العدد 339 - الأحد 10 أغسطس 2003م الموافق 11 جمادى الآخرة 1424هـ

الانتعاش الاقتصادي قد لا يحل مشكلة البطالة في أوروبا

12,5 مليون عاطل في منطقة اليورو

من غير المرجح ان تؤدي خطة للانتعاش الاقتصادي في الاثنتي عشرة دولة الاعضاء في العملة الاوروبية الموحدة (اليورو) العام المقبل الى خلق فرص عمل على نطاق واسع، وهذا نبأ غير سار لنحو 12,5 مليون عاطل في مختلف ارجاء منطقة اليورو.

وطبقا لتقديرات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية لن تشهد البطالة تراجعا في منطقة اليورو الا بمعدلات متواضعة في السنوات الخمس المقبلة لتصبح نحو 7,5 في المئة في العام 2008 ما لم تتخذ الحكومات المزيد من الخطوات لتحرير اسواق العمل.

وأوضحت بيانات الجهاز الاحصائي للاتحاد الاوروبي «يوروستات» ان معدل البطالة بلغ 8,9 في المئة في يونيو/حزيران الماضي. وقال الخبير الاقتصادي المتخصص في منطقة اليورو بمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية التي يوجد مقرها في باريس لورانس بون: «اذا لم يتغير شيء فان المنظمة تتنبأ بأن معدل البطالة سيكون 8,25 في المئة في المتوسط في الفترة من 2003 وحتى 2008».

ومن المقدر ان يبلغ متوسط معدل البطالة في الولايات المتحدة في الفترة نفسها 5,5 في المئة. ونتيجة لذلك ستستمر اعانات البطالة في الضغط بقوة على الموازنات العامة في اوروبا وستظل حركة القارة متعثرة بكوابح داخلية تحد من النمو.

ومع تزايد عدد العاطلين في المانيا عن أربعة ملايين لا يمكن توقع ازدهار في الاستهلاك يخرج أكبر قوة اقتصادية في أوروبا من ركود مستمر منذ ثلاث سنوات تقريبا. من جهته قال كبير الخبراء الاقتصاديين في مؤسسة ابحاث «ان تي سي ريسرش» المسئول عن اعداد مؤشرات مديري الشراء الشهرية كريس وليامسون لرويترز: «سيظل خلق الوظائف معطلا حتى لو كان هناك زيادة قوية في النمو»، ذلك لان خلق وظائف جديدة في أوروبا يظل امرا مكلفا ومعقدا ومحفوفا بالمخاطر.

فمن ناحية فان الشركات متشككة في قوة النمو ولا تقبل اي عمالة جديدة. وحتى بينما تشير مؤشرات رئيسية مثل مؤشر مناخ الاعمال في المانيا الى بدء تحسن مع حلول نهاية العام فان الشركات الكبرى تعلن الاستغناء عن اعداد كبيرة من العمالة.

وبالاضافة الى الشكوك في التحسن فإن كلفة العمل المرتفعة لاتزال تمنع التوظيف في منطقة اليورو فالضرائب والمساهمات التأمينية تلتهم ما يزيد عن 40 في المئة من اجمالي الاجور مقارنة مع اقل من 30 في المئة في الولايات المتحدة. وتوقعت دراسة اجرتها شركة ايه تي كيريني للاستشارات ان تنقل المصارف الاوروبية نحو مئة ألف وظيفة الى الخارج الى دول تكون فيها كلفة العمل منخفضة بحلول العام 2008 لمواجهة المنافسة وتفادي عمليات الاستحواذ.

كما تواجه الشركات الاوروبية بالاضافة الى الشكوك وارتفاع كلفة العمل قوانين متشددة لحماية العمال ما يردعها عن تعيين عمال ستواجه مشكلات في فصلهم مرة اخرى.

كما ان اعانات البطالة في بعض البلدان مرتفعة الى حد يجعل الناس ترفض وظائف متدنية الاجور. وهناك تغييرات تجري في المانيا التي تخفف من قوانين حماية العمال وتخفض الاعانات وتضغط اكثر على العاطلين كي يقبلوا فرص العمل.

وقول خبراء اقتصاديون ان الخطة التي تعرف باسم «برنامج 2010» على رغم تواضعها مقارنة بالاصلاحات التي ادخلتها بريطانيا في الثمانينات هي الخطوة الصحيحة لكنها لن تؤدي بمفردها الى الانتعاش. وتمثل قدرة العمالة على الانتقال من بلد لآخر مشكلة اخرى يعبر عنها جزئيا التباين الكبير في معدلات البطالة من 3,7 في المئة في لوكسمبورج الى 11,4 في المئة في اسبانيا، وتحتل المانيا وفرنسا المرتبة الثانية إذ يصل معدل البطالة بهما الى 9,4 في المئة بحسب بيانات يوروستات في يونيو.

واللغة والثقافة عقبتان واضحتان ربما تمنعان طبيب اسنان فرنسيا من فتح عيادة في هلسنكي. ولذلك السبب وحده فمن المستبعد ان تكون قدرة العمالة على الانتقال كبيرة مثلما هو الحال في الولايات المتحدة. ولم تفعل الحكومات الاوروبية الكثير لازالة عقبات اخرى مثل عدم وجود صناديق معاشات يسمح لها بتحويل اموالها من دولة الى اخرى والمشكلات المتعلقة بالحصول على مؤهلات عمل يعترف بها عبر الحدود. ومع هذا فانه حتى في الولايات المتحدة التي تنال استحسانا لانخفاض كلف العمل وتمتع سوق العمل فيها بدرجة اكبر من المرونة تظهر ادلة على انتعاش اقتصادي من دون انتعاش قوي في خلق الوظائف.

والمشكلة التي تواجهها كل من أوروبا والولايات المتحدة هي مشكلة انتقال وظائف القطاع الصناعي على المدى الطويل الى دول العمالة فيها منخفضة الاجور مثل الصين بينما تنتقل الوظائف في مجال البرمجيات والوظائف المساعدة الى الهند.

وتمثل هذه المشكلة خطورة خصوصا بالنسبة الى المانيا وايطاليا واسبانيا حيث يتركز أكثر من 30 في المئة من قوة العمل بها في القطاع الصناعي.

وتقدر منظمة التعاون الاقتصادي ان منطقة اليورو ستكون قادرة على توفير فرص عمل في العام المقبل بشرط ان يتحقق معدل النمو الذي تتوقعه والبالغ اثنان في المئة. لكن هناك شكوكا في مدى قوة الانتعاش الذي سيتحقق

العدد 339 - الأحد 10 أغسطس 2003م الموافق 11 جمادى الآخرة 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً