العدد 512 - الجمعة 30 يناير 2004م الموافق 07 ذي الحجة 1424هـ

وكيل الإعلام والهيئة المستقلة للسياحة وكلمة حق لابد منها

لاشك في أن صناعة السياحة في العالم تحتل اليوم مكانة مهمة وتلعب دورا محوريا في اقتصادات الدول حتى المتقدمة منها، كونها من أهم حلقات قطاع الخدمات التي تخلق فرصا للعمل وتدر مداخيل وعملات أجنبية للدول. وبحسب إحصاءات منظمة السياحة العالمية للعام 2002 بلغت هذه الإيرادات 474 مليار دولار العام 2000 و462 مليار دولار العام 2001 ، أي ما يقارب 1,3 بليون دولار في اليوم الواحد. كما تعتبر هذه الصناعة من أهم الاسباب الجاذبة للاستثمار في مجال الخدمات، فالإحصاءات والتقارير الصادرة عن المنظمة المذكورة تشير الى تعاظم حجم صناعة السياحة في العالم، والى تزايد اهتمام الكثير من المنظمات الدولية والإقليمية بهذا القطاع من خلال لجان التنسيق في منظمة السياحة العالمية التي تقوم بدراسة تأثير المتغيرات والظروف الدولية على أوضاع السياحة وعلى الاقتصاد بشكل عام لتحديد الخيارات ووضع الحلول الملائمة وذلك بالتنسيق وتبادل المعلومات مع لجنة الإحصاء في هيئة الأمم المتحدة The United Nations Statistical Commission (UNSC) ومع منظمة التجارة العالمية (WTO) وصندوق النقد الدولي (IMF) ومنظمة العمل الدولية International Labour Organizationومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) ومنظمة (الآياتا IATA) وغيرها من المنظمات والهيئات الدولية المعنية بالتنمية الاقتصادية.

وانطلاقا من هذه الأهمية والدور الحيوي لهذا القطاع في التنمية الاقتصادية وتوفير فرص العمل نجد أنفسنا مطالبين بإعادة تقييمنا لأهمية هذا القطاع لاسيما مع التوقعات بنضوب النفط مستقبلا وانحسار العوائد المالية من الصناعة النفطية وعدم توافر مصادر أو موارد طبيعية بديلة، ما يجعل من السياحة صناعة المستقبل التي ستعول عليها أجيالنا القادمة. وعليه فاننا مطالبون اليوم بالتفكير الجدي في هذه الصناعة وبالاهتمام بالأمور التي يطرحها المهتمون والعاملون في هذا القطاع والمتعلقة بشكل خاص بطريقة إدارة القطاع السياحي والآلية التي تُسيَر بها الأمور في هذا القطاع. والموضوعية تفرض علينا الإقرار بأن ما تم ملامسته وطرحه من موضوعات صحيح في بعض جوانبه، فوضع القطاع ربما ليس بمستوى الطموح والأسباب والعوامل التي أدت إلى ذلك لا تخفى على أحد، ونذكر منها على سبيل المثال لا الحصر عدم اكتمال البنية التحتية السياحية القادرة على المنافسة في الوقت الراهن والتعقيدات والإجراءات والتضخيم للمشكلات وطريقة معالجتها، والتي تعود ربما لغياب الاهتمام الواجب تجاه هذا القطاع في الفترة السابقة نتيجة التركيز على الصناعة النفطية، إلى جانب معوقات اجتماعية وبيروقراطية وغياب أي دور للقطاع الخاص في وضع الاستراتيجية وصوغ القرار، وغياب قاعدةِ بياناتٍ تكون أساسا لاستراتيجيةٍ سياحيةٍ مبنيةٍ على المعطياتِ والإحصاءات الموثقة تساعد على إدراكِ الإمكاناتِ الضخمةِ والفوائد التي يجلبها قطاع السياحة للاقتصاد الوطني، وتخلق وعيا ومنظورا اجتماعيا جديدا للسياحة يساعد على تطوير هذا القطاع ويجعل من الشرائح المجتمعية المختلفة شركاء في عملية التنمية لا معوقة لها. وهذه وغيرها من العوامل والاسباب ساهمت في نشوء بعض المشكلات في هذا القطاع وذلك أمر طبيعي ودليل على الحيوية، فالخبرة والمعرفة والأخطاء والشوائب هي سمات رديفة للممارسة العملية والتجارب والاستفادة من تجارب الآخرين، ومن لا يعمل لا يخطئ.

وانطلاقا مما سبق يتوجب التنويه إلى أن عملية التطوير مستمرة، وأن فكرا وتوجها جديدا لدى الكثير من المسئولين بدأ بالتبلور، وأن الاهتمام بالقطاع السياحي وإدراك أهميته للاقتصاد الوطني والعمل على تطويره من الأمور التي يمكن ملاحظتها. ولا يمكن وسم جميع المسئولين بالسلبية، فهناك جوانب إيجابية قامت بها وزارة الإعلام ومن الإجحاف إنكار الدور الإيجابي والجهد الذي قام به الوزير ووكيل الوزارة في إعادة هيكلة إدارة السياحة ومحاولة ترتيب الكثير من الأمور. وهذا الكلام ليس مجاملة او تملقا لهما، فأنا لست من أصحاب الفنادق أو الاستثمارات ولكنني باحث قانوني في المجال السياحي، واهتمامي نابع من كون السياحة إحدى الصناعات المستقبلية التي سيكون لها دور في اقتصادنا الوطني.

وعودة إلى موضوع الآلية التي يُسيَر بها القطاع لابد هنا من التنويه بدور وكيل وزارة الإعلام في وضع الكثير من الأمور في نصابها الصحيح بتطبيقه معادلة بسيطة تتلخص في الاستماع لمشكلات القطاع من أصحاب الشأن مباشرة واتباع سياسة الباب المفتوح فضلا عن تواضعه وسعة صدره، ما ساعده على تذليل الكثير من المعوقات التي واجهت القطاع ووضع الحلول للكثير من المشكلات بالسرعة المطلوبة منذ أيام الإدارة السابقة للسياحة. وهو ما دفع باعتقادي بعض العاملين في القطاع لعرض مشكلاتهم ومقترحاتهم عليه مباشرة حتى بعد تعيين الإدارة الجديدة التي لم تستطع تغيير وتطوير آليات عملها فتغيير الوجوه وبقاء النظام والآلية السابقة لم يؤد إلى تطوير وتحسين الأداء بل وفي أحيان كثيرة فاقم من حجم المشكلات لقلة الخبرة وعدم الاختصاص وعدم القدرة على اتخاذ القرار المناسب، وهذا ما يدفع المستثمر الذي يهمه عامل الوقت وتحبطه الإجراءات المعقدة والبطيئة التي تعوق تجسيد أفكاره وتسبب له الخسارة إلى اللجوء إلى المسئول القادر على اتخاذ القرار اختصارا للوقت.

وللأمانة فإن مقترح الهيئة المستقلة لإدارة قطاع السياحة هو أحد المقترحات التي طرحها وكيل الوزارة، أو على الأقل كانت تلك المرة الأولى التي استمع فيها شخصيا لهذا الطرح من رجل مسئول وأعترف بأن حماسه لهذه الفكرة قد فاجأني حينها، فكل ما كان يرجوه المستثمرون ويسعون إليه في تلك الفترة هو مناقشة ومراجعة بعض القرارات من قبل الإدارة واستشارتهم وليس المشاركة الفعلية في صنع القرار على رغم طموحهم المشروع لتحقيق ذلك. وعطفا على المقابلة الشخصية للوكيل ليس من الصعب استنتاج أنه كان يقوم بعملية استشفاف لآراء المعنيين بالقطاع مباشرة منهم ومن دون حواجز ليكون قادرا على اتخاذ القرار ومقتنعا به. وأخيرا فإن منطق الأمور يقول إن المعنيين في القطاع وإلى حين قيام هيئة مستقلة للسياحة لا تهمهم مسألة الصلاحيات أن كانت في يد هذا المسئول أو ذاك، بل قدرة الشخص على اتخاذ القرار المناسب والشجاع الذي يخدم مصلحة القطاع بغض النظر عن المسميات الوظيفية.

البحرين - أنور الحايكي

العدد 512 - الجمعة 30 يناير 2004م الموافق 07 ذي الحجة 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً