حث خطيب الجمعة بجامع أبوبكر الصديق بالحورة الشيخ علي مطر الطلاب والشباب الذين يقضون أوقاتهم بالتنزه بالبر والتخييم بالمحافظة على الصلوات وخاصة الجمعة وعدم تضييعها، ومراعاة الآداب العامة، وعدم إلقاء الأوساخ والمخلفات. إضافة إلى وعدم إيذاء الناس من مارة ومخيمين برفع أصوات أبواق السيارات أو المذياع والتلفاز وغيرها.
كما وجه مطر الطلاب - بعد انتهائهم من الامتحانات وبداية إجازة الربيع - إلى ضرورة استغلال الإجازة في النافع والابتعاد عن تضييع الأوقات واستقلالها في سفاسف الأمور.
وقال مطر إن المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، مشددا على عدم إزعاج الناس بالسيارات والدراجات النارية، ودخان النيران الموقوة، وعلى أولياء الأمور حث أبنائهم على ذلك، وليكن الهدف الاستجمام وتجديد النشاط والالتقاء بالأصدقاء والزملاء على الخير لا على الشر.
وطالب شرطة المرور والأمن العام والآداب والدفاع المدني بتكثيف جهودهم ودورياتهم في هذه الفترة وخاصة أن أكثر المخيمين من الشباب الذين يمكن أن تصدر منهم بعض التصرفات والأفعال غير المسئولة، وإن كنا نثق في شبابنا وندعو لهم بالرشاد والهداية فهم سواعد الوطن وبناة المستقبل.
وأكد مطر أن التوكل على الله من أفضل العبادات وأعلى مقامات التوحيد، ولا يقوم به على وجه الكمال إلا صاحب الإيمان الخالص الصادق، وبين التوكل والإيمان تلازم، فقوة التوكل وضعفه بحسب قوة الإيمان وضعفه، لهذا قال العلماء التوكل على الله جماع الإيمان.
وأوضح مطر أن من صفات المؤمنين أنهم على ربهم يتوكلون، مستشهدا بقول الله تعالى: «إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا وعلى ربهم يتوكلون» (الأنفال: 2). متابعا أن قوله سبحانه عن المؤمنين وعلى ربهم يتوكلون أي به يثقون لا بغيره وعليه سبحانه يعتمدون لا على غيره، وإليه عز وجل يفوضون أمورهم وأحوالهم وحاجاتهم فإليه يلجأون ولا يرجون غيره، فالتوكل على الله تعالى هو صدق الالتجاء والاحتماء به، والاعتماد عليه وتفويض الأمر إليه، فلا يرجى ولا يقصد سواه، وقد نص العلماء على أن التوكل نصف الدين ونصفه الثاني الإنابة.
وحث مطر على التوبة إلى الله قائلا: «وأنيبوا إلى ربكم وأسلموا له...» (الزمر: 54) أي توبوا إليه وارجعوا إليه، فالإنابة هي الإسراع إلى مرضاة الله مع الرجوع إليه في كل وقت، في الشدة والرخاء، وقال العلماء إن الإنابة إنابتان: إنابة لربوبيته وهي إنابة جميع المخلوقات يشترك فيها المؤمن والكافر والبر والفاجر، لقوله تعالى: «وإذا مس الناس ضر دعوا ربهم منيبين إليه» (الروم: 33) ، وأما الإنابة الثانية فإنها إنابة أوليائه المؤمنين الصادقين وهي إنابة لإلهيته، إنابة عبودية ومحبة تتضمن الخضوع له والإقبال عليه والإعراض عما سواه. مشيرا إلى أن على المتوكل على الله تعالى الأخذ بالأسباب المباحة المشروعة وترك الاتكالية، فالسماء لا تمطر ذهبا ولا فضة، والعمل وحده لا يرزق الإنسان، والنصر لا يأتي بسبب قوة السلاح ولا عدد الجيوش، والشفاء ليس في الدواء.
وشدد مطر على أهمية توكل المسلم على الله عز وجل حق التوكل في رزقه، وطلبه للشفاء، والنصر، والنجاح، وتيسير الأمور وتربية الأولاد والدعوة إلى الله وفي كل شئونه وأحواله... ويتوكل عليه أيضا عن خوفه وخشيته من أعداء الله ومن الشيطان ومن الظلمة وأهل القدر... ولهذا كان النبي (ص) إذا خرج من بيته قال: قال الله تعالى: «ومن يتوكل على الله فهو حسبه» (الطلاق: 3) أي كافيه وحاميه، مرددا «بسم الله توكلت على الله، اللهم ني أعوذ بك أن أضل أو أُضل أو أزل أو أُزل أو أظلم أو أُظلم، أو أجهل أو يُجهل عليّ». مشيرا إلى أن النبي (ص) قال: «لو أنكم تتوكلون على الله حق التوكل لرزقكم كما يرزق الطير تغدو أخماصا وتروح بطانا».
وأضاف مطر أن الرسول قال لأحد الصحابة: «أعقلها وتوكل»، وفي حديث ابن عباس (رض) قال: «حسبنا الله ونعم الوكيل قالها إبراهيم (ص) حين ألقي في النار، وقالها محمد (ص) حين قالوا إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا فقالوا: حسبنا الله ونعم الوكيل».
وتابع «وكان آخر قول إبراهيم حين ألقي في النار حسبي الله ونعم الوكيل، فجعل الله النار بردا وسلاما على إبراهيم، ولننتظر إلى توكل النبي (ص) ويقينه بالله واعتماده عليه وحده، عندما قال أبوبكر الصديق (رض): نظرت إلى أقدام المشركين ونحن في الغار وهم على رؤوسنا، فقلت يا رسول الله لو نظر أحدهم تحت قدميه لأبصرنا. فقال: ما ظنك يا أبا بكر باثنين الله ثالثهم، أي بالنصر والمعونة والحفظ والتأكيد». مبينا أن الله عز وجل نصر المؤمنين بإيمانهم وتوكلهم عليه في غزوة بدر وغيرها. ولايزال ينصر عباده ولننظر إلى انتصار المسلمين في غزة من قلة حيلتهم وضعفهم وتخاذل الدول في نصرتهم، فقد نصرهم بثباتهم وتوكلهم ودعاء وإنابة الناس في كل مكان انتصروا وكسبوا تأييدا دوليا لقضيتهم حيث قام معهم العرب وغيرهم وسخر الله لهم حتى من غير المسلمين من يدافع وينافح عنهم، ولم تهزم في غزة إلا الحجارة بسبب الدمار.
العدد 2339 - الجمعة 30 يناير 2009م الموافق 03 صفر 1430هـ