يستقبل الوسط الاقتصادي السعودي عامه الجديد بآمال عريضة لإنجاز متطلبات يرى فيها القطاع الخاص حافزا مهما لرفع مساهمته في الناتج الوطني التي بلغت 44 في المئة خلال العام الماضي وسط مؤشرات ايجابية لأداء الاقتصاد.
وستكون انطلاقة سوق الأوراق المالية وتكوين هيئتها بعد إقرار نظامها الأساسي العام الماضي الحدث الأبرز الذي سيشهده العام الجديد، إلى جانب بدء تطبيق نظام الرقابة على شركات التأمين والذي سيهيئ المجال أمام تحقيق طفرة في سوق التأمين تقفز بحجم اشتراكاته إلى ثلاثة أضعاف ما هو عليه والوصول إلى قرابة الـ 10 مليارات ريال تمثل السوق الافتراضية الحقيقية للسوق.
وتتطلع شركات الاتصالات في النصف الثاني من هذا العام للدخول في واحد من أكبر أسواق الاتصالات بالمنطقة العربية مع تحرير خدمات الجوال وسط تكهنات الخبراء بأن يتقدم مالا يقل عن 6 تحالفات تضم مستثمرين محليين وأجانب للحصول على رخص، فيما تنتظر 27 شركة نفط آسيوية، وأوروبية، وأميركية ما ستسفر عنه المنافسة المطروحة من الحكومة السعودية لاستغلال الغاز في ثلاث مناطق شمال الربع الخالي سيتم حسمها في الربع الأول من العام الجديد.
كما سيشهد العام الجديد بدء تحالف «شل» العالمية و«توتال» الفرنسية و«أرامكو» السعودية الذي ظفر بمشروع استكشاف الغاز جنوب الربع الخالي بعمليات التنقيب، وضخ نحو 500 مليون دولار للإنفاق على استكشاف الغاز في هذه المنطقة على مدى عامين.
ومن المرجح أن يحمل العام الجديد أنظمة وقرارات جديدة في مسيرة الإصلاحات الاقتصادية السعودية التي تتواصل منذ أعوام، إلا أن القرار الأبرز الذي يترقبه المراقبون سيكون إقرار نظام الضريبة على المستثمرين الأجانب، وهو قرار سيهيئ المملكة للانضمام إلى منظمة التجارة العالمية بعد أن قطعت خطوات وثابة للانخراط في هذه المنظومة العالمية التي ستفتح أمام السعوديين أسواق 147 دولة.
ويقول أمين عام مجلس الغرف التجارية الصناعية السعودية فهد السلطان ان القطاع الخاص السعودي سيكون أمام الاختبار الصعب للاستفادة من الجهود الحكومية التي هيأت المجال للانخراط في ثلاث منظومات أساسية بدأت بالمنظومة الخليجية التي أثمرت عن قيام الاتحاد الجمركي مطلع العام الماضي، والمنظومة العربية التي تتحرك بشكل حثيث لاستكمال منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى مع مطلع العام 2005، فضلا عن المنظومة العالمية متمثلة بالانضمام إلى منظمة التجارة العالمية المتوقع أن يكون وشيكا هذا العام.
ويرى السلطان أن القطاع الخاص السعودي يتمتع بقاعدة إنتاجية عريضة لسلع تتميز بالجودة والسعر الجيد ولديها القدرة للمنافسة في الأسواق العالمية، إلا أن المعضلة الأساسية التي تقف حائلا أمام انتشارها تتمثل بضعف الوعي التسويقي. وقال: «لدينا معضلة لابد من الاعتراف بها وهي ضعف التسويق، فتجارنا لديهم المهنية الإنتاجية العالية، لكن يفتقرون للوعي التسويقي».
ويضيف السلطان ان الانفتاح الخارجي سيخدم الاقتصاد السعودى شرط أن يهتم بالتصدير، ودعم قطاع التصدير الذي سيكون الرهان للوصول إلى مصاف الدول العشر الأولى عالميا.
وفي هذا الاتجاه فإن من المؤمل أن تتحقق بعض المشروعات التي يعمل القطاع الخاص السعودي على إنجازها هذا العام، ومن أبرزها منطقة إيداع البضائع على الحدود السعودية العراقية، وتفعيل فكرة إقامة مناطق حرة في ثلاثة مواقع تشمل جازان، وينبع، والعقير لخدمة أسواق واعدة مثل اليمن، والقرن الإفريقي، والسودان، وغيرها.
من جانبه يرى أمين عام غرفة تجارة الرياض حسين العذل أن السعودية بدأت تقترب من الوفاء بمطالب الشركاء في منظمة التجارة العالمية وهو ما يجعل من انضمامها في هذا العام قريبا جدا، مشيرا إلى أن ما تشهده الساحة المحلية من انفتاح وحوار بين جميع أطياف المجتمع سيحقق الأمن الحقيقي لنزع فتيل التطرف وهو ما سينعكس إيجابيا على الاقتصاد مقللا في الوقت نفسه من تأثيرات الحوادث الإرهابية التي شهدتها العاصمة الرياض.
ويشير العذل إلى أن الثقة بالاقتصاد السعودي ستتنامى أكثر فأكثر بعد أن أثبتت التجارب الماضية تمسك الحكومة بمنهجية الاقتصاد الحر من دون فرض أي قيود على رأس المال، والحوالات، أو أسعار الصرف،إضافة إلى عودة مزيد من الأموال المهاجرة بعد ازدياد اطمئنان المستثمرين المحليين بالاقتصاد المحلي، وشعورهم بأن استثماراتهم الخارجية وتحديدا في الغرب أصبحت معرضة للمصادرة
العدد 484 - الجمعة 02 يناير 2004م الموافق 09 ذي القعدة 1424هـ