أعدت المؤسسة العربية لضمان الاستثمار وائتمان الصادرات في النشرة الفصلية الرابعة للعام 2009 الصادرة عن المؤسسة، تقريرا إحصائيا عن دول المجلس بمناسبة انعقاد الدورة الـ 30 لقمة المجلس الأعلى لمجلس التعاون الخليجي لدول الخليج العربية في دولة الكويت خلال الفترة بين 14 و 15 ديسمبر/ كانون الأول 2009، يتناول أبرز تطورات مؤشرات الأداء الاقتصادي والمالي والتنموي لدول المجلس في الآونة الأخيرة.
وتشير الأرقام والإحصاءات المستقاة من مصادر دولية مختلفة أبرزها، صندوق النقد والبنك الدوليين، مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية «الأنكتاد»، منظمة الأقطار العربية المصدرة للنفط (أوابك) ومنظمة الأقطار المصدرة للنفط (أوبك)، إلى أن حجم التجارة الخارجية (الصادرات والواردات) في دول مجلس التعاون الخليجي ارتفع بمعدل نمو بلغ 36 في المئة لتصل إلى 1334 مليار دولار لتتجاوز بذلك حد التريليون للمرة الأولى وبحصة بلغت 6.8 في المئة من إجمالي التجارة العالمية، كمحصلة لارتفاع حصيلة الصادرات من السلع والخدمات إلى 820.5 مليار دولار بمعدل نمو بلغ 38 في المئة وبحصة بلغت 4.2 في المئة من الإجمالي العالمي البالغ نحو 20 تريليون دولار، وكذلك ارتفاع المدفوعات عن الواردات من السلع والخدمات إلى نحو 514 مليار دولار بمعدل نمو بلغ 33 في المئة وبحصة بلغت 2.7 في المئة من الإجمالي العالمي البالغ 19.3 تريليون دولار.
وبالنظر إلى إحصاءات العام 2008، لاحظ التقرير أن اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي استطاعت مجتمعة تسجيل أداء مرضٍ للغاية على رغم تداعيات الأزمة المالية والاقتصادية العالمية بتحقيق معدل نمو حقيقي بلغ 6.4 في المئة بما يعكس صلابة نسبية تجاه الظروف الخارجية غير المواتية وبما يفوق معدل النمو الإقليمي الذي اقتصر على 4 في المئة، ويزيد على ضعف النمو العالمي البالغ 3 في المئة. وقد اتجهت معظم مؤشرات القطاع الاقتصادي الحقيقي صعودا؛ إذ ارتفعت معدلات النمو في القطاعات الاقتصادية غير النفطية على حساب نظيرتها في القطاعات النفطية في معظم دول المجلس. وعلى ذلك، تجاوز الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الحالية لدول مجلس التعاون مجتمعة حد التريليون دولار بحصة بلغت 1.8 في المئة من الناتج العالمي البالغ نحو 61 تريليون دولار.
وارتفعت مستويات الدخل في دول المجلس؛ إذ تجاوز متوسط نصيب الفرد من الناتج المحلي الإسمي فيها ما يعادل 28 ألف دولار سنويا وبما يزيد على 3 أمثال متوسط دخل الفرد على مستوى العالم البالغ نحو 9 آلاف دولار سنويا، ساهم في ذلك، جزئيا اقتصار عدد السكان في دول المجلس على 38 مليون نسمة بنسبة 0.6 في المئة من إجمالي عدد السكان في العالم البالغ نحو 6 مليارات نسمة.
وتحقق أعلى فائض في الحساب الجاري لموازين مدفوعات دول المجلس؛ إذ بلغ 282 مليار دولار أو بنسبة 26 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي مقابل 200 مليار دولار أو 25 في المئة من الناتج العام 2007. هذا إلى جانب ارتفاع تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر الواردة إلى دول المجلس لتبلغ ما قيمته 63.4 مليار دولار بمعدل نمو بلغ 32 في المئة وبحصة 3.7 في المئة من الإجمالي العالمي لتدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة الواردة والبالغة نحو 1.7 تريليون دولار، مقابل مساهمتها بنحو 30 مليار دولار وبحصة تبلغ 1.6 في المئة من الإجمالي العالمي للاستثمارات الأجنبية المباشرة الصادرة والبالغة نحو 1.9 تريليون دولار.
وعلى صعيد الإنتاج العالمي للنفط، بلغ إنتاج دول المجلس للعام 2008 ما حجمه 16.3 مليون برميل يوميا بحصة تصل إلى 19 في المئة من إجمالي الإنتاج العالمي البالغ 86.2 مليون برميل يوميا، تصدر دول المجلس من هذا الإنتاج كمية تقدر بنحو 13 مليون برميل يوميا أي بحصة بلغت 21 في المئة من الإجمالي العالمي للصادرات النفطية البالغ 62 مليون برميل يوميا.
وعلى صعيد أوضاع المالية العامة، تظهر إحصاءات المالية العامة لدول المجلس حدوث تحسن ملحوظ في الفائض المجمع للموازنات العامة الحكومية كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي ليبلغ 27 في المئة العام 2008 مقابل 18 في المئة العام 2007، وذلك على رغم انتهاج سياسات مالية توسعية لتحفيز الاقتصادات الخليجية في ظل تداعيات الأزمة المالية والاقتصادية العالمية.
وفيما يتعلق بالآفاق المستقبلية، تشير توقعات صندوق النقد الدولي إلى تأثر طبيعي لاقتصادات دول المجلس بالأزمة الاقتصادية العالمية وهبوط مرجح في الناتج المحلي الإجمالي إلى 887 مليار دولار العام 2009 مع معاودة صعوده فوق حاجز التريليون دولار العام 2010، وبالتالي تراجع متوسط دخل الفرد إلى نحو 23 ألف دولار سنويا العام 2009 قبل أن يعاود الصعود إلى 26.2 ألف دولار سنويا بحلول 2010.
وترجح التوقعات أيضا تراجع فائض الموازنات العامة الإجمالي لدول المجلس إلى 5.3 في المئة كنسبة من الناتج العام 2009 ثم صعودها مرة أخرى إلى 10.4 في المئة العام 2010 بالتزامن مع تراجع عائدات النفط التي مازالت تمثل موردا مهما لدخل حكومات دول المجلس كنتيجة لانخفاض أسعار النفط العالمية وتراجع الإنتاج إلى 15.1 مليون برميل يوميا والصادرات إلى 11.9 مليون برميل يوميا العام 2009 قبل توقع صعودها مرة أخرى إلى 15.6 و12.3 مليون برميل يوميا على التوالي.
كما تأثر الأداء الخارجي لدول المجلس سلبا بالأزمة وتراجعت عائدات النفط خلال العام 2009؛ إذ انخفضت قيمة الصادرات من السلع والخدمات إلى 574.3 مليار دولار وكذلك واردات السلع والخدمات إلى 478.2 مليار دولار وبالتالي فائض الحساب الجاري إلى 56 مليار دولار فقط متزامنا مع ارتفاع الدين الإجمالي ولكن بشكل طفيف إلى 33.3 في المئة كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي ولكن مع توقعات بتحسن كل تلك المؤشرات بنسب متفاوتة خلال العام 2010.
في المقابل تشير الأرقام إلى عدد من الإيجابيات التي تحققت في اقتصادات دول المجلس خلال العام 2009 على رغم الأزمة ومنها تراجع معدلات التضخم بشكل كبير إلى 3.7 في المئة وارتفاع الاحتياطيات الدولية إلى 557.1 مليار دولار مع توقع استقرار أو ارتفاع تلك المؤشرات في 2010.
وفي ظل التحسن النسبي في المناخ المخيم على أسواق المال في دول المجلس وخاصة في أعقاب احتواء أزمات بعض الشركات العملاقة العاملة في المنطقة، مع تدني مستوى المديونية الحكومية الخارجية، وتواصل تراكم الاحتياطيات الدولية من العملات الأجنبية، حافظت دول المجلس على التصنيفات السيادية الائتمانية الممنوحة لها من كبريات وكالات التصنيف الدولية لتقف في مصاف التصنيف الممنوح لاقتصادات الدول الصناعية المتقدمة.
العدد 2701 - الأربعاء 27 يناير 2010م الموافق 12 صفر 1431هـ