العدد 387 - السبت 27 سبتمبر 2003م الموافق 01 شعبان 1424هـ

«بينوكيو»: لماذا فكر روبرتو بينيني أن صنعه فكرة جيدة؟

يقضي روبرتو بينيني وقتا طويلا وهو يتكلم مديرا ظهره الى الكاميرا في فيلم «بينوكيو» مفضلا اخفاء شفتيه اللتين لا علاقة لحركتهما بالصوت المنسوب اليهما.

وعلى ما يبدو لم يكن بينيني راضيا عن المحاولة التي قام بها لدبلجة الشخصية التي يلعبها بالانجليزية وبصوته، فأعفى نفسه في آخر لحظة وكلف بالمهمة الممثل الأميركي بركين ماير الذي يتخذ صوته طابع المونولوغ الانيني المزعج والمتواصل. انه يكلم ذاته كثيرا ولكنه حتى وان كان يتكلم مع شخص آخر يبدو وكأنه في غرفة لا يوجد فيها غيره.

لماذا فكر بينيني ان ذلك فكرة جيدة؟ وما عدا ذلك، لماذا فكر ان أي شيء آخر في نسخته هذه لرواية «بينوكيو» هو فكرة جيدة؟ لقد استخدم بينيني حرية الاكشن الحي التي وفرتها له الشهرة التي اكتسبها في فيلم «Life is Beautiful» ليغتال الرواية الكلاسيكية المخصصة للاطفال اغتيالا.

هذه قصة متجذرة في الثقافة وتخريبها اسهل بكثير من تحويلها الى فيلم سينمائي بالطريقة الصحيحة. ان النسخة التي صنها ديزني في العام 0491 هي التي تقفز الى أذهان الجميع، وعن حق.

ولكن قصة بينوكيو صورت بشكل وآخر اكثر من 52 مرة، ما يجعل الشيء الذي جعل بينيني يعتقد انه يستطيع ان ينقلها الى الشاشة مجددا، اقل وضوحا.

ولا يحتمل ان يستمتع بالفيلم الجديد اي شخص له من العمر ما يمكنه من قراءة الترجمة على الشاشة، ما يجعل الدبلجة الصوتية ضرورية، ولكن الانقطاع شبه التام بين الصوت والصورة قد يصدم حتى أصغر عشاق السينما سنا.

هذا فيلم سيئ لجميع الاعمار وبدبلجة من مستوى افلام الكونغ فو مهينة لمهنة الدبلجة. وبوسعك ان تتخيل طاقم اصوات في استوديو تسجيل يحاولون من دون جدوى مزامنة الكلمات مع شفاه ممثلين ايطاليين لم يتقابلوا معهم ابدا، ولا احد منهم اتيحت له الفرصة ليكون طريفا. بل من غير المحتمل ان تلاحظ ان ممثلين من عيار جون كليز وإدي غريفين وتشيتش مارتين ورجيس فيليب هم الذين يتكلمون.

ولكن حذارِ ان تخطئ فهذا «البينوكيو» هو كارثة حتى باللغة الايطالية.

بينيني الذي شارك في كتابة النص السينمائي وأخرج الفيلم بنفسه يتمسك الى اقصى حد بنص رواية الاطفال التي ألفها كارلو كولودي، على أمل ان ينبع السحر من الامانة في الاقتباس من الاصل. الا ان ثمرة عمله جاءت مشوشة وبشكل لوحة هوائية من البلاتوهات الاسمنتية والتأثيرات الرقمية الغريبة.

ولا يحس المتفرج بالانجراف الى عالم سحري بقدر ما يحس انه غطس في فانتازيا متخيلة سطحية من دون خريطة طريق. وتظهر طريقة بينيني مسطحة ومتقيدة بالحرفية حتى في تصويره للفقرات الاكثر روعة للرواية. ان كل شيء يحدث بالذبذبة العاطفية نفسها، من الخديعة التي يتعرض لها بينوكيو من جانب القطة والثعلب، الى جمع شمله مع غيتيبو في جوف الحوت. ولا ينمو بينوكيو ويكبر في رحلة مغامراته فيما ينتقل بصورة مفاجئة من حادث الى آخر.

وهناك، انصافا، بعض اللحظات الممتعة مبعثرة على امتداد الفيلم، فمن ناحية الصوت يقدم توفر غريس بعض الخفة الظريفة في دور ليوناردو، صديق بينوكيو الذي يحب جدا حلوى اللولي بوب، وهو من الخفة بحيث يوحي بأنه لا يستطيع ان يصدق ما يقوله، ولكنه مع ذلك يقدم اداء حماسيا.

ثم هناك نيكوليتا براستشي زوجة بينيني في دور الحورية الرزقاء التي تداعب كاميرا المصور السينمائي الشهير دانتي سبينوتي ملامح جمالها. واللون الارزق هو على الدوام اللون المفضل لدى سبينوتي، وهذه الحورية الرزقاء جارفة للأحاسيس حقا.

غير ان هذا كل شيء. بينيني، الذي يستطيع ان يجعل الكبار يضحكون مثل الاطفال، سيجعل الصغار يصابون بالضجر مثلما سيضجر آباؤهم من بينوكيو نفسه.

بينوكيو من توزيع ميراماكس فيلمز، وهو للجميع ويستغرق عرضه 001 دقيقة.

العدد 387 - السبت 27 سبتمبر 2003م الموافق 01 شعبان 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً