العدد 2330 - الأربعاء 21 يناير 2009م الموافق 24 محرم 1430هـ

لا يفعلها الحكّام وتفعلها الشعوب

الثورة والنهضة والتحرر والتقدم في معظم سير التاريخ لحياة الشعوب، لا يفعلها الحكام ولكن تفعلها الشعوب. والانتصار على الانهزام والعدوان والقهر والذل والهوان والجهل لا تفعلها الحكّام عادة ولكن تفعلها الشعوب شريطة أن يتوفر لها القائد والمرشد الذي يتفق مع الشعوب كالعادة في سجل تدوين التاريخ، ولكننا وفيما يبدو أمام ظاهرة جديدة لم يعرف لها في دواوين التاريخ مثيل. فلأول مرة يتفق القادة وشعوبهم ليس على - تنكيس الرؤوس أو الصمت - فذلك أمر معروف ومفروغ منه! بل إن الخارج عن المألوف هو استحياء حكام المسلمين وقادتهم وتوقفهم عن إطلاق البيانات المبتزة والمستهلكة سياسيا وذلك في إشارة واضحة لما وصل إليه حال الحكام وهو أمر يمكن للمرء فهمه في ظل ما تمارسه الحكومات الغربية ضدهم من إرهاب وتواصل عليهم من ضغط، مفاده الاستجابة لاستباحة أراضيهم ونهب خيرات دولهم وإفقار شعوبهم ولم يقف الأمر عند ذلك الحد، حتى بلغ الحال إلى تبديل الحكومات وخلع الرؤساء من دولهم الإسلامية والعربية وسط مرأى ومسمع المليار مسلم وفي طوق دول الجوار والمساعدة من أرض وسماء وعتاد الجار المسلم!

وذلك في تجنب جلي وواضح لسياسة بوش (أما معي أو ضدي) فتلك أمور يمكن للمرء فهمها وفهم التبلد الشعبي المبرمج إزاءها ولكن، ما لا يفهم هو خنوع الشعوب الإسلامية لدرجة أدنى من مسمى البلادة وذلك في استمرارهم في استهلاك بضاعة عدوهم. فإني شخصيا لا ألوم الحكام ولا أخلي مسئوليتهم ولكني أتوجه للشعوب وأسأل: هل يقر لكم جفن ونظراؤكم من المسلمين يقتلون ويرشقون بالقنابل ليل نهار!؟ أطفالهم ونساؤهم وعجائزهم وشيبهم وشبابهم يغرقون في مشاهد من حمامات الدم وكأنه فيلم واقع!

أم كيف يطمئن لكم بال باللعب والتسابق والاحتفال وجزءا منكم يباد!؟ نعم يا شعوب النعم! إني لا أفهم كيف يهنأ لكم طعام ولباس ومركب، ونسبة ريع عوائدها يذهب لرصاص الصهاينة وآلاتهم الحربية لتقطيع وتمزيق الصامدين من عراة وعزل وأطفال في فلسطين! نعم فإني أعلم مواقف الحكام وليَ القدرة على تفهم مواقفهم سواء بالإيجاب أو السلب ولكن ليس لي استطاعة على تفهم موقفكم المخزي! فسلاح المقاطعة بيد الشعوب لا الحكّام ولا أحد يستطيع عليكم فرض شراء حاجياتكم وذلك أضعف الإيمان!

ولا أحد يستطيع فرض عليكم اللعب والتسابق و...الخ.

فالكثير بيد الشعوب لا بيد الحكام. قال تعالى:(إن تنصروا الله ينصركم) فالنصر في داخلكم وقال تعالى:(إن الله لا يغير ما بقومٍ حتى يغيروا ما بأنفسهم) ولذلك حينما تصلون وتخلصون في السؤال إلى الله والتضرع في الدعاء وتطلبون منه السماح والعفو والقوة والإخلاص والصدق والأمانة...الخ، فإن الله يمنحكم الفرصة للعمل والفوز بفرصة الحصول على الصفة التي تطلبونها.

فكم من الفرص تغدو أمامكم وكم من وسائل الجهاد في أيديكم وأنتم عنها معرضون يا شعوب!؟ فمن السهل لوم الحكام أو الطعن فيهم وتحميلهم المسئولية وملامتهم وذلك بحسب وجهة نظركم العامة ولكن أليس من الأجدى هو لوم أنفسكم تجاه نبذ التفرقة ووضع الخلافات جانبا أو على الأقل تجنبها وبدء عمل برنامج فعلي تجاه تفعيل سلاح المقاطعة وذلك أضعف الإيمان. فمن لا يستطيع الانشغال في مجاهدة عيوب نفسه، فهو من باب أولى، أضعف أن يجاهد الآخرين.

عارف الجسمي

العدد 2330 - الأربعاء 21 يناير 2009م الموافق 24 محرم 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً