يتحتم الآن على الرئيس جاك شيراك أن ينظـر مليا وبشكل واضح مع من يتحالف في ارضائه السيئ لشعور معاداة المسلمين في فرنسا. والمحاولة الأخيرة لقتل أول حاكم اقليمي مسلم في البلاد، (عيسى درموشي)، بتفجير سيارته تعكس قوة التمييز العنصري في فرنسا الحديثة، والذي يعززه شيراك بقراره منع الحجاب في المدارس.
وتساعد المظاهرات في الكثير من شوارع المدن الفرنسية في تأكيد أن حظر الحجاب سيكون له نتيجة عكسية. لقد انتقد وزير الداخلية الفرنسي نيكولاس ساركوزي المتظاهرين قائلا انهم ليسوا غالبية، وأشار إلى أنهم متطرفون يريدون الترويج للعنف. وقال «من خلال الحوار فقط، وعن طريق التسوية والاحترام المتبادل يستطيع كل إنسان أن يجد مكانه في الجمهورية».
والسؤال: أين كان الحوار بالضبط عندما أوصت لجنة الرئيس الاستشارية لغير المسلمين بمنع غطاء الرأس؟ أين كانت التسوية عندما وافق الرئيس على التوصية متحديا اعتراضات المسلمين المعتدلين واليهود - إذ اعترف الأخيرون بالتهديد المحتمل لرموز الهوية الدينية؟ وأين هو الاحترام المتبادل عندما يطبق الحظر فقط على أي شكل من أغطية الرأس الإسلامية دون صور الصليب والطاقيات اليهودية؟
إن مظاهرات الاسبوع الماضي تظهر - على رغم صغرها - كيف أن الحظر سيسيّس الأقلية المسلمة أكثر ويقلّل من فرص اندماجها. ويجب أن يفهم كثير من الشعب الفرنسي الذين يعتقدون أن قضية الحجاب هي إحدى المبادئ التحررية، يعني ذلك الابقاء على الطبيعة العلمانية لنظام التعليم الرسمي، كيف أن قرار الحجاب يعامل المسلمين بشكل مختلف - عمليا - عن اليهود أو الروم الكاثوليك.
وإذا ساعدت محاولة اغتيال درموشي في رسم الخطوط بين الكراهية العرقية والتمييز العنصري المجنون، فإنه ربما تأتي منها فائدة واحدة. إذ إن أفضل طريق للحكومة الفرنسية والغالبية الساحقة من الشعب الفرنسي لاظهار اشمئزازهما من الارهاب المعادي للمسلمين سيكون معاملتهما للمواطنين الفرنسيين من غير البيض باحترام متبادل في المدارس وفي أي مكان آخر
العدد 504 - الخميس 22 يناير 2004م الموافق 29 ذي القعدة 1424هـ