الزيارة التي قام بها رئيس الجبهة الإسلامية للإنقاذ «المحظورة» عباس مدني إلى الدوحة قطعت الشك باليقين لأقوال المنظرين والمتابعين للشأن الجزائري عن الوضع المرتقب للجمهورية الجزائرية والجماعات الإسلامية في الحقل السياسي. وقال مدني انه خرج من الجزائر متوجها إلى كولالمبور للعلاج، و«إني خرجت من دون قيد أو شرط ولا تعهدات إلا ما تعهدت به لله في شأن قضية الشعب الجزائري الأبي». ووجه أمس من ماليزيا عن طريق نجله رسالة يدعو فيها إلى إحلال السلام بالجزائر.
واعتقلت السلطات الجزائرية عباس مدني ونائبه علي بلحاج 12 عاما بتهمة تهديد أمن الدولة، والذي جاء قبل وقت قصير من إلغاء نتائج أول انتخابات برلمانية تعددية العام 1992 كانت الجبهة الإسلامية للإنقاذ على وشك الفوز فيها، ما أثار أعمال العنف المستمرة آنذاك وقتل فيها أكثر من 100 ألف شخص، ثم أفرجت عنهم ومنعتهم من ممارسة أي نشاط سياسي واجتماعي أو إذاعة خطب في المساجد إضافة لعدم الإدلاء بأية تصريحات صحافية أعطت دفعا قويا نحو رؤية القمع العربي في قلب هرم الفكرية السياسية العربية.
فقد أصبحت الحركات الإسلامية مع نشاطاتها التوعوية بعد 11 من سبتمبر/ أيلول تثير ريبة و شكوك الحكومات الدولية والإقليمية من وراء ودوافع تلك الأنشطة هل هي تدخل في سياق الجانب التحريضي أم التثقيفي؟ فأخذت تلك الحكومات على عاتقها مسئولية مراقبة تلك الأنشطة علها تستطيع أن تدحض أقوالها باعتبارها مبررا لحال تلك الجماعات التي كانت دوما ينظر إليها في موقع المشبوه فيها.
فشغلت تلك الجماعات حيزا أكبرا خصوصا في الدول العربية والتي كانت في موقف الضد مع حكومات بلادها ووضعها في القائمة السوداء التي يحرم دخولها في جعبة النشاط السياسي والذي تراه يهدد عرشها وبقاءها لفترات أطول، فكان حال الجمهورية الجزائرية خير مثال على ذلك. وبين الأمس واليوم لحال الجبهة الإسلامية كيف يتوقع المراقبون أن يكون حال وضعها مستقبلا؟
العدد 355 - الثلثاء 26 أغسطس 2003م الموافق 27 جمادى الآخرة 1424هـ