العدد 484 - الجمعة 02 يناير 2004م الموافق 09 ذي القعدة 1424هـ

تسارع الحركة الاقتصادية الكويتية خارج القطاع النفطي خلال العام 2002

في الموجز الاقتصادي السنوي لبنك الكويت الوطني

في موجزه الاقتصادي الأول للسنة الجديدة، وبحسب الاحصاءات الأخيرة عن النمو الاقتصادي الفعلي، أشار بنك الكويت الوطني الى تراجع بسيط في الناتج المحلي خلال العام 2002، وذلك نتيجة الانخفاض في انتاج النفط الخام. إلا أنه تسارعت الحركة الاقتصادية خارج القطاع النفطي مدعومة بالخدمات والتجارة.

وإنما يظهر التراجع المستمر في الانتاجية للفرد العامل ضمن القطاع غير النفطي صورة معدلة عن النمو الاقتصادي الفعلي.

انخفاض في الناتج المحلي

وذكر تقرير الوطني أنه تقدر نسبة التراجع في الناتج المحلي الاجمالي بالأسعار الثابتة للعام 1995 بـ 0,4 في المئة خلال العام 2002، إذ هبط الناتج من النفط الخام بنسبة 10,4 في المئة تماشيا مع تخفيض حصة أوبك. وانما تعافت المنتجات النفطية بنسبة 6,8 في المئة بعد استكمال الاصلاحات في مصفاة الأحمدي. وسجل الناتج غير النفطي نموا بنسبة 5 في المئة وهي الأسرع خلال الأعوام الأربعة الماضية، مقاربة النسبة المسجلة خلال العام 1998، أي 5,2 في المئة. وأتى التوسع السريع في الخدمات الشخصية والمنزلية، كما في الخدمات المالية والمواصلات، كأداة دفع مهمة للنمو الاقتصادي - وشهد العام 2002 ازدهارا في التعليم والتجارة.

ومن الناحية النظرية، يقاس النمو الاقتصادي الفعلي خلال عام معين بالزيادة في حجم السلع والخدمات المنتجة خلال ذلك العام. ويتم اعتماد سنة واحدة كقاعدة للأسعار بهدف احتساب الناتج المحلي الاجمالي للأعوام الأخرى استنادا الى الأسعار المثبتة لتلك السنة. لذلك، لن تشير الفوارق فيما يسمى بالناتج المحلي الاجمالي الفعلي من سنة الى أخرى الى تغيير في أسعار السلع والخدمات كما في الناتج المحلي الاجمالي الاسمي. وعلى سبيل المثال، لا يعكس النمو في الناتج المحلي الاجمالي الفعلي للكويت خلال عام ما ارتفاعا أو هبوطا في أسعار النفط خلال ذلك العام، وانما يظهر التغيير في الحجم الاجمالي للانتاج النفطي.

دعم الخدمات والتجارة

وبحسب تقرير الوطني، شكلت خدمات المجتمع والخدمات الاجتماعية والشخصية أكثر من ربع القيمة المضافة خلال العام 2002. وترجع نسبة 44 في المئة من نمو القاطع غير النفطي الى تلك الخدمات. وساهم التعليم، الذي يأتي في المرتبة الثانية بعد الإدارة العامة والدفاع، في ثلث تلك النسبة. وبالاضافة الى تعزيز لطلب بفضل ديموغرافية شابة وسريعة النمو، يشير الناتج من التعليم الى التوظيف المتزايد ضمن المدارس الحكومية والى افتتاح جامعات خاصة جديدة.

وبالاجمال، تأتي الخدمات المالية والعقارات وخدمات الأعمال في المرتبة الثانية، مشكلة نحو خمس الناتج المحلي الاجمالي الفعلي للقطاع غير النفطي. وسجلت العقارات، وهي الجزء الأكبر ضمن هذه الفئة، نموا بنسبة 4,5 في المئة خلال العام 2002 بعد تقلص بسيط خلال العام 2001. ويعود ذلك الى التزايد في الطلب انعكاسا للتكاثر في تراخيص البناء والمبيعات وتسهيلات المصارف للقطاع العقاري. أما في القطاع المالي نجحت الجهود لتطوير الخدمات بغية تلبية النمو المستمر في الطلب، الى جانب التحسين في الفعالية والتخفيف من عبء الديون المستعصية العائدة لفترة التسعينات. وخلال العام 2002، سجل هذا القطاع نموا بلغ 6,6 في المئة، وهي نسبة أصغر من تلك المسجلة خلال السنة السابقة، لربما نتيجة النمو الأبطأ في الودائع مقابل مصادر التمويل الأخرى. وسجل التأمين، وهو القطاع الأصغر حجما، نموا بنسبة 3,5 في المئة.

وبالاجماع، شكلت التجارة مع قطاع المطاعم والفنادق 12 في المئة من الناتج المحلي خلال العام 2002. وخصوصا ان التجارة بالجملة والتجزئة شهدت توسعا سريعا بلغ 6,5 في المئة عقب نمو بنسبة 4,2 في المئة خلال العام 2001. فقد ازدادت الواردات بنسبة 10,7 في المئة، مدعومة بالإنفاق الاستهلاكي والتراكم في التخزين استباقا لحرب وشيكة في العراق، ما عزز التجارة. غير أنه شهد قطاع المطاعم والفنادق نموا متواضعا عقب تقلص خلال أربعة أعوام من أصل الخمسة أعوام الماضية.

استمرار نمو المواصلات

وكما جاء في تقرير الوطني، ساهم الناتج من النقل والتخزين والمواصلات كفئة واحدة في 11 في المئة من القطاع غير النفطي خلال العام 2002. وتتصل خدمات النقل على نحو وطيد بحركة التصدير النفطي. فجراء تخفيض الانتاج النفطي، هبطت الصادرات النفطية بنسبة تعدت 23 في المئة خلال العام 2002. ونتيجة لذلك، سجلت جملة الناتج من النقل والتخزين، اللذين لا يصرح عنهما بالتفصيل، هبوطا بنسبة 7 في المئة. ومن ناحية أخرى استمر النمو في قطاع المواصلات - وهو القطاع الأسرع نموا - بنسبة فاقت المعدل، إذ ازداد الانتاج بنسبة 9 في المئة. ويذكر أنه حقق قطاع المواصلات نموا سنويا بسبة 14,3 في المئة ما بين العامين 1996 و2001 إذ سجل نموا قياسيا بلغ 40 في المئة.

ويشكل كل من قطاع الصناعات التحويلية وقطاع التشييد والبناء والقطاعات الأخرى جزءا صغيرا من الحركة الاقتصادية غير النفطية. وسجلت الصناعات التحويلية نموا بنسبة 4,2 في المئة خلال العام 2002، أي أنها أحرزت تقدما ملموسا مقارنة مع النتائج الزهيدة للأعوام الخمسة السابقة. واتخذت المنتجات الكيماوية والتعدينية المرتبة الرائدة في دعم النمو ضمن قطاع الصناعات التحويلية، ما يعكس جزئيا الازدياد في الإنفاق البنائي. وتعافى قطاع التشييد والبناء الى المستوى ذاته من النمو الذي حققه خلال العام 2000، أي بنسبة 3,1 في المئة، وذلك بعد انخفاض زهيد خلال العام 2001. وسجل الناتج من الكهرباء والغاز والمياه نموا سنويا ثابتا بنسبة 12 في المئة، ما يشير الى الازدياد في عدد السكان والاستهلاك للفرد الواحد.

تدني نصيب الفرد

وأفاد تقرير الوطني أنه شهد الناتج الفعلي على أساس فردي انخفاضا مستمرا بمعدل سنوي بلغ 1,1 في المئة خلال الأعوام الثمانية السابقة. واستنادا الى الأسعار الثابتة للعام 1995، بلغ نصيب الفرد من الناتج الفعلي 3,846 دنانير في العام 2002، إذ تسارع الانخفاض الى 5,2 في المئة بسبب النمو السكاني المتزايد والمدعوم بالعمالة الأجنبية.

هبوط الإنتاجية منذ العام 1995

وأشار تقرير الوطني الى انه بمعزل عن التغيير الحاد في الناتج النفطي، فقد اتبع التقدم الاقتصادي الفعلي للكويت وتيرة متواضعة على الامد الأطول. فمنذ العام 1995، سجل الناتج المحلي الاجمالي نموا سنويا بمعدل 3,3 في المئة، تساويا بالنمو السكاني وانما دون المعدل السنوي لنمو القوى العاملة الناشطة، الذي بلغ 3,8 في المئة. وعلى التوالي، انخفضت الانتاجية للفرد العامل ضمن القطاع غير النفطي بمعدل سنوي بلغ 0,4 في المئة، وصولا الى 4,406 دنانير بحلول العام 2002. ويتباين هذا الانخفاض بشكل حاد مع النمو المتسارع في انتاجية الاقتصادات النامية منذ مطلع التسعينات.

ومع إثارة الجدل شأن نمو الانتاجية ضمن قطاع النفط الخام، إذ تتأتى معظم القيمة المضافة من الريع الاقتصادي، إلا انه تقيم الفعالية في الصناعات النفطية باستثناء النفط الخام استنادا الى مؤشر الانتاجية الفردية. إنما ومع الأسف، فقد أصبح التحليل بالغ الصعوبة جراء حادث الأحمدي في يونيو/ حزيران 2002، وذلك بسبب الخسارة المتأتية في الانتاج. أيضا، لا يمكن الحكم من خلال مقارنة الانتاجية ما بين العامين 1995 و1999، إذ إننا نعتبر أنه جرت المبالغة في تقدير الانتاج للعام 1995 ما يظهر انخفاضا متواليا، في حين حصلت زيادة فعلية في الانتاج ما بين العامين 1996 و1999.

وبالنظر الى القطاعات الاقتصادية المنفردة باستثناء النفط والطاقة، فقد سجلت الأكثرية منها، اشتمالا على القطاعات الثلاث الكبرى، انخفاضا مستمرا في الانتاجية. ولكن تحسنت الانتاجية في قطاع النقل والتخزين والمواصلات، كما في قطاع البناء والتشييد، والى درجة ضئيلة في قطاع الزراعة وصيد البحر. وشهد قطاع النقل والتخزين والمواصلات التحسن الأكبر في الانتاجية، التي ازدادت بنسبة 7,2 في المئة سنويا لتقارب المعدل العائد لقطاع الخدمات المالية والتأمين والعقارات وخدمات الأعمال. فقد بلغ الناتج للفرد العامل معدل 14,680 دينارا للعام 2002، وذلك استنادا الى الاسعار المثبتة للعام 1995. ودعم التطور في الانتاجية النمو في مساهمة هذا القطاع في الناتج المحلي الاجمالي الفعلي بنسبة سنوية ملحوظة بلغت 6,7 في المئة. وبصورة اجمالية، يعتبر هذا القطاع كثيفا في الموارد الرأسمالية، وقد استحوذ على استثمار متزايد تماشيا مع نمو الطلب، لاسيما في الصادرات النفطية والمواصلات. وأحرز قطاعان آخران تقدما في الانتاجية، وهما قطاع التشييد والبناء وقطاع الزراعة وصيد البحر. إنما يعتبر هذان القطاعان كثيفين في الموارد البشرية، لذلك يبرزان قيمة مضافة أصغر للفرد العامل. وقد لحقت الانتاجية في قطاع التشييد والبناء بالتوجه العام للحركة الاقتصادية، التي شهدت تقلصا ما بين العامين 1995 و1998 لتستعيد عزمها بمكسب صاف خلال العام 2002. وينطبق الأمر ذاته نسبيا على قطاع الزراعة وصيد البحر.

انخفاض إنتاجية

الخدمات المالية والعقارات

وبحسب تقرير الوطني، يبرز قطاع الخدمات المالية والتأمين والعقارات وخدمات الأعمال، والذي يعمل بمعظمه ضمن القطاع الخاص، القيمة المضافة الكبرى للفرد العامل وهي تقدر بـ 19,258 دينارا للعام 2002. إلا انه شهد هذا القطاع التراجع الأكبر في الانتاجية، بمعدل سنوي بلغ 3,6 في المئة. وعلى سبيل الذكر، فقد فرضت على هذا القطاع النسبة الأعلى من القوى العاملة الوطنية، وذلك بحسب القوانين الحديثة الاصدار. غير انه يبقى تأثير تلك القوانين على الانتاجية مرهونا بعامل الوقت.

واختبر الناتج للفرد العامل ضمن قطاع الصناعات التحويلية غير النفطية انخفاضا مستمرا بمعدل سنوي بلغ 2 في المئة. وضمن القطاعات الأخرى التي شهدت خسارة في الانتاجية، سجل قطاع التجارة والمطاعم والفنادق هبوطا بمعدل سنوي بلغ 1,1 في المئة. أيضا، انخفضت الانتاجية بمعدل سنوي بلغ 2 في المئة منذ العام 1995 ضمن قطاع خدمات المجتمع والخدمات الاجتماعية والشخصية، الذي يتبع بمعظمه الى القطاع العام. ويعتبر هذا القطاع كثيفا في الموارد البشرية، لذلك يبرز مستويات منخفضة من الانتاجية.

وفي الختام، لعل النتائج تدل الى ضرورة الاصلاح الشامل في الكويت. فلقد طال انتظار ذلك الاصلاح علما بالنمو البطيء في الناتج المحلي الاجمالي اضافة الى الخطورة في نمط الانتاجية. وإنما يبقى السؤال عن مدى الاسراع في المباشرة بذلك الاصلاح وعن سرعة تأثيره على العجلة الاقتصادية

العدد 484 - الجمعة 02 يناير 2004م الموافق 09 ذي القعدة 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً