمين والعمل على تعميق هذه الوحدة شاكرين لضيوف البحرين الزيارة التي قاموا بها للجمعية.
المنامة - الوسط
قالت رئيسة مؤسسات الامام الصدر الفاضلة رباب الصدر «لا يمكن الاحتفاظ ببيضة البلد، واختيار الحكم الصالح الا اذا كانت الامة حددت مواصفات عامة لقيادتها، باتفاقها ووحدة كلمتها وتفاعل عناصرها واطلاعها على الظروف العالمية ووعيها للملابسات العامة ودرسها لتجاربها وتجارب الآخرين».
وأضافت: «وحدة الكلمة من وحدة الناس في الكلمة، ووحدة الناس في الكلمة من وحدة الكيان، وعلى الاقل الكيان الثقافي والفكري مع اقامة كيانات سياسية متعددة، وأشكال حكم مختلفة، فالإرادة الواحدة لجعل الكلمة واحدة تقرب الابعاد بين الانظمة السياسية وأشكالها، مادامت هي اشكال متعددة مع مضمون وحدوي، ومادامت هذه الاشكال لا يحكمها حب السيطرة والهيمنة وتغليب نظام على آخر أو معتقد على آخر بفعل من توفر قدرات عند جانب لا ينعم بها أو مستواها طرف آخر. ولقد أشرت الى وجود اسلامي متعدد الحالات، فمنها المجموعات المقيمة في مواطنها التاريخية ومنها ما يشكل مجموعات كبيرة في مواطن هجرة مختلفة عنها ثقافة وديانة، ومنها ما عبرت عنه بالزهور البرية، التي تنبت في صحراء لا علاقة معها الا من حيث المنبت، ولذلك فأي توحد في الكلمة في مواطنها الطبيعية ينعك•• بشكل يحفظ لهذه الجماعات ثقافتها الاصيلة إلى جانب تكيفها الاجتماعي مع الجماعات الأخر، انفتاح العالم على استيعاب مجموعات ليست من نسيجه ثقافة ودينا ولسانا ولونا يحدو بنا ان ننظر الى كل اقتراح أو قرار مصحوبا بالتذكر بان المسلمين عبارة عن مجموعات لها في مواطنها الجديدة طبائع عيش مختلفة، ويجدر بنا ان نشركهم باهتماماتنا وهمومنا وتقنيات اليوم تساعدنا على نظرة التوحد والتقريب».
المنامة - حسين خلف
في تصريح خاص بـ «الوسط» قال الشيخ أحمد الكبيسي: «اتفق علماء الشيعة أم لم يتفقوا، تصالحوا أم تقاطعوا، تباغضوا أم تحابوا، فلن يؤثر هذا شيئا على العراقيين. العراقيون بوجودهم بواقعهم شيعة وسنة في آن واحد. كل شيعي سني وكل سني شيعي بمعنى أن العراق يتكون من مجموعة من القبائل وكل قبيلة لها جناحان شيعة وسنة فابن عمي شيعي وأنا سني، ولهذا كل الدعوات التي ثارت انطفأت بسرعة، الفقاعات في هذا الزمان سرعان ما تنشأ وسرعان ما تنطفئ ولا تقلقوا فالعراقيون أمة عريقة، فكيف نخاف؟ ولكن كما يقول المثل المصري (اخلع منها وهي تعمر) دع الاميركيين يخرجون وستعمر العراق».
وعن المقاومة في العراق وهويتها غير الواضحة وهل هي فلول صدام أم من أبناء الشعب العراقي، قال: «هذا تقزيم للمقاومة وتسقيط لها، والنظام السابق كان يقوم على المصالح والمكاسب وعلى الأموال التي سرقوها من هذا الشعب، وهم يعترفون بهذا اليوم، ولهذا فإن اتباع النظام السابق لم تعد لهم مصلحة في أن يقاتلوا لأنهم لن يكسبوا تلك المكاسب التي كانت لهم... ان من يقاتل اليوم هم أناس لهم فكر وعقيدة ومصلحة في بلدهم، وساءهم ما يجري على أرضهم، والاهانات التي تلحق بهم. والعراقيون معروفون وإن أجهل عراقي هو أعظم حضارة وفكرا من بوش نفسه».
المنامة - خليل عبدالرسول
دعا الشيخ يوسف القرضاوي مؤتمر «التقريب بين المذاهب» إلى اتخاذ موقف حاسم لرفض كل توجه قد يدعو إلى فتنة طائفية بين المسلمين في العراق، قائلا «تلقيت اتصالا من علماء داخل العراق يدعون فيه المؤتمر إلى اتخاذ موقف من رفض الفتنة الطائفية في العراق»، مشيرا إلى ضرورة تفويت الفرصة على الاحتلال وفلول النظام السابق اللذين يهدفان إلى خلق فتنة طائفية بين السنة والشيعة، مشددا على ضرورة مبادرة المؤتمر باتخاذ هذا الموقف.
كما حمل القرضاوي في مداخلة له ضمن الجلسة الثالثة لمؤتمر «التقريب بين المذاهب» صباح أمس على الاتجاهات التكفيرية «التي لا ترى في الحق غير رأيها» قائلا «أنا واحد ممن كفروني»، داعيا إلى انتهاج سبل الحوار بين المسلمين ونبذ الفتن وترسيخ ثقافة «فقه الاختلاف».
العدد 381 - الأحد 21 سبتمبر 2003م الموافق 25 رجب 1424هـ