اشترطت لجنة الشئون الخارجية والدفاع والأمن الوطني في مجلس النواب، استخراج بطاقة خاصة للمنقبات اللواتي يردن القيادة تتضمن معلومات تفصيلية عن المرأة وأرقام السيارات التي يسمح لها بقيادتها.
جاء ذلك في تقرير اللجنة للموافقة على الاقتراح برغبة بشأن السماح للمرأة المنقبة بالقيادة من دون أن تحرر لها مخالفة مرورية، والذي سيناقشه مجلس النواب الثلثاء المقبل.
من جانبه، فضل مقدم المقترح جاسم السعيدي، ألا تكون الموافقة مشروطة، وأن تكون المرأة المنقبة حرة في القيادة من دون وضع قيود وعراقيل.
وفي السياق ذاته، رأى مراقبون أن اشتراط تحديد السيارات التي ستقودها المنقبة يضعها في الحرج، إذ لا تستطيع قيادة سيارات أخرى إلا بالمرور بإجراءات إدارية طويلة إضافة إلى أن هذا الشرط يعتبر من دون مبرر، لاسيما أن الدول التي نجحت في تجربة مثل هذا الموضوع لم تضع مثل هذه الاشتراطات.
الوسط - علي القطان
وافقت لجنة الشئون الخارجية والدفاع والأمن الوطني بمجلس النواب على الاقتراح برغبة بشأن السماح للمرأة المنقبة بالسواقة من دون أن تحرر لها مخالفة مرورية «شريطة أن تستخرج لها بطاقة خاصة بها صورتها من دون نقاب ويدون فيها اسمها بالكامل واسم ولي أمرها وعنوانها ورقم السيارات التي يسمح لها بسواقتها».
وقالت اللجنة - في التقرير الذي رفعته إلى مكتب المجلس وناقشه المكتب في جلسته الثلثاء الماضي ويطرح على النواب الثلثاء المقبل - إنها اتفقت على تقديم حل وسط يراعي مطالب النساء المنقبات في رغبتهن في المحافظة على زيهن الإسلامي ويراعي في الوقت نفسه أمن المجتمع وسلامة مستخدمي الطريق.
جاء هذا القرار بحسب تقرير اللجنة بعد أن استمعت اللجنة لرأي وزارة الداخلية ورأي المدافعين عن الاقتراح واستقصت آراء الشارع البحريني الذي انقسم إلى قسمين بين مؤيد ومعارض وقامت بمناقشة الأمور بشكل مستفيض.
من جانبه قال مقدم الاقتراح جاسم السعيدي إنه يفضل عدم وضع قيود لسواقة المرأة المنقبة «كما جاء في النص المقترح الذي تقدمت به».
ويرى مراقبون أن مسألة وضع أرقام السيارات التي يسمح للمرأة المنقبة بسواقتها تعتبر قيدا «لا داعي له» ولاسيما أن الدول التي تسمح للنساء المنقبات بالقيادة لم تضع مثل هذه القيود واتسمت تجربتها بالنجاح.
وذكرت اللجنة أن ممثلي الحكومة الذين اجتمعت بهم هم: مدير دائرة التحقيقات الجنائية بوزارة الداخلية العقيد فاروق المعاودة ومدير الإدارة العامة للمرور بوزارة الداخلية المقدم خالد العبسي ومدير إدارة الشئون القانونية بوزارة الداخلية علي فضل البوعينين.
وبالنسبة إلى المتبنين للاقتراح فقد كانوا كل من: النائب الثاني لرئيس المجلس عادل عبدالرحمن المعاودة وعضو مجلس النواب جاسم أحمد السعيدي.
رأي وزارة الداخلية
وكانت اللجنة بحثت موضوع الاقتراح مع مندوبي وزارة الداخلية في اجتماعها الخامس عشر الذي عقد في 27 أبريل/ نيسان 2003م، إذ أبدى مندوبو وزارة الداخلية تحفظهم على موضوع الاقتراح مستعرضين أسباب تحفظهم، كما استعرض مندوبو الوزارة بعضا من القضايا الأمنية والأخلاقية التي حدثت بسبب سواقة بعض المنقبات، وقد تحفظ مندوبو وزارة الداخلية على موضوع الاقتراح برغبة للأسباب الآتية:
أولا: الناحية الأمنية:
إن من أهم واجبات رجل الأمن منع الجريمة قبل وقوعها، فإذا ما وقعت كان لزاما عليه أن يتعقبها ويتخذ الإجراءات الكفيلة للكشف عن غموضها بهدف التوصل إلى الجناة وتحديد شخصياتهم، ولن يتأتى ذلك إلا باطلاع رجل الأمن على الشخصيات المشتبه فيها ومطابقة أوصافها على الوثائق والمستندات التي يحملها أو تلك التي بحوزته، وهنا يأتي دور رجال الأمن العام أو رجال المرور على وجه الخصوص الذين أوكل لهم القانون - بما لهم من صفة الضبطية القضائية - سلطة توقيف قائد المركبة أو مالكها أو المسئول عنها وذلك فيما يتعلق بالجرائم التي ترتكب بالمخالفة لأحكام القوانين الأخرى إذا ما وقعت أثناء قيادة المركبة أو كانت مرتبطة بتسيير المركبة، وإن هذا التوقيف يستتبع - بداهة - التحقق من شخصية قائد المركبة عن طريق مطابقة المستندات مع تلك الشخصية، ولن يتحقق ذلك في حال تغطية الوجه بعد أن لوحظ في الآونة الأخيرة أن بعض النساء ممن يقدن سياراتهن على الطريق العام يرتدين البرقع أو يضعن النقاب على الوجه مما كان لهذه الظاهرة من صعوبة في تمييز ملامح قائد السيارة عند ضبطها مخالفة من قبل رجال المرور، كما أن رجال المرور يجدون حرجا عندما يطلبون من المرأة المنقبة الكشف عن وجهها للتحقق من شخصيتها والبعض منهن يمتنعن عن كشف وجوههن علما بأن صورة الوجه برخصة القيادة مكشوفة فضلا على ما لهذه الظاهرة من خطورة على الأمن العام وفتح الباب أمام اتخاذها وسيلة سهلة للاستغلال.
ثانيا: السلامة المرورية:
كما أن متطلبات السلامة المرورية وتمكين أعضاء قوات الأمن العام وأفراد الإدارة العامة للمرور من الإطلاع على تراخيص القيادة ومطابقتها بشخصية قائد المركبة والتأكد من تنفيذ أحكام قانون المرور وضبط الجرائم التي تقع بالمخالفة لأحكامه والقرارات المنفذة له ستتعارض في حال ما إذا كانت تقود المركبة امرأة منقبة إذ أوجب القانون عليها الادلاء بالبيانات التي يطلبها أفراد الإدارة العامة للمرور والإطلاع على جميع المستندات المتعلقة بالمركبة ومطابقتها مع شخصيتها، إضافة إلى تأثير ذلك على سلامة القيادة والتحكم فيها.
ثالثا: الناحية العلمية:
كما أن هناك عددا من الصعوبات يمكن أن تنشأ في حال تغطية الوجه أثناء قيادة المركبة ومن ثم عدم إمكان التحقق من شخصية قائد المركبة، ومن تلك الصعوبات التي أمكن رصدها على سبيل المثال لا الحصر:
- عدم معرفة ما إذا كان قائد المركبة امرأة أم رجلا، إذ إن هناك تخوفا من استغلال ذلك من قبل بعض المطلوبين أمنيا.
- اتخاذ النقاب أو تغطية الوجه ذريعة من قبل البعض لقيادة بعض السيارات من دون أن يكون لديه رخصة قيادة لأسباب قد ترجع إما لسحبها أو إلغائها أو عدم إمكان الحصول عليها اما لصغر السن أو لعدم اجتياز الاختبار الفني الذي يجري قبل الحصول على الرخصة.
رابعا: من الناحية الأخلاقية:
كما يأتي أيضا دور بعض ضعاف النفوس من ذوي الأخلاق السيئة الذين لا يتورعون عن اتخاذ النقاب أو غطاء الوجه حيلة أو ذريعة للتستر خلفه، ومن ثم ارتكاب بعض الأفعال المخالفة للآداب العامة في المركبة، وخصوصا استغلال الفتيات من المراهقات أو صغار السن بعد تغطية وجوههن، ومن ثم الوقوع في براثن الجريمة، ويأتي تخوف الإدارة العامة للمرور من السماح بتغطية الوجه أثناء القيادة سدا للذرائع التي قد تنتج من الاستغلال السافر من قبل البعض ممن لا ضمير لهم ولا أخلاق ويتخذون من الدين أو التدين ذريعة والدين منهم براء.
خامسا: الناحية القانونية:
بالإضافة إلى كل الصعوبات السابقة التي تم شرحها تفصيلا والتي يمكن أن تنشأ في حال تغطية المرأة وجهها أثناء قيادة المركبة ومن ثم عدم إمكان التحقق من شخصيتها... فإن السماح بهذا الأمر سيؤدي إلى بعض المشكلات القانونية نوجزها في الآتي:
1- تعطيل بعض نصوص قانون المرور ولائحته التنفيذية وهي تلك النصوص المتعلقة بوجوب حمل قائد المركبة رخصة القيادة أثناء قيادته المركبة وتقديمها لأفراد إدارة المرور والترخيص أو الأمن العام كلما طلبوا منه ذلك، ووجوب امتناعه عن رفض الإدلاء باسمه وعنوانه وتقديم جميع المستندات التي يوجب القانون احتفاظه بها أثناء القيادة (م/57 من قانون المرور)... إذ إن تقديم رخصة القيادة لأفراد إدارة المرور أو الأمن العام من دون السماح له بمطابقة الصورة الفوتوغرافية الثابتة بها مع وجه قائدة المركبة يكون غير ذي جدوى وهو ما يعد تعطيلا لهذا النص، يستتبع حتما تعطيل نصوص أخرى كالتي تتعلق بفحص حال قائد المركبة بالوسائل الفنية التي يحددها وزير الداخلية بالاتفاق مع وزير الصحة (م/68 من قانون المرور)، ووجوب قيام قائد المركبة الذي يقع منه حادث أن يعطي بياناته كاملة لرجل المرور م/69 من قانون المرور)، وغير ذلك من النصوص.
2- إن هذا الوضع يمكن أن يعطي الحق لرجل المرور أو رجل الأمن العام الذي أعطاه القانون الحق في التحقق من شخصية قادة المركبات أن يصطحب قائد السيارة التي لا تسمح له برؤية وجهها إلى أقرب مركز شرطة للتأكد من شخصيتها وعدم مخالفتها لأحكام قانون المرور المتعلقة برخص القيادة وذلك بمعرفة الشرطة النسائية إذ إنه ليس من المتصور أن تلازم كل رجل مرور احدى عضوات الشرطة النسائية للتأكد من شخصية السيدات اللواتي يغطين وجوههن، وطبعا فإن هذا الأمر لا يرضي الأخوات السائقات.
رأي المدافعين
واجتمعت اللجنة مع مقدم الاقتراح جاسم السعيدي، والنائب الثاني لرئيس المجلس عادل عبدالرحمن المعاودة اللذين يمثلان وجهة النظر الثانية إذ دافعا عن موضوع الاقتراح. وقد استند النائبان في موقفهما على النقاط الآتية:
1- موضوع الاقتراح مطلب ملح من فئات كبيرة من شرائح المجتمع رجالا ونساء، والنواب وظيفتهم الرئيسية تحقيق مطالب الشعب الذي انتخبهم وأوصلهم إلى قبة البرلمان.
2- إن موضوع الاقتراح برغبة موافق للضوابط الشرعية، إذ إن جمهور علماء المسلمين يرون أفضلية تغطية المرأة لوجهها وكثير منهم يرون وجوب ذلك.
3- موضوع الاقتراح برغبة يتماشى مع القانون والدستور الذي كفل حق المساواة بين الرجل والمرأة في الواجبات والحقوق وذلك في مادته الخامسة.
4- إن المحاذير التي جاءت في تقرير وزارة الداخلية يمكن معالجتها والتغلب عليها كتوظيف شرطيات مرور وغيره.
5- سماح بعض الدول الخليجية المجاورة للمنقبات بالسواقة، ونجاح التجربة المطبقة وعدم وجود أية تأثيرات سلبية لها على المجتمع.
6- إن تقرير وزارة الداخلية لا يتضمن الحجج والأدلة المقنعة إذ إن التقرير بكل صفحاته يدور حول نقطة محددة، ومن السهل الرد عليها، إذ إنه يتحدث عن حالتين فقط يلجأ شرطي المرور فيهما لتوقيف المرأة المنقبة وطلب الكشف عن نقابها هي حال الاشتباه والأخرى في حال المخالفة ولا توجد حالات غيرهما. ولا مانع من أن يطلب رجل المرور من المرأة المنقبة التحقيق في شخصيتها شريطة أن يكون ذلك ضمن ضوابط قانونية لا تتجاوز الحالتين السابقتين كما أنه يجب وضع ضوابط لحالتي الاشتباه والمخالفة أيضا.
7- إن النقاب لا يحجب الرؤية بل انه لا توجد حوادث سجلت بسبب النقاب كما تسجل باقي الحوادث بسبب تهور الشباب أو ما شابه ذلك.
8- إن كل قانون له سلبيات لا يمكن تجاوزها، فكل نظام وضعي مهما كانت حرفية واضعة ستكون له سلبيات فليس من العدل أن يتم حرمان الكثير من النساء المنقبات من السواقة بسبب بعض الحالات الشاذة التي قد تستغل النقاب استغلالا سيئا.
9- وجود عريضة موقعة من مجموعة كبيرة من النساء المنقبات يطالبن بالسواقة
العدد 414 - الجمعة 24 أكتوبر 2003م الموافق 27 شعبان 1424هـ