العدد 2644 - الثلثاء 01 ديسمبر 2009م الموافق 14 ذي الحجة 1430هـ

«السلطة الرابعة»... خطوات للأمام وتحديات قد تعيدها للوراء!

تزامنا مع بدء ملتقى الإعلاميين ... وجائزة «الصحافة»... وقرب ولادة القانون

يبدأ اليوم ملتقى قادة الإعلام العربي الذي تستضيفه البحرين، والذي سيشهد إشهار جائزة البحرين لحرية الصحافة كجائزة سنوية تقدمها وزارة الثقافة والإعلام احتفاء بالصحافة والصحافيين وتأصيلا لأسس المهنية السليمة وتعبيرا عن الرغبة الحثيثة في جعل ميدان الصحافة أكثر حرية وصدقية وشفافية.

وتشكل هذه المناسبات، بالإضافة لتزامنها مع انتهاء لجنة الخدمات النيابية من تقريرها بشأن قانون الصحافة الذي طال انتظاره، وتقديمه لهيئة مكتب النواب للنظر في عرضه على النواب لإقراره مناسبة للحديث عن واقع الصحافة البحرينية وأبرز القوانين التي عاصرتها منذ مطلع القرن الماضي وحتى اللحظة.


القانون المنتظر... هو الخامس

القانون المؤمل إقراره من قبل السلطة التشريعية قريبا سيكون الخامس في طابور القوانين التي صدرت بشأن الصحافة والنشر، فأول هذه القوانين صدر في العام 1954، وتلاه قانون آخر في 1965، ثم القانون الثالث الذي عمل به طويلا بدءا من 1979، وحتى العام 2002 حيث نسخه المرسوم بقانون رقم (47) الذي نظّم الصحافة والطباعة والنشر، غير أنه لاقى ردودا غير «إيجابية» بسبب احتوائه مواد مشددة بشأن العقوبات التي تطال الصحافيين، بالإضافة لقصوره عن الاتساع المتزايد في الحريات بعد تدشين المشروع الإصلاحي العام 2001.

المحطات الصحافية في البحرين ممتدة، وربما تكون صحافة الأربعينيات من القرن الماضي أوضح باكورتها، إذ شهد هذا العقد ولادة صحيفتين هما «البحرين» التي ترأسها عبدالله الزايد ( 1939-1944)، و»الجريدة الرسمية» التي بدأت في الصدور العام 1948، فيما مثّل عقد الخمسينيات عقد الصحف السياسية التي برزت فيه «صوت البحرين» لعبد الرحمن الباكر. و»الجريدة الرسمية» الصادرة في العام 1948 بتناول اللبنات. أما صحافة الخمسينيات -عدا جريدة «الخميلة»- فقد قامت ببث الوعي القومي بين المواطنين، واتجهت مجلة «صوت البحرين»، و»الخليج» التابعة لصحيفة «الديلي ميل» البريطانية، وصحيفة «الخليج العربي» التي كانت تصدرها شركة الخليج المحدودة، و»أخبار الخليج» التي هي فرع من صحيفة «البصرة».

وشهدت الستينيات ولادة صحيفة «الأضواء» الأسبوعية في عام 1965 والتي توقفت في العام 1993، و»أضواء الخليج» اليومية في نوفمبر/ تشرين الثاني من العام 1969 وتوقفت في أبريل/ نيسان 1970، و»صدى الأسبوع» في العام 1969.

أما في السبعينيات وتحديدا في سنة 1976 صدرت «أخبار الخليج» اليومية، وتبعتها سنة 1978 صحيفة يومية باللغة الإنجليزية هي. Gulf Daily News

فيما شهد أواخر عقد التسعينيات صدور صحيفة «الأيام» اليومية إذ بدأت في السابع من مارس/ آذار العام 1989.

وبدءا من العام 2002 تم منح التراخيص لصحف جديدة للصدور بعد سنوات طويلة من المنع، وحتى يومنا الحالي هناك 5 صحف صدرت بعد هذا العام هي (الوسط، الميثاق، الوطن، الوقت، البلاد).


نكسة قانون 47

وعلى رغم أن هذا التقدم الملحوظ في عدد الصحف، إلا أن صدور المرسوم بقانون رقم 47 لسنة 2002، شكل نكسة للواقع الصحافي في البحرين، ذلك أن القانون الذي صدر يجرم الصحافي ويحبسه ويحيله إلى قانون العقوبات ضمن جملة طويلة عريضة من القيود التي يضعها على حرية الصحافي في التعبير، والتي قوبلت باعتراضات لا حصر لها من قبل المؤسسات الصحافية.

القانون الحالي الذي ينظم الصحافة البحرينية (رقم 17/2002) تعرض لانتقادات شديدة لقيوده المفرطة المنظمة حول حرية التعبير. وترتب بصورة مباشرة على تطبيق هذا القانون العام 2002 تراجع تصنيف البحرين في قائمة «مراسلون بلا حدود» المتعلقة بحرية الصحافة الدولية من درجة 67 إلى درجة 143 بين العامين 2002 و2008. إذ يمكن بموجب نصوص القانون الحكم على الصحافيين أو نشطاء المجتمع المدني بما يصل إلى السجن لمدة 5 سنوات بتهمة «إثارة الانقسامات المذهبية والعنف وتهديد الوحدة الوطنية». كما يسمح القانون أيضا بفرض غرامات تصل إلى 2000 دينار بحريني على تهم أخرى تشمل نشر مواد صادرة عن دولة أو منظمة أجنبية من دون تصريح مسبق من الحكومة، وتوجيه ادعاءات بحق رئيس دولة أجنبية ترتبط بعلاقات دبلوماسية مع البحرين.

وتقوم المحاكم البحرينية بين فترة وأخرى بفرض أوامر قضائية لمدد طويلة تمنع نشر قصص إخبارية عن قضايا منظورة أمام المحاكم، ونظرا إلى تأخره لمدد طويلة في نظر القضايا في البحرين، فهذا يعني أن القضايا المتضمنة ادعاءات بإساءة استخدام السلطة من قبل الحكومة قد تمنع من طرحها للبحث من قبل وسائل الإعلام لعدة أشهر أن لم يكن لعدة سنوات.

وقد تشكلت لجنة بعد لقاء سمو رئيس الوزراء ضمت ثلاثة صحافيين وثلاثة رؤساء تحرير وثلاثة وزراء لمعالجة مشكلة الصحافة، المشكلة التي بدأت وترسخت بعد صدور قانون تنظيم الصحافة والطباعة والنشر في أكتوبر/ تشرين الأول من العام 2002، بقي موضوع قانون الصحافة يراوح مكانه، حتى دخل إلى دهاليز المجلس الوطني، فجاء مشروع القانون الذي تقدم به مجلس الشورى في العام 2004 وقاده العضو إبراهيم بشمي، والذي شهد بدوره حركة التفافية ذكية من قبل الحكومة تسببت في إسقاطه، بعد أن تقدمت الحكومة بدورها بمشروع آخر مغاير.


حراك القانون الجديد... إلى أين؟

سنوات مرت منذ ذلك اليوم، خاض فيها المجلس الوطني في موضوعات كثيرة، غير أن موضوع قانون الصحافة وقف «محلك سر»، انتهى الفصل التشريعي الأول للمجلس بعد أربع سنوات من العمل، وبدأ فصل تشريعي جديد، بنواب وأعضاء شورى بعضهم جدد وكثير منهم مخضرمون، غير أن شيئا لم يتغير في وضع قانون الصحافة الذي لايزال يترقبه الجميع.

فصلٌ تشريعي ثانٍ بدأ، افتتحه جلالة الملك بكلمة أكد فيها بكل صراحة ضرورة إقرار قانون مستنير للصحافة يحمي حرية التعبير ويعطي السلطة الرابعة فرصتها لتمارس دورها بفاعلية في مجتمع ديمقراطي. انتهى الدور الأول منه، وتلاه ثانٍ بوزير إعلام جديد أكد في أول تصريح له بعد توزيره ضرورة إقرار هذا القانون غير أن جديدا لم يحدث في الأمر.

دور انعقاد ثالث مضى والجسم الصحافي في البحرين يعاني الأمرين تارة من القضايا التي ترفع على الصحافيين بين فترة وأخرى، وطورا من القرارات الفوقية التي تمنعهم من النشر في صحفهم أو عبر المطبوعات والكتب.

في مايو/ أيار 2008 نشرت وزارة الإعلام مسودة قانون جديد للصحافة سيكون من شأنه في حالة المصادقة عليه إلغاء الجرائم الصحافية، والحد ظاهريا من صلاحيات وزارة الإعلام في فرض عقوبات على المطبوعات دون رقابة قضائية. ويبقى بعد ذلك بعض القلق بشأن تلك المخالفات الغامضة إلى حد ما والمتعلقة بمخالفة شئون دينية أو تهديد الوحدة الوطنية، التي من شأنها أن تبقى العاملين في الإعلام عرضة لأحكام بالسجن وفقا لما تراه السلطة القضائية.

أخيرا مع دور الانعقاد الرابع الحالي، بدأت تباشير ولادة قانون مستنير للصحافة بعد أن أعلنت لجنة الخدمات النيابية أنها أنهت تقريرها بشأن القانون وأنها قدمته إلى هيئة مكتب النواب، لتضمينه إحدى جلسات البرلمان المقبلة، وهو ما يعني أن الجسم الصحافي قد يكون على موعد مع إقرار القانون المنتظر قبل انتهاء الدور الحالي والفصل التشريعي بأكمله.


غياب مؤسسات تدافع عن الصحافيين

حاليا لا توجد جهة قوية تدافع عن مصالح الجسم الصحافي فالخلافات داخل جمعية الصحافيين البحرينية أصبحت مادة ساخنة للصحف المحلية، واستفحالها أدى لضعف ثقة الصحافي البحريني في هذا الكيان، ما أدى إلى بحث الجسم الصحافي عن مؤسسات أخرى لتبني قضاياه، كما أن «نقابة الصحافيين» لا تقدم الكثير في هذا الصدد، وقد أعلن مركز البحرين لحقوق الإنسان (المنحل) مؤخرا، أنه أضحى الجهة الوحيدة المعتمد عليها من قبل المؤسسات الدولية في رصد وتوثيق الانتهاكات التي تعترض الصحفيين في البحرين، وأصبحت «غالبية التقارير والمؤشرات الدولية المعنية بحرية الرأي والتعبير تعتمد عليه كمصدر رئيسي للمعلومات»، مرجعا ذلك لـ»غياب دور جمعية الصحافيين البحرينية في القيام بدورها في توثيق الانتهاكات التي تتعرض لها حرية الرأي والتعبير والتضييق الممارس على الصحافيين والمدونين، ونظرا إلى غياب نقابة الصحافيين (تحت التأسيس) لأسباب لا نعرفها، وهي المشروع الذي كان يطمح له يوما أن يأخذ موضوع الرصد والتوثيق وحماية الصحافيين ويغطي هذا الفراغ الموجود، ولعدم وجود أي جسم صحافي أو إعلامي مستقل يعمل على حماية الصحافة والصحافيين وتوثيق ما يتعرضون له من تضييق وانتهاكات مستمرة».

العدد 2644 - الثلثاء 01 ديسمبر 2009م الموافق 14 ذي الحجة 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 1 | 1:09 م

      آخر نكتة إعلامية .. البحرين تحتفل بإشهار جائزة لحرية الصحافة

      من المضك والدي يعتبر نكتة الموسم ... بأن البحرين التي تجرجر الصحفيين للمحاكم .. وتغلق المنتديات .. وتمارس الضغوط على حرية الرأي والتعبير .. وتنمع المواقع الرافعة للحظر المعروفة بالبروكسي ... تحتضن وتحتفل بإشهار جائزة لحرية الصحافة وتكريم الصحافيين ...
      إحتفظوا بهدا التعليق لكم .. لأنكم لا تستطيعون نشره ... لوجود حرية الصحافة والنشر .. وشكرا

اقرأ ايضاً