دعا خطيب جامع الخير بقلالي الشيخ صلاح الجودر في خطبة أمس مجلس النواب إلى مناقشة قانون الجنسية البحرينية والاستماع إلى جميع الأطراف من جمعيات سياسية وهيئات حقوقية ونقابات قانونية وغيرها.
كما طالب الجودر بفتح أبواب الحوار والمصارحة بما يعزز دولة القانون والمؤسسات، وبما يعزز الأمن والاستقرار.
وقال: «نحن في عهد الإصلاح وبناء الدولة الحديثة وسن القوانين، انشغل الشارع البحريني خلال الأسابيع الماضية بملف سياسي في غاية الأهمية، بين معارض ومؤيد وممتنع عن المشاركة في الرأي، ألا وهو ملف التجنيس، ففي الوقت الذي يدور الحديث عن هذا الملف في المجالس والمنتديات نرى الصمت المطبق في مجلس النواب مع بعض الشارات على الصدور!»، وذكر الجودر أن مناقشة هذا الملف، ووضع الضوابط والشروط لمنح الجنسية البحرينية من الحقوق التي كفلها الدستور لأعضاء مجلس النواب.
وأضاف دعونا نتناول هذا الموضوع بكل صدق وأمانة، فملف التجنيس يسير بخطابين مختلفين يلتقيان أحيانا، وينفصلان أحيانا أخرى، فالخطاب الأول هو خطاب المواطن العادي الذي يرى آثار التجنيس في الخدمات الممنوحة، مثل الإسكان والصحة والعمل وغيرها، وهو خطاب عقلاني متزن، يسعى من خلاله المواطن إلى نيل حقوقه كاملة.
وأردف، أما الخطاب الآخر فهو الخطاب المؤدلج والمسيس والمجير، وهذا الخطاب ينقسم إلى قسمين، قسم يريد الحديث عن التجنيس الأخير، وقسم يتحدث عن التجنيس منذ العام 1939م، وكلا الخطابين جانبا الصَّواب، والسبب الأول هو أن الحديث عن الفئة التي جنست حديثا يجب أن ينصب بما يعزز المواطنة الصالحة والانتماء إلى هذه الأرض وترسيخ الثقافة والسلوكات البحرينية، والسبب الآخر هو أن الدستور أعطانا الحق في تعديل مواد الدستور من خلال السلطة التشريعية بما يواكب حاجتنا والتزاماتنا الدولية علما بأن قانون الجنسية صادر في العام 1963م، فلماذا لا نقرأ تجارب الدول الأخرى ونسعى إلى تطوير قانون الجنسية البحرينية.
وأوضح أن فرنسا تعتمد للتجنيس الاختبار اللغوي والمعرفي شرطا لمنح الجنسية الفرنسية، والدنمارك تشترط ألا تقل فترة إقامة الأجنبي عن ثماني سنوات، وهولندا ترى أن يخضع القادمون من غير الاتحاد الأوروبي لامتحانات في السفارة الهولندية في البلد المعني، وإيطاليا وأسبانيا يجب ألا تقل فترة الإقامة عن 10 سنين، ودول البلطيق تعتبر الاختبار شرطا أساسيّا لمنح الجنسية، وقانون الجنسية في الكويت يمنح السلطة التنفيذية حق تجنيس ألفي شخص سنويّا، مطالبا النواب بالعمل على تطوير قانون الجنسية بما يواكب حاجتنا والتزاماتنا الدولية.
على صعيد آخر، تحدث الجودر في خطبته أمس عن ضرورة تربية وتنشئة الشباب والناشئة التنشئة الإسلامية الصحيحة القائمة على الحوار والتسامح والتعايش والإصلاح.
وبين أن درجة تفوُّق الأمم وعلامات نجاحها مرهونة بسلامة عقول أبنائها، ونقاء أفكار شبابها، ومدى ارتباط أفرادها بمكونات أصالتهم، وثوابت حضارتهم، وأُسس منظومتهم العقدية والفكرية والقيمية.
وقال إن الشريعة الغراء جاءت لحفظ العقول والأفهامِ، كما جاءت لحفظ الأمن والاستقرار في المجتمعات والأوطان، فإذا اطمأن الناس على ما عندهم من أصول وثوابت وأسس، وأمنوا على ما لديهم من مكتسبات ومنجزات، وقيم ومبادئ فقد تحقق لهم الأمن في أسمى صوره وأجلى معانيه، أما إذا تلوثت أفكارهم بمبادئ هدامة، ومناهج مسمومة، وأفكار منحرفة، وثقافات مستوردة، فقد جاس الخوف خلال ديارهم وحل التلاسن والتلاعن وسوء النيات بين ظهرانيِّهم، لذلك حرصت شريعتنا الغراء على تعزيز جانب الأمن الفكري لدى الأفراد والمجتمع.
وأردف، إن الأمن الفكري بمفهومه الشامل الواسع هو أن يعيش الإنسان في مجتمعه بمعتقده وفكره آمنا مستقرّا مطمئنّا، ويتمثل هذا المفهوم في الكثير من آيات الكتاب العزيز وأحاديث السنة المطهرة «لِكُلٍّ جَعَلْنا مِنْكُمْ شِرْعَة وَّمِنْهاجا» (المائدة:48)، فهو مفهوم يستمد من عقيدة الأمة وثوابتها، ويراعي خصوصياتها وخصائصها، ليحقق لها صور التلاحم والوحدة والتعايش والتسامح.
وما سلك فئام من الشباب والناشئة مسالك التغريب والتفسخ والتعري من جهة، وآخرون مسالك العنف والإرهاب والتدمير إلا لمَّا تشبعت أفكارهم وغسلت عقولهم بما يسوغ لهم تلك الأعمال الإجرامية، والسلوكات العدوانية.
وذكر أن عالم اليوم تحول إلى قرية صغيرة، لا حدود جغرافية، ولا حواجز ترابية، وما ذلك إلا بسبب الثورة العلمية الهائلة في المعلومات، قنوات فضائية، ومواقع الكترونية، وهواتف خلوية، ما أشاع مفاهيم وثقافات غريبة عنا، فقد أصبح التفسخ والرذيلة وسوء الأخلاق عند البعض من التمدن، والتطاول والقذف والسب من حرية الكلمة والتعبير، والتخريب والتدمير تحت شعار الإصلاح، هذه المفاهيم المغلوطة توجب علينا جميعا الرفق بالشباب والناشئة، وتربيتهم التربية الإسلامية الصحيحة القائمة على الحوار والتسامح والتعايش، وترسيخ منهجِ الوسطية والاعتدال.
العدد 2339 - الجمعة 30 يناير 2009م الموافق 03 صفر 1430هـ