نزل أخيرا إلى الأسواق المغربية مؤلف يتحدث عن فترة مهمة من تاريخ المملكة المغربية تتمثل في عقدي الأربعينات والخمسينات من القرن الماضي.
ولأهمية الكتاب الذي ألفه الطبيب الفرنسي الراحل «هنري ديبوا ركوبير» وحمل عنوان «محمد الخامس والحسن الثاني... كما عرفتهما»، نظمت أخيرا في العاصمة المغربية الرباط ندوة لتحليل ما جاء فيه.
وأبرز المشاركون في اللقاء أن الطبيب الراحل الذي كان يقيم في الرباط منذ العام 1932 وتولى الإشراف على علاج السلطان محمد الخامس بدءا من العام 1937 قدم في مؤلفه كنزا من المعلومات عن مرحلة تاريخية كاملة تتمثل في مرحلة الحماية الفرنسية للمغرب وفترة مخاض الاستقلال خلال حقبة تاريخية حاسمة لما بعد الحرب العالمية الثانية وبالضبط بين عامي 1945 و1955 بالإضافة إلى معلومات عن السنوات الأولى من حكم محمد الخامس.
في مداخلتها قالت أستاذة مادة التاريخ بالمعهد الجامعي للبحث العلمي بالرباط أمينة عاشوار إن هذا الكتاب يقدم أيضا عددا من الأجوبة عن نقاط محددة وخصوصا حوادث 1937 والأزمة التي شهدتها العلاقات المغربية الفرنسية بين عامي 1953 و1955 عندما أقدمت قوات الحماية على نفي العائلة الملكية المغربية بعد تنصيبها لمحمد بن عرفة سلطانا على المملكة الشريفة - تسمية المغرب آنذاك باعتبارها محطات حاسمة في الكفاح الذي خاضته الحركة الوطنية المغربية - وأضافت أن الكتاب يعد شهادة عن فترة من فترات منفى الأسرة الملكية أيضا كما أنه يسلط الضوء على العلاقات التي كانت تربط بين السلطان محمد الخامس وشبكات الوطنيين المغاربة.
ويكشف الكتاب كذلك عن معطيات الصراع الذي كان قائما بين القصر الملكي في الرباط والإقامة العامة الفرنسية وعن ظروف عيش الأسرة الملكية خلال فترة المنفى في كل من جزيرة كورسيكا بالبحر الأبيض المتوسط ثم جزيرة مدغشقر بجنوب المحيط الهندي.
من جهته أبرز رئيس شعبة التاريخ في المعهد نفسه مبارك زكي أن كتاب «محمد الخامس والحسن الثاني.. كما عرفتهما» يشكل «شهادة واقعية» كانت على شكل مذكرات ونقاط متفرقة، وهو يقدم توضيحات عن مرحلة مهمة من تاريخ المغرب بدءا من اعتلاء السلطان محمد الخامس عرش المغرب العام 1927، مضيفا أن الكاتب قدم معطيات مهمة عن تطور العلاقات المغربية الفرنسية فضلا عن أنه كان شاهدا على أولى المظاهرات التي شنتها الحركة الوطنية.
وفي مداخلته قال برونو ديبوا روكبير وهو ابن المؤلف إن نشر هذا الكتاب يأتي بعد مرور32 سنة على وفاة مؤلفه وبعد أن قرر أحفاد هينري ديبوا روكبير نشره في العام 1999 بمناسبة حدث «سنة المغرب في فرنسا».
وأضاف ان «تأجيل إصدار الكتاب جاء على اثر رحيل العاهل المغربي الملك الحسن الثاني في يونيو/ حزيران 1998 بعد شهرين على موافقته على نشره».
ويشتمل كتاب «محمد الخامس والحسن الثاني.. كما عرفتهما» الصادر عن دار طارق للنشر بالرباط والمكون من 234 صفحة على عدد مهم من الوثائق والتوقيعات والصور والأسماء والحوادث التاريخية المهمة كما أنه غني بالرسائل والوثائق التي وجدت لها طريقا للنشر لأول مرة بعد كل هذه العقود.
يذكر أن السلطان سيدي محمد بن يوسف الملك محمد الخامس لاحقا حكم المملكة المغربية، أو الإيالة الشريفة كما كانت تسمى، في الفترة ما بين العام 1927 و26 فبراير من العام 1961، وفي عهده تمكن المغرب من استرجاع سيادته التي كان يتقاسمها مع كل من فرنسا وإسبانيا منذ توقيع السلطان مولاي عبد الحفيظ بن الحسن لمعاهدة الحماية في شهر مارس/ آذار من العام 1912 التي أنهت الاستقلال المغربي الذي امتد منذ قبل سقوط الدولة الأموية في دمشق، وتأسيس دولة الأدارسة العربية في فاس العام 177 للهجرة
العدد 504 - الخميس 22 يناير 2004م الموافق 29 ذي القعدة 1424هـ