العدد 349 - الأربعاء 20 أغسطس 2003م الموافق 21 جمادى الآخرة 1424هـ

كيف يسهم البحريني في تدمير تاريخه

بالسكوت، وعدم الفعل، والاكتفاء بالعادات السابقة. أما أن يكون هناك أناس يأبهون لتفضيل مصالحهم الخاصة على مصالح المجتمع، فذلك أمر موجود في كل البلدان بما فيها البلدان المتقدمة والديمقراطية والتي تحكمها حكومات مسئولة. فنحن لا ننفك نسمع في العالم يوميا عن شركات كبرى، يمتلكها بشر تخرجوا من أفضل الجامعات، ويديرها أناس متمدنون، ومع ذلك يدمرون البيئة ويلوثون الشواطئ ويخربون الأنهار ويحرقون الغابات إذا ما تراءت لهم مصلحة مادية. وتتزايد رغباتهم، وتكبر روحهم التدميرية بقدر ما يلوح في الأفق من أرباح. هذا كله طبيعي علينا أن نقبل به في النفس البشرية.

على أن مواطني تلك الدول - في المقابل - ينظمون أنفسهم في جماعات قانونية، وينخرطون في أعمال ويقومون بدراسات جادة لكشف أخطاء تلك الشركات أو الجهات، ويقدمون الحلول البديلة، مستمرين في عملهم لسنوات من دون أن يكلوا أو يملوا.

والأخبار ترد إلينا يوميا في البحرين عن تدمير مستمر لأمور متعلقة بتاريخنا وتراثنا الوطني. وقد حمل إلينا الأسبوع الماضية أخبار تعرض جزيرة الساية للخطر، وأنباء عن عمل الجرافات المستمر في عالي ما يهدد قبور التلال التي حفلت بها الجزيرة لآلاف من السنين.

في البداية لابد من الاقتناع بأن بروز مثل هذه الأمور هو - وبعيدا عن أية نوايا سيئة - هو شيء متوقع في مجتمع يتحول سريعا نحو مجتمع حديث مزدهر اقتصاديا يلبي حاجات أفراده في السكن والتوسع الاقتصادي. وبالتالي وبغض النظر عن أمور أخرى متعلقة بملكية الأراضي، فإن الجدل الذي يجب أن ينشأ هو في التأكيد أن بالإمكان السير بهدفين معا: التطوير والمحافظة على ثرواتنا الوطنية المتمثلة في تراثنا الذي حافظ عليه الأجداد لنا سليما وعلينا أن نسلمه محفوظا إلى الجيل القادم.

وبعد أن تبرز مثل هذه القناعة يمكن للمرء أن ينتظم في أية جمعية علنية في البلد، وأن يبدأ عمله ضمن تقليد منتظم: جمع أكبر قدر من المعلومات وتوخي الصدق والدقة والتمتع بقدر من الوعي باحتياجات المجتمع الحديث. وحين الخروج بقناعات دقيقة موثقة يبدأ المرء في عمله بادئا بنائبه في البرلمان، وبعضو مجلس الشورى المختص في الموضوع. هذان المجلسان هما ما يمتلكه الشعب البحريني لبناء مستقبله، بشكل ديمقراطي ومتمدن وثابت.

هذا المسار يتناقض مع عادات تملكت البحريني لتجعل منه غير واثق بهذه الخطوات المديدة، والمرهقة بل المملة أحيانا، فكثير من المواطنين يريدون للتغيير أن يحدث من دون مشاركة أو جهد منهم. والبعض يريد للأمور أن تنصلح دفعة واحدة ومن أعلى وكان الله غفورا رحيما.

كل أثر يضيع يكون وراء خسارته شخصان على الأقل: شخص وجد مصلحته في تدمير ذلك الأثر، وشخص تقاعس عن التحرك لأسباب شتى بعضها متخيل، فركن إلى الدعة والقبول فكانت الخسارة

العدد 349 - الأربعاء 20 أغسطس 2003م الموافق 21 جمادى الآخرة 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً