العدد 416 - الأحد 26 أكتوبر 2003م الموافق 29 شعبان 1424هـ

الروضة... جسر عبور بين المنزل والمدرسة

أكدت الدراسات النفسية والتربوية الحديثة أهمية خمس السنوات الأولى في حياة الطفل وأثرها البالغ في نموه وبناء شخصيته، في حين كان الاهتمام قديما منصبا على الطفل بعد دخوله المدرسة، على اعتبار أن التحاقه بالمدرسة بداية تعليمه وتربيته، إذ كان الطفل سابقا من حضن الأم يترعرع ثم يدخل المدرسة دون تمهيد لحياته الجديدة. أما الآن من البيت إلى الحضانة إذ يتهيأ ويتعود الطفل على البقاء خارج المنزل خارج أسرته فيكون بذلك مستعدا لحياته الدراسية بعد ذلك.

إن التطور الحضاري وما صاحبه من تغيرات اجتماعية واقتصادية وثقافية، نتج عنه خروج المرأة للعمل لتقف جنبا إلى جنب الرجل، لتسهم معه في التنمية الشاملة للمجتمع، ما أدى إلى تقلص دورها نحو تربية الأبناء، وزاد من أهمية وجود مؤسسة تربوية تشاركها هذا الدور. بدأت دول العالم تهتم بالطفولة، وتزايد هذا الاهتمام يوما بعد الآخر، على اعتبار أن طفل اليوم هو رجل الغد، فسعت إلى إشباع حاجاته النفسية والاجتماعية والبيولوجية، وتنمية ميوله وقدراته ومواهبه العلمية والإبداعية، فجندت كل أمة علماءها ومربيها ومؤسساتها لخدمة هذا الهدف. لذلك كان لزاما على المجتمع أن يستحدث الكثير من المؤسسات التربوية التي ترعى الأطفال تربويا، خصوصا في مرحلة ما قبل المدرسة، لتشارك الأسرة التي أعياها تزايد مسؤولياتها، وتعدد أدوارها، لتحمل هذه المهمة، فأنشأت العديد من دور الحضانة ورياض الأطفال في معظم أنحاء البلاد! ولكن كم أتمنى أن تقوم كل دور الحضانة ورياض الأطفال برعاية هؤلاء الأطفال وتنشئتهم اجتماعيا وتربويا. إن الروضة ليست بديلا عن المنزل ولا مكان للتحفظ على الأطفال وحراستهم، حتى يأتي ذووهم، ولكنها وسيلة فعالة تعالج فترة شديدة الحساسية في حياة الطفل الصغير وهي تعمل في تكامل مع المنزل، وتعده للمدرسة. إنها جسر عبور آمن بين المنزل والمدرسة. إن التربية في رياض الأطفال مهمة في حد ذاتها، لو تكاملت برامجها مع برامج النمو في المنزل لنمو شخصية الطفل جسميا وعقليا ونفسيا واجتماعيا، هذا إلى جانب أهميتها بالنسبة للإعداد لمراحل التربية التالية في المدرسة، لكونها توفر للأطفال أول فرصة إيجابية لديهم نحو أنفسهم ونحو غيرهم، ما سيكون له أثره في علاقاتهم الاجتماعية مستقبلا. وكذلك للحضانة دور مهم في تنمية الإحساس بالثقة في النفس والغير، وذلك عن طريق توفير المناخ العاطفي الذي يحاط الطفل به من الكبار.وتوسيع مجال النشاط والتفاعل الاجتماعي للطفل، وتعليمه التعاون في اللعب مع الجماعة، والتخفيف من تهيب المواقف، وخوفه من الآخرين.

إن رياض الأطفال مهمة ولها دور حيوي في التنشئة الاجتماعية للأطفال إذا توافر لها البرامج التربوية، والخبرة المربية المستمرة، من المعرفة والمهارات العلمية المحسوسة، بما يفيد التنمية العقلية والجسمية والصحية للطفل عن طريق نشاطه الحر بعيدا عن التقييد بمناهج جامدة.

كما يجمع المربون على أهمية توافر المربيات المدربات والمؤهلات تأهيلا خاصا، وعلى علم تام بسيكولوجية الطفولة واحتياجاتها، فلا شك في أن مدى استفادة الطفل من خبرة رياض الأطفال تتوقف إلى حد كبير على شخصية وكفاءة المدرسة المربية!

عاشقة البحرين

العدد 416 - الأحد 26 أكتوبر 2003م الموافق 29 شعبان 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً