ثمة احتمال بأن الأعضاء الـ 16 في منطقة اليورو لا يزالون في قبضة تباطؤ اقتصادي حاد؛ بيد أن علامات قد ظهرت على أن هذا التباطؤ الاقتصادي الذي اجتاح كتلة اليورو في الأشهر الأخيرة يمكن أن يصل إلى أدنى مستوى له.
على أن أحدث مجموعة من الأدلة على أن جولة التخفيضات العالمية الضخمة لأسعار الفائدة، وأسعار النفط الآخذة في التراجع، وبرامج التحفيز الاقتصادي الحكومية تساعد في إثارة الآمال بشأن حدوث انتعاش اقتصادي في وقت لاحق من العام الجاري، قد جاءت يوم الجمعة الماضي مع صدور مؤشرين رئيسيين في منطقة اليورو.
فبينما سجل مؤشر مديري الشراء (بي إم آي) الخاص بقطاعات التصنيع والخدمات زيادة مفاجئة في يناير/ كانون الثاني الجاري، وشهد مؤشر الإحساس الاقتصادي الرئيسي في بلجيكا ارتفاعا طفيفا هذا الشهر، منهيا بذلك تراجعات حادة استمرت أربعة أشهر. وكان محللون قد توقعوا هبوطا في المؤشر.
ومن المؤكد أن العديد من الاقتصاديين يعتقدون أنه من المحتمل أن يكون اقتصاد منطقة اليورو وصل إلى الدرك الأسفل في الوقت الذي شارف فيه العام 2008 على نهايته وبينما بدأ العام الجديد بنمو في كتلة اليورو التي شهدت انكماشا في النصف الثاني من العام قبل أن تعاود الانتعاش في العام 2010.
وفي معرض تعليقه على ذلك، قال كبير الاقتصاديين في منطقة اليورو، رينر غونترمان والذي يعمل لدى مؤسسة «دريسدنر كلاينفورت» للاستثمار: «المستوى المنخفض دخل الدورة الآن. وهناك قليل من الإحساس بأن ثمة نقطة تحول.
ولعل المخاطرة هنا تكمن في أن التحسن في المؤشرات يمكن أن يكون أمرا مؤقتا، في الوقت الذي يبدو فيه أن عملية التفقد للبيانات الاقتصادية
الكئيبة - مقترنة بتقارير عن أرباح الشركات - توشك على الاستمرار في الأشهر المقبلة.
ومن المحتمل أن يتزامن مع هذه التوترات المتزايدة في كتلة العملة الأوروبية الموحدة وذلك نتيجة للتحول الدرامي المثير في الأداء الاقتصادي للعديد من الدول الأعضاء مثل إسبانيا وأيرلندا وإيطاليا واليونان.
ومن المحتمل أن تكون العضوية في منطقة اليورو قد ساعدت شعوب المنطقة في تفادي أزمة اقتصادية حادة في الوقت الذي اكتسب فيه التباطؤ العالمي زخما.
بيد أن هذه العضوية كانت تعني أيضا أن الدول التي تضررت أكثر من غيرها بالأزمة الاقتصادية العالمية قد عجزت عن وضع الأسس لتحقيق الانتعاش من خلال السماح للعملات المحلية التي انخفضت بتعزيز الصادرات.
كما أن المفوضية الأوروبية قد حذرت هذا الأسبوع من أن النمو الاقتصادي المتباطئ والإنفاق الحكومي المتزايد يمكن أن يعنيا أن العجوزات في الموازنات عبر منطقة اليورو ستأخذ في التضخم هذا العام ، وهو ما يعني بدوره إضافة المزيد من التوترات والضغوط الاقتصادية التي تهدد كتلة اليورو.
وثمة اختبار رئيسي للحالة المزاجية الاقتصادية في منطقة اليورو يحتمل أن يأتي يوم الثلثاء المقبل مع صدور مؤشر ايفو الألماني للثقة التجارية الذي تجرى مراقبته عن كثب، والذي شهد تراجعا حادا في ديسمبر ووصل إلى مستوى متدن له آخر مرة خلال أزمة النفط في الثمانينيات.
وهناك مؤشر آخر صدر هذا الأسبوع أظهر أن ثقة المستثمر الألماني قد قفز بمعدل فاق التوقعات في هذا الشهر مدعوما بالآمال بشأن الانتعاش الاقتصادي الذي سيبدأ في التبلور خلال العام.
والحقيقة أن صدور أحدث المسوحات عن الإحساس الاقتصادي السائد جاء في ظل دليل جديد على الاضطراب المستمر في القطاع المصرفي العالمي والانكماش السريع في النمو الاقتصادي العالمي.
أوباما: أزمة غير مسبوقة
تدعو لإجراءات غير مسبوقة
إلى ذلك قال الرئيس الأميركي باراك أوباما، في خطاب إذاعي وجهه للشعب الأميركي، إن الأميركيين بدأوا العام 2009 وهم في خضم أزمة لا سابق لها، داعيا في الوقت نفسه إلى مواجهتها والخروج منها من خلال خطوات وإجراءات غير مسبوقة.
ودعا أوباما، في خطاب إذاعي وعبر الانترنت استغرق خمسة دقائق وركز على الأوضاع الاقتصادية، الكونغرس إلى المصادقة على خطة الإنقاذ بسرعة، محذرا من أن غير ذلك سيضيع جيلا من الفرص والإمكانيات.
وحذر الرئيس الأميركي الجديد من أن تدهور الأوضاع الاقتصادية ستؤدي إلى خسارة أسرة مكونة من أربعة أفراد نحو 12 ألف دولار من دخلها السنوي.
وقال إن خطة الإنقاذ التي طرحها، والتي تقدر قيمتها بنحو 825 مليار دولار، تتضمن ضمان استمرار واستحداث نحو 4 ملايين فرصة عمل.
وأضاف أنه خلال السنوات القليلة المقبلة ستشهد البلاد تنفيذ برنامج أشغال ومشاريع عمومية يدخل فيها تحديث وتطوير آلاف المدارس، وخطوط نقل الطاقة، وتحويل السجلات الصحية من الورق إلى الكومبيوتر.
وكان أوباما قد كشف، في أول كلمة له منذ أدائه القسم رسميا رئيسا للولايات المتحدة الثلثاء الماضي، عن حزمة من الإجراءات والسياسات والتوجهات التي قال عنها إنها ستشكل «بداية حقبة جديدة في السياسة الأميركية».
وقال أوباما إنه يريد أن يدشن عهدا جديدا من السياسة الأميركية يقوم على «الشفافية والانفتاح والمصارحة التامة» بين إدارته والشعب الأميركي.
وكان الرئيس الأميركي قد تعهد في خطاب القسم «بأن يفتتح عهدا جديدا يتميز بالمسئولية في الوقت الذي تعاني فيه الولايات المتحدة من أزمات داخلية وخارجية».
«فورد» لا تحتاج إلى قروض من الحكومة
من جانبه قال الرئيس التنفيذي لشركة فورد موتور، الآن مولالي إن الشركة لديها سيولة كافية لتمويل خطة إعادة هيكلتها وانه على رغم الهبوط الكبير في مبيعات السيارات فان الشركة مازالت لا ترى حاجة لكي تطلب قروضا حكومية.
وقال مولالي للصحافيين على هامش اجتماع الجمعية الوطنية لتجار السيارات: «لا نريد اقتراض أي أموال أخرى. لدينا سيولة كافية لتمويل خطتنا للتحول وهو ما يعني أن نشاطنا في حال طيبة نسبيا».
وحصلت شركتا «جنرال موتورز» و»كرايسلر إل إل سي» المنافستان الأميركيتان لـ «فورد» على موافقة في ديسمبر/ كانون الأول على قروض حكومية بمبلغ 17,4 مليار دولار لتجنب الانهيار.
وطلبت «فورد» حرية الوصول إلى خط ائتماني قيمته 9 مليارات دولار من الحكومة الأميركية ولكنها لم تسع للحصول على قروض. ولم ترد واشنطن بعد على طلب «فورد».
وقال مولالي إن مبيعات الصناعة الأميركية ككل في يناير/ كانون الثاني كانت مماثلة لمبيعات ديسمبر عندما هبطت بنسبة 36 في المئة بالمقارنة مع عام مضى إلى 10,3 ملايين وحدة سنويا.
وأضاف أن فورد تتوقع أن يؤدي برنامج الحفز الاقتصادي الذي يحث عليه الرئيس الأميركي الجديد باراك أوباما إلى انتعاش في مبيعات السيارات ابتداء من النصف الثاني وتؤكد توقعها أن تتراوح مبيعات السيارات الأميركية ما بين 12 مليون و12,5 مليون وحدة.
... و»نيسان» تتوقع تراجع سوق السيارات
وتوقع الرئيس التنفيذي لشركة نيسان لصناعة السيارات كارلوس غصن أمس أن مبيعات السيارات ستنكمش عالميا بنسبة 14 في المئة في 2009 بسبب الأزمة المالية العالمية، وذلك بعد تراجع بنسبة 9 في المئة السنة الماضية.
وذكر غصن خلال منتدى التنافسية الذي ينظم في العاصمة السعودية (الرياض) أن سوق السيارات ستشهد عمليات دمج بين الصانعين خلال الأشهر المقبلة، وأن تعافي السوق لن يبدأ قبل 2011.
وقال في هذا السياق «سيكون هناك انكماش طويل (...) وما من شك أن العالم سيشهد المزيد من عمليات الاندماج» بين شركات السيارات.
وتوقع غصن أن تصل مبيعات السيارات في 2009 إلى 55 مليون سيارة، أي بانخفاض نسبته 14 في المئة عن 2008 التي بيع خلالها 63 مليون سيارة.
والرقم المسجل في 2008 منخفض كذلك بنسبة 9 في المئة مقارنة بنتائج العام 2007 التي بيعت خلالها 69 مليون سيارة على مستوى العالم.
وأدت الأزمة المالية العالمية إلى الحد من القروض المالية الخاصة بشراء السيارات علما أن نحو ثلثي مشتري السيارات على مستوى العالم يعتمدون على القروض.
وقال غصن «نحن أول ضحايا الأزمة المالية» في إشارة إلى صناعة السيارات.
سنغافورة: عزم على مواجهة «الأزمة»
وذكرت صحيفة «صنداي تايمز» أمس أن رئيس وزراء سنغافورة لي هسين لونغ أكد لمواطنيه أن حكومته ستعمل على مواجهة الأزمة الاقتصادية بحسم.
وقال لي في رسالة وجهها ليلة أمس الأول بمناسبة العام الصيني الجديد إن الخطوة غير المسبوقة للحكومة برفع القيود عن الاحتياطي النقدي بسنغافورة ترسل إشارة واضحة بأنها تعتزم «مواجهة الأزمة بصورة حاسمة وبكل الوسائل المتاحة لديها».
كما حذر لي أيضا من إمكانية تعرض الاقتصاد في سنغافورة للانكماش بسبب الأزمة لعدة شهور وربما للعام بأكمله.
يذكر أن الحكومة السنغافورية حصلت على موافقة مبدئية من الرئيس إس أر ناثان لاستخدام 4,9 مليارات دولار سنغافوري (3,26 مليارات دولار أميركي) لدعم الأنشطة الاقتصادية في البلاد خلال العام الجاري.
«الإحصاءات» في سيئول تستغني عن
4,3% من موظفيها
وأعلن مسئولون في كوريا الجنوبية أمس أن وكالة الإحصاءات الوطنية تخطط لخفض قوتها العاملة بنسبة 4,3 في المئة خلال العام الجاري، كجزء من الجهود المبذولة لتقليص حجمها.
ونقلت وكالة «يونهاب» الكورية الجنوبية للأنباء عن مسئول في المكتب الوطني للإحصاءات أن المكتب سيلغي 101 وظيفة من أصل 2358 بحلول نهاية هذا العام. وأفاد المسئول بأن الوكالة ستقوم بتوحيد مكاتبها الإقليمية.
يشار إلى أن هذه أول شركة حكومية تقوم بتقليص عدد موظفيها منذ بداية الأزمة المالية.
وكانت وزارة المالية الكورية لجنوبية أعلنت الشهر الماضي أن 69 من الشركات التي تديرها الدولة ستقلّص نحو 19 ألف وظيفة على مدى السنوات الثلاث أو الأربعة المقبلة.
يذكر أن معظم اقتصادات العالم تأثرت بشكل بالغ نتيجة الأزمة المالية التي بدأت في الولايات المتحدة كمحصلة لأزمة الرهن العقاري فيها، والتي ظهرت تأثيراتها منذ نهاية شهر سبتمبر/ أيلول الماضي.
خبير ألماني يحذر من طرح مزيد من برامج دعم الاقتصاد
إلى ذلك حذر رئيس رابطة الصناعة الألمانية، هانز بيتر كيتل من طرح مزيد من البرامج الحكومية لدعم الاقتصاد بسبب حجم الديون الجديدة التي تتحملها خزانة الدولة.
وقال كيتل في حديث للإذاعة الألمانية «دويتشلاند فونك» أمس (الأحد) إن الانتخابات البرلمانية المزمعة في خريف العام الجاري يجب ألا تشجع على الاستدانة لدواعي المعركة الانتخابية دون مراعاة للظروف الاقتصادية. وطالب كيتل في الوقت نفسه بالعمل على إصلاح النظام الضريبي بشكل يسمح بتخفيف العبء عن كاهل «المساهمين في نمو الاقتصاد وخدمة المجتمع». وأكد كيتل حرص الشركات على الإبقاء على العمالة المتخصصة وتأمين الوظائف للجميع حتى الربع الثالث أو الأخير من العام الجاري لحين اتضاح صورة أداء الاقتصاد.
ومن ناحية أخرى، لم تستبعد وزارة المالية الألمانية أن يتجاوز حجم
الديون الجديدة لخزانة الدولة خلال العام الجاري مبلغ 50 مليار يورو.
وفي الإطار نفسه توقع رئيس لجنة الموازنة في البرلمان الألماني (البوندستاغ)، أوتو فريكه أن يصل حجم الديون الجديدة خلال 2009 إلى 60 مليار يورو بسبب المؤشرات الاقتصادية السيئة في ظل انخفاض عائدات الضرائب وارتفاع النفقات
العدد 2334 - الأحد 25 يناير 2009م الموافق 28 محرم 1430هـ