العدد 2346 - الجمعة 06 فبراير 2009م الموافق 10 صفر 1430هـ

روسيا تخوض لعبة دهاء مع أميركا بشأن «قاعدة قرغيزستان»

بدأت روسيا لعبة سياسية تنطوي على مجازفة مع الرئيس الأميركي الجديد باراك أوباما عبر إجبار حليفتها قرغيزستان على إغلاق قاعدة عسكرية أميركية مع الاحتفاظ بالمبادرات الرامية إلى إقامة علاقات أفضل مع واشنطن.

وقاعدة ماناس الجوية قرب عاصمة هذه الدولة الواقعة في آسيا الوسطى مركز إمداد رئيسي للقوات الأميركية التي تقاتل في أفغانستان وهي الحملة التي حددها أوباما كأولوية أساسية.

وقال رئيس قرغيزستان كرمان بك باقييف وهو يقف إلى جوار الرئيس الروسي ديمتري مدفيديف في مؤتمر صحافي عقد بموسكو يوم الثلثاء إنه سيغلق القاعدة بعد الحصول على معونة مالية ضرورية للإنقاذ تتجاوز قيمتها ملياري دولار من روسيا. وجاءت هذه الخطوة المفاجئة وسط مبادرات مدفيديف لأوباما التي تهدف إلى رفع العلاقات الثنائية من الحضيض الذي وصلت إليه بعد الحرب الباردة إذ ضعفت منذ أيام الرئيس الأميركي السابق جورج بوش.

وقال اليكسي مالاشينكو من معهد كارنيجي للسلام: «ما كان المرء ليختار لحظة أسوأ لهذه الخطوة. وصرح مسئولون روس بأنهم تلقوا إشارات إيجابية من واشنطن بشأن نقاط خلاف أساسية - خطط الولايات المتحدة لنشر أجزاء من نظام دفاعها الصاروخي في شرق أوروبا وقضية عضوية كل من أوكرانيا وجورجيا الجمهوريتين السوفياتيتين السابقتين في حلف شمال الأطلسي. لكن الضغط الروسي على قرغيزستان لإغلاق قاعدة ماناس يبدو غريبا إذ يرى محللون أن جهود حلف الأطلسي لهزيمة «طالبان» هي أحد المجالات القليلة التي تلتقي فيها مصالح واشنطن مع مصالح موسكو إلى حد كبير. فروسيا التي تخشى احتمال تدفق التطرف الإسلامي من أفغانستان إلى آسيا الوسطى المجاورة تؤيد الحملة التي تقودها الولايات المتحدة في أفغانستان منذ بدئها العام 2001.

وقد أشارت إلى أنها يمكن أن تسمح بمرور الإمدادات غير العسكرية لقوات حلف شمال الأطلسي في أفغانستان عبر أراضيها وهي ملتزمة بالاقتراح على رغم تجميد علاقاتها مع الحلف بعد الحرب التي خاضتها في أغسطس/ آب ضد جورجيا. ومن المنتظر أن يلتقي مدفيديف مع أوباما في أبريل/ نيسان على هامش مؤتمر لندن الذي يشارك فيه 20 اقتصاديا بارزا.

ويجتمع وزراء دفاع وخارجية الجانبين قبل هذا ومن المتوقع أن تكون أفغانستان بندا مهما على جدول الأعمال. وقال مالاشينكو «من المستبعد أن يؤثر الرحيل من ماناس على خطط أوباما في أفغانستان لكنه قد يسبب مشاكل في المحادثات مع روسيا.

إذا كانت هذه مسألة مبدأ بالنسبة لروسيا فهذه سياسة حمقاء. غير أن محللين آخرين يعتقدون أن روسيا ربما تتبع استراتيجية أكثر عمقا».

وسارع مدفيديف إلى القول إن روسيا وقرغيزستان ستواصلان التعاون مع واشنطن بشأن أفغانستان. وأضاف لا أحد يحاول التهرب من المسئولية لكن يجب الاتفاق على أشكال التعاون مع الشركاء».

لكن موسكو في حين تدعم الحملة التي تقودها الولايات المتحدة أصبحت قلقة في الآونة الأخيرة من أن إدارة الغرب للعملية لم تسهم إلا في زيادة انعدام الاستقرار بأفغانستان. وأشار مدفيديف إلى أنه يجب أن يكون لروسيا والصين وحلفائهما بآسيا الوسطى رأي أقوى في الجهود الدولية لتحقيق السلام في أفغانستان. وأيدت روسيا فكرة عقد قمة عن أفغانستان في إطار منظمة شنغهاي للتعاون التي تضم الصين والجمهوريات السوفياتية الأربع السابقة بآسيا الوسطى وقرغيزستان واحدة منها. ويقول المحلل المستقل اركادي دابنوف إن من الممكن تفسير قرار إغلاق قاعدة ماناس على أنه عرض من موسكو على أوباما لمراجعة القواعد الإقليمية للعبة. وأضاف: «لدي شعور بأن روسيا تريد عرض شكل جديد للتعاون تتحدث فيه روسيا بالنيابة عن المنطقة في الاتصالات مع الولايات المتحدة... يمكن أن تتم المساومة على هذا الأساس. وتعتبر روسيا أن آسيا الوسطى جزء من منطقة نفوذها التقليدي ويساورها القلق بشأن الوجود المتنامي للغرب هناك».

ويحرص الزعماء الإقليميون - الذين يعدهم الدبلوماسيون الغربيون الذين يتوافدون على المنطقة بعلاقات سياسية وتجارية وثيقة - بشكل متزايد على إنهاء اعتمادهم على موسكو. وتتخذ روسيا خطوات لتعزيز سيطرتها على المنطقة التي توجد بها عقود مربحة للطاقة فضلا عن تحسين التعاون العسكري والأمني.

وقال مالاشينكو: «عرض المساعدات على قرغيزستان اليائسة مقابل ماناس فرصة مثالية لموسكو لبسط سيطرة كاملة على البلاد. وكان رد الفعل الأولي للولايات المتحدة على قرار قرغيزستان خافت».

وقال الجيش الأميركي إنه يواصل المحادثات مع حكومة قرغيزستان بشأن مبلغ التعويض عن استخدام القاعدة مما يترك مساحة للحلول الوسط. وتغازل واشنطن الآن قوة أخرى بآسيا الوسطى هي أوزبكستان حتى تتيح لها استخدام قاعدة كارشي الجوية مجددا وهي منشأة أكثر قوة ترجع إلى الحقبة السوفياتية وكانت تستخدمها في بداية الحملة الأفغانية.

ومن الممكن أن يكون في هذا تعويض يجعل فقد قاعدة ماناس أقل ضررا. ويقول محللون إقليميون إن الرئيس الأوزبكي إسلام كريموف الذي طرد الجيش الأميركي من قاعدة كارشي بعد تنديد الغرب بالحملة الدموية التي شنها ضد المعارضة في العام 2005 ربما يعيد النظر الآن في قراره. وقال دابنوف «بموجب شروط تأجير القاعدة ما زال هناك ستة أشهر على انتهائه...هذا وقت للمساومة».

العدد 2346 - الجمعة 06 فبراير 2009م الموافق 10 صفر 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً