العدد 408 - السبت 18 أكتوبر 2003م الموافق 21 شعبان 1424هـ

الدينار الذهبي في سوق قمة ماليزيا الإسلامية

المنامة - عبيدلي العبيدلي 

18 أكتوبر 2003

بمشاركة 35 ملكا ورئيسا ورئيس حكومة بدأت يوم الخميس الماضي الموافق 16 أكتوبر/تشرين الأول 2003 في بوتراغايا العاصمة الادارية الجديدة لماليزيا اعمال الدورة العاشرة لقادة الدول الاسلامية فيما وصف بأنه قمة القرن الحادي والعشرين التي يعلق عليها اكثر من مليار مسلم في العالم مهمة الارتقاء بمكانة العالم الاسلامي وتأكيد ارادته السياسية من خلال الالتزام الوثيق بمضمون ما يصدر من قرارات عن منظمة المؤتمر الاسلامي والعمل على تغيير صورة الاسلام والمسلمين في العالم في مواجهة الحملات المغرضة التي ألصقت بهم زورا وبهتانا «تهمة الارهاب» وحاولت النيل من تاريخهم وثقافتهم.

وتشكل هذه القمة الاسلامية حدثا كبيرا من حيث التوقيت باعتباره ارفع لقاء اسلامي على هذا المستوى منذ احداث الحادي عشر من سبتمبر/ ايلول 2001، ومن حيث المشاركة وجدول الاعمال الذي يضم عددا من الموضوعات السياسية والاقتصادية والثقافية وفي مقدمتها الصراع العربي الاسرائيلي والعدوان الاسرائيلي الاخير على سورية والوضع في العراق الذي أخذ مجالا واسعا من البحث والمناقشة خلال الاجتماعات التحضيرية على مستوى وزراء الخارجية خلال اليومين الماضيين.

هذا وقد جدد رئيس الوزراء الماليزي مهاتير محمد خلال القمة اقتراحه بتبني الدول الاسلامية عملة جديدة هي الدينار الذهبي عوضا عن الدولار الاميركي في معاملات التجارة الدولية. وقال في منتدى لرجال الاعمال من الدول الاعضاء في المنظمة ان العملة الورقية لا تحتوي على قيمة حقيقية ولذلك فإن ماليزيا تقترح تبني الدينار الذهبي كعملة دولية بدلا من الدولار الاميركي.

فكرة الدينار الذهبي

وكان رئيس الوزراء الماليزي مهاتير محمد التقى بـ «عمر إبراهيم فاديلو» صاحب فكرة الدينار الذهبي، في يناير/كانون الثاني 2001 وقد أعرب عن رغبته الأكيدة لتحقيق حلم الدينار الإسلامي كعملة موحدة للدول الإسلامية، وأن بلاده ستمضي قدما في هذا المشروع، وذلك كأساس عملي لقيام كتلة التجارة الإسلامية، عن طريق العملة الموحدة، ونظام الدفع الإلكتروني الموحد، والسوق التجارية المشتركة، والاستثمارات المالية الإسلامية.

وتقوم فكرة الدينار الذهبي الإسلامي، وفقا لرؤية البروفيسور عمر إبراهيم فاديلو مؤسس منظمة المرابطين الدولية في العام 1983 في جنوب أفريقيا، على أن وحدة العالم الإسلامي لا يمكن تحقيقها إلا بالعمل الاقتصادي الموحد. وتأمل المنظمة أن يحل الدينار الذهبي محل الدولار الأميركي في التعاملات التجارية مع الدول الإسلامية. ويرأس فاديلو كذلك دار سك العملات الإسلامية، ويعد مؤسس شركة الدينار الإلكتروني في دبي.

وصدر أول دينار ذهبي إسلامي في العام 1992، بوزن يعادل 4,25 جرامات من الذهب عيار 22 وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2001 تم طرح مجموعة من هذه الدنانير كما طرحت مجموعة أخرى من الدراهم الفضية بوزن 3 جرامات من الفضة الخالصة، بغرض التداول في دولة الإمارات العربية المتحدة، وبتسهيلات فنية وقانونية من بنكها المركزي وبالتعاون بين مجموعة مؤسسات هي: دار سك العملات الإسلامية باعتبارها جهة الإصدار، وشركة الإمارات غولد التي تولت عملية السك، ومجموعة الرستماني للصرافة التي تقوم بترويج تداول الدينار وتبديله.

ويقضي نظام الدينار الذهبي بأن تتبنى حكومات الدول الإسلامية خطة تحتفظ بموجبها بالذهب في بيت مقاصة أو في مصرف مركزي، على أن يجري استغلال هذا الذهب في تسوية الحسابات التجارية بين تلك الحكومات بدلا من الاستعانة بأسواق الصرف الأجنبي والمؤسسات المالية الغربية.

وقد بدأت ماليزيا في استخدام الدينار الذهبي الإسلامي من منتصف العام 2003 في مجال تجارتها الخارجية مع بعض الدول بدلا من الدولار الأميركي، في خطوة تهدف إلى جعل الدينار عملة موحدة لتسوية التعاملات التجارية بين الدول الإسلامية... وقالت الصحف الغربية: إن نجاح هذه الخطوة قد يؤدي إلى تقويض سيطرة الدولار الأميركي كوسيط للتبادل التجاري في العالم.

الدينار الإلكتروني

وقد تطورت فكرة الدينار في العام 1997 ليتم وضعها في إطار مصرفي عن طريق إطلاق ما يسمى بالدينار الإلكتروني، وهو نظام تبادل يستعمل فيه الذهب كنقد من خلال معاملات تجرى عبر شبكة الإنترنت. والدينار الإلكتروني هو تطوير لفكرة العملات الذهبية بحيث يمكن دفع مبلغ من المال والحصول على بطاقة ذهبية تعادل قيمة المدفوع وتستخدم في التسوق.

وينتظر أن تتطور الخطوات العملية بإنشاء شبكة تتكون من 25 سوقا تجارية يتم تمويلها من خلال القرض الإلكتروني، وهو نظام للاقتراض وفقا لأحكام الشريعة الإسلامية يتم من خلال الإنترنت، وتجرى الترتيبات لتكون كوالالمبور موقعا لإدارة شبكة هذه السوق.

وكانت شركة (e-dinar ) المحدودة التي تتخذ من جزيرة لابوان الماليزية مقراا لها قد أعلنت في نوفمبر/ تشرين ثاني من العام 2002، أن حجم التعاملات الإلكترونية في الدينار الذهبي الإسلامي عبر الإنترنت وصل إلى ما يوازي أربعة أطنان من الذهب، وأن عدد المتعاملين يتضاعف سنويا تقريبا بعد سبع سنوات تقريبا من سك الدينار.

ووصل عدد المتعاملين عبر موقع الدينار الإلكتروني (e-dinar.com) الذي أطلق على الإنترنت العام 1999 وصل إلى نحو 600 ألف في نهاية العام الماضي.

ويتم حاليا التداول في الكثير من دول العالم بشكل مباشر بنحو 100 ألف دينار ذهبي إسلامي و250 ألف درهم فضي، وتأمل الشركة أن تحل هذه العملة في مرحلة لاحقة مكان الدولار الأميركي لتسوية الحسابات التجارية بين الدول الإسلامية التي يبلغ تعداد سكانها نحو 1,3 مليار نسمة.

فوائد استخدام الدينار الذهبي

يتوقع أن تتحقق عدة فوائد في حال أُقر الدينار الذهبي كعملة رئيسية في التبادل التجاري بين الدول الإسلامية يمكن تلخيصها فيما يلي:

لن تحتاج الدول المتعاملة بالعملة الجديدة إلى احتياطيات من العملات الأجنبية لإتمام المبادلات التجارية، وبذلك تسهل التجارة الدولية وتعمل على تقليل عمليات المضاربة في العملات الورقية التي أدت إلى أزمة كبيرة في شرق آسيا في العامي 1997 و1998.

اعتماد عملة موحدة بين دول العالم الإسلامي قد يعمل على زيادة حجم التبادل التجاري بين الدول الإسلامية، وسيسهم في زيادة النمو الاقتصادي لها.

تلاشي خطر المضاربة في حال اعتماد النقود الذهبية، ذلك لأن الذهب في حد ذاته ليس سندا بالتعهد عند الدفع، إنما سلعة لها قيمتها، ولا يحمل أية آثار تضخمية. والكثير من الدراسات أكدت إلى أن سعر الذهب عبر عدة قرون كان دائما مستقرا، بخلاف العملات الورقية المختلفة، ما سيساعد على تخفيض كلف صرف العملات.

الوحدة النقدية الموحدة سواء كبديل عن العملات المحلية أو إلى جانبها ستؤدي إلى تحول الفوائض المالية إلى دول العجز المالي، وتقوي من مركز العالم الإسلامي ككتلة تجارية واقتصادية واحدة أمام الكتل والتجمعات الاقتصادية الدولية.

عقبات أمام استخدام الدينار الذهبي

ولكي ينجح الدينار الإسلامي في الحلول مكان العملات الدولية الأخرى مثل الدولار، لابد له من قنوات تبادل تجارية كفؤة تربط بين أسواق الدول الأعضاء في منظمة المؤتمر الإسلامي. هذا إلى جانب أن التبادل التجاري الناجح والمتكامل يستند على أساسين مهمين، الأول وجود فائض في الإنتاج، والثاني وجود تنوع واختلاف الإنتاج.

ولعل ذلك هو عقبة أمام انتشار الدينار الذهبي فمن المعروف ان التبادل التجاري بين دول العالم الإسلامي محدود للأسباب الآتية:

تشابه الغلات الفائضة بين كثير من دول العالم الإسلامي.

ارتباط اقتصاديات كثير من الدول الإسلامية بدول غير إسلامية.

عدم وجود طرق مواصلات جيدة تربط بين معظم هذه الأقطار.

تطبيق سياسة الحماية الجمركية في كثير من الدولة الإسلامية ما يعوق التبادل التجاري بين هذه الدول.

باختلاف العملات التي تتعامل بها دول العالم الإسلامي يؤدي إلى صعوبة تسديد المدفوعات ويعرقل نمو العلاقات التجارية بينها.

منافسة السلع والمصنوعات الأجنبية في أسواق العالم الإسلامي.

معظم صادرات الدول الإسلامية مواد خام تتجه نحو الدولة الصناعية.

البحرين والدينار الذهبي

لقد أصدر ملك البحرين الشيخ حمد بن عيسى آل خليفة يوم 11/8/2002م مرسوما لتأسيس السوق المالية الإسلامية العالمية، التي تهدف إلى إعانة المصارف الإسلامية على تحقيق أهدافها.

وقال مسئولون إن القرار هو الخطوة الأخيرة لإقامة السوق، وإن بإمكانها أن تباشر أعمالها على الفور واعتبر المدير التنفيذي للسوق هذا القرار بمثابة الخطوة الأخيرة لإنشاء السوق المالية الإسلامية العالمية بشكل رسمي وقد وقَّعت البحرين وهي المركز المصرفي والمالي في الخليج على اتفاق لإنشاء السوق مع ماليزيا وإندونيسيا، والسودان، وبنك التنمية الإسلامي ومقره السعودية في نوفمبر العام الماضي.

وفي يونيو من العام نفسه، اجتمع في البحرين مصرفيون من البحرين، وماليزيا، وإندونيسيا، وبروناي، والسودان، والبنك الإسلامي للتنمية، لمراجعة الجوانب التقنية المختصة بإنشاء السوق للتعامل فيما بين المصارف الإسلامية وأجرت البحرين وماليزيا محادثات بشأن اختيار أحدهما ليكون مركزا لهذه السوق التي تستهدف 200 بنك، وبيت تمويل إسلامي، يخدمون 1,2 مليار مسلم ويقدر حجم السوق الإسلامية في العالم بنحو 180 مليار دولار ترى هل تكون لهذه السوق حصة في معاملات الدينار الذهبي؟ سؤال مشروع يرد أمام ذهن كل مواطن بحريني يتابع حركة رؤوس الأموال الإسلامية في الأسواق غير الإسلامية

العدد 408 - السبت 18 أكتوبر 2003م الموافق 21 شعبان 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً