بات انتشار وباء انفلونزا الطيورالذي اجتاح غالبية الدول الآسيوية، والذي أصبح يشكل خطورة مباشرة على الإنسان وموارده الطبيعية، ينذر بشبح أزمة اقتصادية جديدة في جنوب آسيا.
ودقت ناقوس الخطر من تفشي هذا الوباء كل من منظمة الصحة العالمية ومنظمة الأغذية والزراعة الدولية (فاو) والمنظمة الدولية لصحة الحيوان في بيان مشترك.
وذكر بيان المنظمات الدولية أنه على رغم عدم انتشار مرض انفلونزا الطيور بشكل وبائي بين الإنسان إلا أنه أصبح يستدعي الآن تضافر جهود الدول المانحة لمواجهة هذا التهديد العالمي.
وترى (الفاو) أن نجاح حملة مكافحة انفلونزا الطيور على صعيد قارة آسيا يعتمد على الإعدام الجماعي للطيور التي تظهر عليها أعراض المرض خلال عمليات الفرز الجارية في المناطق المصابة.
وعبر خبيرالصحة الحيوانية بالفاو هانس فاغنر عن قلقه من البطء في عمليات الفرز الجارية للتخلص من الطيور المريضة تمهيدا لاحتواء فيروس (اتش1 واتش5) في الاقليم المتضرر.
وأشار فاغنر الى أن تقديم التعويضات إلى مربي الطيورالواجب إعدامها يعد عاملا حاسما في هذا السياق حتى لا يترددوا في التقيد بإجراءات الطوارئ المقترحة لردع المرض الذي تفشى في 10 بلدان آسيوية حتى الآن».
وأكد خبيرالصحة الحيوانية بمنظمة الأغذية والزراعة (الفاو) هانس فاغنر ضرورة تقديم المساعدات المالية والمشورة الدولية للبلدان الفقيرة المتضررة من مرض انفلونزا الطيور.
ودعا فاغنر مربي الدواجن على صعيد القارة الآسيوية الى اعتماد اجراءات الطوارئ وتطبيقها من أجل القضاء على هذا المرض الذي تسبب فى وفاة بعض الاشخاص في تايلند وفيتنام ونفوق أو ذبح زهاء سبعة ملايين دجاجة في بانكوك وأكثر من 25 مليون طير في فيتنام وقرابة مليونين في كوريا الجنوبية و55 الفا في تايوان و35 الفا في اليابان.
وحذر خبيرالصحة الحيوانية بمنظمة (الفاو) من بقاء الفيروس المسبب للمرض في البلدان الأشد فقرا التي لا تمتلك الموارد الكافية لعمليات التصدي له، مشيرا إلى انتشاره في أندونيسيا وكمبوديا وباكستان أيضا.
وفي الهند قال مسئول زراعي هندي إن تجارالدجاج كانوا يتوقعون بيع المزيد منه خلال الإحتفالات بعيد الأضحى المبارك إلا ان انتشار مرض انفلونزا الدجاج في الدول القريبة من الهند وخصوصا باكستان حال دون ذلك.
ومن جانبه قدر السكرتيرالعام في اتحاد دواجن دلهي (اتش ار ازاد) الخسائراليومية لتجارالدجاج في نيودلهي بنحو مليون روبية هندية (أي ما يعادل نحو 22 الف دولاراميريكي) مشيرا الى انخفاض سعرالكيلوغرام من الدجاج الى نحو 35 روبية هندية.
وقال إنه لم يتم بيع كميات كبيرة من الدجاج خلال الآونة الأخيرة بسبب المخاوف من مرض انفلونزا الطيور مبينا أن الكثير من فنادق ومطاعم العاصمة أوقفت شراءه.
وفى الصين، يحقق المسئولون الصينيون حاليا في حالات اكتشفت في بعض المدن ومنها مدينة شنغهاي - اكبر المدن الصينية - وفي إقليمي انهوي وغوانغدونغ بعد أن تأكد أيضا أن حالات اصابة بالمرض قد رصدت في اقليمي هونان وهيبي في وسط البلاد.
وتقوم الصين - التي نفت أن يكون انفلونزا الطيور قد أصاب البشر - بحملات لاتلاف الدواجن على قدم وساق في الأقاليم المصابة.
وفي أندونيسيا، أمرت الرئيسة ميغاواتي سوكارنو بالتخلص الفوري من الدواجن المصابة بداء حمى الطيور بعد الإعلان عن وجود اصابة بالمرض جعلت البلاد في مصاف الدول المصابة.
كما قررت الحكومة الأندونيسية تزويد المزارعين المتضررين من تلك العملية بالدواجن من دون مقابل.
وعلى المستوى العربي، تبذل كل الحكومات الجهود لمنع دخول هذا المرض، ففي مصر يؤكد وزير الصحة محمد عوض تاج الدين أن الحكومة اتخذت عدة اجراءات وقائية للحيلولة دون قدوم أي أمراض معدية الى مصر وخصوصا مرض الالتهاب الرئوي الحاد المعروف اختصارا باسم (سارس) وانفلونزا الطيورالمنتشرة فى دول جنوب شرق آسيا.
وذكر وزيرالصحة أنه لم يتم تسجيل أية حال اصابة بمرض انفلونزا الطيور أو مرض الالتهاب الرئوي الحاد المعروف اختصارا باسم «سارس» في مصر نتيجة للاجراءات الصحية الصارمة التي يتم تطبيقها فى المطارات والموانئ، مشيرا الى عدم امكان انتقال عدوى الاصابة بمرض انفلونزا الطيور من الإنسان إلى الإنسان.
وأكد تاج الدين أنه تم تنفيذ ما تطالب به منظمة الصحة العالمية بشأن اتخاذ التدابير الوقائية اللازمة للحد من خطورة هذا المرض، مشيرا إلى أن المنظمة تسعى حاليا بالتعاون مع الشركات العالمية لانتاج الأدوية إلى تطوير مصل للوقاية ضد انفلونزا الطيور.
ومن بين النقاط المشتركة بين الدول الآسيوية العشر التي يتأثر بها المرض قربها من الممرات الجوية التي تسلكها ملايين الطيور المهاجرة في رحلتها السنوية بين الشمال والجنوب.
وقال عدد من العلماء إن الطيور المهاجرة يمكن أن تدخل الفيروس عن طريق الروث أو عندما تحط على مراحل في طريق رحلتها، وهو ما أثار غضب المدافعين عن البيئة الذين يؤكدون أن الطيور البرية لا تختلط مع الطيورالداجنة.
ولكن عالم البيولوجيا في جامعة هونغ كونغ (هونغ كونغ سيتي يونيفرسيتي) ديسموند اوتول يرى أن القرب ليس بالضرورة سبب انتقال المرض لأن الفيروس يمكن أن ينتشر في الجو وعن مسافة بعيدة.
وتبذل الدول الآسيوية - التي ظهر فيها مرض انفلونزا الطيور - كل الجهود لمواجهته، فقد وافقت تايلند على صفقة تعويضات تبلغ قيمتها 76 مليون دولار للمزارعين الذين تأثروا بالأزمة.
كما اتفق وزراء من عشر دول آسيوية تضررت من أزمة انفلونزا الطيور على العمل معا لاستئصال المرض فى مؤتمر عقد يوم (الأربعاء) الماضي في بانكوك، وتعهدوا بزيادة عملية مراقبة انتشار الفيروس وإنتاج عقاقير ولقاحات منخفضة الثمن.
وتعهدت الوفود المشاركة في اجتماع بانكوك بتشكيل شبكة إقليمية للطب البيطري لدراسة الأمراض التي تصيب الحيوانات بالإضافة إلى التعاون معا لإنتاج عقاقير ولقاحات.
وكان رئيس وزراء تايلند تاكسين شيناواترا قال في افتتاحه للمؤتمر إنه يتعين على الدول المتضررة أن تكافح عدوا «ليس أقل خطورة من سارس» في إشارة لفيروس الالتهاب الرئوي اللانمطي الذي قتل أكثر من 800 شخص العام الماضي.
وحث مسئولون من منظمة الصحة العالمية كانوا قد حضروا المحادثات مع مسئولين أوروبيين وأميركيين الدول المتضررة على أن تتعامل بصراحة مع المخاطر التي تواجهها شعوبها.
وقال المتحدث باسم منظمة الأغذية والزراعة الدولية ديدريك دي فيشاور إن المنظمة تحاول صوغ ثلاث استراتيجيات أساسية وهي ذبح جميع الطيور المصابة بالفيروس فورا وتحديث مزارع الدواجن وإجراء دراسات عن كيفية رصد الفيروس في وقت مبكر. وقد نشرت مجلة لانست الطبية تحذيرا يفيد بأنه في حال انتشار المرض بين البشر فإن المصل قد يصبح غير ذي جدوى وكلما طالت فترة نشاط الفيروس ازدادت فرص انتقاله للبشر عن طريق ملامسة الطيور
العدد 515 - الإثنين 02 فبراير 2004م الموافق 10 ذي الحجة 1424هـ