تبدأ اليوم الخميس وغدا الجمعة أعمال مؤتمر الجهات المانحة لإعمار العراق في مدريد وسط إجراءات أمنية مشددة خوفا من هجمات لـ «القاعدة». وفي حين دعا معارضو المؤتمر إلى عدم تمويل «مؤسسات الاحتلال»، تعهد الاتحاد الأوروبي، وايرلندا بتخصيص مبالغ لإعمار العراق، وأعلنت سورية مشاركتها في المؤتمر.
على صعيد متصل اعتقلت القوات الأميركية عددا من أعضاء جماعة أنصار الإسلام والعقل المدبر لهجمات كركوك علي محمد علي. وقال قائد التحالف في العراق ان «القوات الأميركية ليست لديها تأكيدات بشأن عمليات لـ (القاعدة) في العراق. لدينا بعض المعتقلين يشتبه في أنهم ينتمون إلى (القاعدة)».
إلى ذلك اتهمت اللجنة المكلفة بالتحقيق في انفجار مقر الأمم المتحدة في أغسطس/آب الماضي المنظمة الدولية بالتقصير في المجال الأمني.
عواصم - وكالات
مازال الخوف يخيم على الاحتلال، ففي الفلوجة أصيب أربعة أميركان جراء انفجار دوريتهم العسكرية بعبوة فيما قتل وأصيب آخران بانفجار آخر بمقر ساحة نفق الطيران في بغداد. وتظاهر عدد من العراقيين في الفلوجة والخالدية ضد اعتقال الأميركان إمام مسجد وثلاث نسوة. كذلك اندلعت تظاهرات في واشنطن تطالب بعودة القوات من العراق، في حين اعتقلت الشرطة عضوا في «القاعدة» أثناء تجوله في شوارع بغداد. سياسيا اتهمت اللجنة المكلفة لبحث حيثيات انفجار مقر الأمم المتحدة ببغداد قصور المنظمة الدولية في توفير الأمن. وطالب المجلس العراقي التحالف بنقل أي قرار إليه للإطلاع قبل تنفيذه مع تشكيل غرفة للعمليات المشتركة كما فرض المجلس حظرا تجاريا وسياسيا وعسكريا على تركيا.
تعرضت دورية أميركية إلى هجوم بعبوة ناسفة تم تفجيرها أثناء مرور الدورية في نفق للسيارات في بغداد ما أدى إلى جرح ما لا يقل عن ثلاثة جنود أميركيين، كما أصيب ما لا يقل عن أربعة جنود أميركيين قتلوا أو جرحوا لدى تعرض دورية أميركية إلى انفجار عبوة ناسفة بالفلوجة.
في حين طالب رجال الدين بالفلوجة الإفراج عن إمام مسجد الشيخ جمال نزال، كما تظاهر مئات الأشخاص بالخالدية للمطالبة بإطلاق سراح ثلاث نساء اعتقلتهن القوات الأميركية بدلا من أزواجهن.
من ناحية أخرى دعا المناهضون للحرب إلى تعبئة عشرات آلاف المتظاهرين السبت المقبل في واشنطن وسان فرانسيسكو للمطالبة بعودة القوات الأميركية من العراق. من جهة أخرى قال مسئول أمني عراقي انه تم اعتقال 40 إيرانيا دخلوا منطقة الضلوعية بعد تسللهم إلى العراق بشكل غير شرعي. كما وقع أحد عناصر تنظيم «القاعدة» في قبضة الشرطة العراقية أثناء تجواله في أحد الشوارع الرئيسة في بغداد، وقال شرطي عراقي «ان دورية الشرطة اعتقلت هذا الشخص بعدما أثار كيس كان يحمله شكوكها وتبين انه كان يحتوي على 19 قنبلة يدوية هجومية وذخائر مختلفة وقطع غيار أسلحة خفيفة فضلا عن مبالغ نقدية»، مع اكتشاف مخزن كبير للأسلحة تابع للقاعدة في جنوب العراق يقع داخل شقة في مدينة البصرة.
سياسيا ربط وزير الدفاع الأميركي دونالد رامسفيلد بين تطورات الوضع الأمني بالعراق والخطط المقترحة لاستبدال الجزء الأكبر من القوات الأميركية المنتشرة هناك رافضا التعليق على تخفيض عدد القوات في العراق أو تحديد موعد لخروج أو تخفيض عددها الذي يصل حاليا إلى 132 ألف شخص. واعتبر رئيس وفد مؤتمر العراق الشريف علي بن الحسين أن المقاومة لقوات الاحتلال تطيل فترة الاحتلال الذي تتخذها ذريعة لاستمراره في العراق. وذكر انه «يجب ألا يستمر الاحتلال أكثر من شهور»، معربا عن اعتقاده أن «الحل الوحيد للمشكلة العراقية ليس المقاومة بل الحل السياسي». كما طلب المجلس العراقي من سلطة الائتلاف عرض أي قرار تود السلطة اتخاذه على مجلس الحكم لغرض الإطلاع عليه، وتم تشكيل لجنة من أعضاء المجلس لاختيار أفضل السبل للتنسيق بين سلطة الائتلاف المؤقتة ومجلس الحكم. كما تم إنشاء غرفة عمليات دائمة مشتركة للتنسيق بين المجلس وسلطة الائتلاف منعا لحدوث تعارضات. في الوقت ذاته، أكد استطلاع للرأي أجراه مركز العراق للديمقراطية أن تسعة وثمانين في المئة من العراقيين يرفضون وصول قوات تركية وستة في المئة فقط يؤيدون نشر قوات تركية فيما لم يحدد خمسة في المئة من المشاركين في الاستطلاع موقفهم. إلى ذلك اتهم تقرير لجنة مستقلة شكلت للتحقيق في الاعتداء الذي استهدف مقر الأمم المتحدة في بغداد في أغسطس/ آب الماضي وأوقع 22 قتيلا المنظمة الدولية بالتقصير في المجال الأمني.
وقال التقرير ان مسئولي الأمن في الأمم المتحدة أوصوا بعد الاعتداء الثاني في سبتمبر/أيلول على الأمم المتحدة بإجلاء جميع الموظفين غير المحليين في المنظمة الدولية لكن الأمين العام كوفي عنان لم يأخذ بالتوصية، مشيرا إلى ان كبار المسئولين هم من طلب من قوات التحالف ان ترفع الحواجز التي كانت وضعتها في الطريق المؤدي إلى فندق القناة المقر العام للمنظمة الدولية.
في وقت أكد رئيس الغرفة التجارية في اسطنبول محمد يلدريم رفض تركيا قرار المجلس العراقي منع خروج رجال الأعمال والتجار الأتراك من العراق بمبلغ يزيد على عشرة آلاف دولار أميركي، واصفا القرار بأنه بمثابة حظر عسكري ودبلوماسي على تركيا. إلى ذلك أعلن قائد القوات الأميركية ريكاردو سانشيز في العراق إلغاء حظر التجوال في بغداد ليلا طوال شهر رمضان. وعلى صعيد إعمار العراق، سيتحول قصر المؤتمرات البلدي في مدريد الواقع عند أطرف العاصمة الإسبانية اليوم الخميس وغدا الجمعة إلى حصن منيع لاستضافة مؤتمر الجهات المانحة لإعادة إعمار العراق. وقال وزير التجارة الاسترالي مارك فيل ان كونسورتيوم شركات استرالية وأميركية فازت بعقد قيمته 120 مليون دولار لدعم مشروع إعادة تأهيل إصلاح القطاع الزراعي في العراق.
من جانب آخر، أعلن نائب وزير الخارجية الأميركي ريتشارد ارميتاج عن إعادة تجديد برنامج فولبرايت في العراق، في وقت أعلنت سنغافورة أنها سترسل جنودا وسفنا حربية وطائرات نقل عسكرية إلى العراق في أول مساهمة عسكرية لها في عملية الإعمار. كما يلتقي مئات رجال الأعمال من مختلف أنحاء العالم في الأردن للبحث في سبل الاستثمار في العراق مع مسئولين كبار في سلطة التحالف بقيادة الولايات المتحدة في العراق.
وسيكون العاهل الأردني من بين ابرز المشاركين في أعمال المؤتمر الذي تحضره أيضا نائبة مساعد وزير التجارة الاميركي للشرق الأوسط وإفريقيا وآسيا الجنوبية مولي ويليمسون. كما قال مصدر في وزارة النفط العراقية ان العراق ينوي استئناف تصدير النفط من خط الأنابيب الشمالي الممتد إلى تركيا في مطلع نوفمبر/ تشرين الثاني، في حين قال وزير النفط إبراهيم بحر العلوم أنه شكل لجنة تحقيقية لمتابعة موضوع قيام سائقي صهاريج أتراك بتهريب النفط إلى خارج البلاد.
أنقرة - يو بي آي
اتهم مسئول عراقي أمس الاستخبارات التركية بتلفيق أنباء عن وجود جهات إسرائيلية في شمال العراق نافيا وجود أي نشاط إسرائيلي نفطي أو تجاري أو استخباراتي في المنطقة الكردية العراقية واصفا الأنباء الصحافية بـ «سخيفة». وقال عضو مجلس الحكم العراقي محمود عثمان ان تلفيق مثل هذه التقارير يتفق مع أجندة أنقرة السرية في شمال العراق، واصفا هذه التقارير بأنها «محاولة يائسة لتعتيم الحقائق والتطورات الإيجابية الجارية في إقليم كردستان العراق».
وكانت صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية أشارت إلى أن تركيا حذرت «إسرائيل» حديثا من العمل في شمال العراق، مفيدة بأن تقريرا للمخابرات التركية قدم لوزارة الخارجية التركية يشير إلى قيام إسرائيليين بشراء أراض غنية بالنفط من الأكراد، في منطقة الموصل، وذلك على خلفية التقارير التي نشرتها صحف موالية للمؤسسة العسكرية التركية
العدد 412 - الأربعاء 22 أكتوبر 2003م الموافق 25 شعبان 1424هـ