العدد 530 - الثلثاء 17 فبراير 2004م الموافق 25 ذي الحجة 1424هـ

دفاعا عن النخلة البحرينية

ذات يوم من شهر نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي تلقينا مكالمة هاتفية تنبض حبا وغضبا، توجهنا على إثرها إلى المحفورة في ذاكرة البحرين عذوبة وعطاء. إلى ما ذكرت البحرين وتذكر... إلى عذاري لنشهد نهاية حزينة لنخيل معمرة وخضرة بهية ومن هناك انطلقنا لنصرخ ونستصرخ دفاعا عن النخلة البحرينية.

بدأنا بموضوعات متفرقة في الصحف وحوارات كثيرة نشرح معها وجهة نظرنا حتى كان يوم الجمعة الأخضر الموافق 12 ديسمبر/ كانون الأول 2003م ومسيرته السلمية «دفاعا عن النخلة البحرينية». والتي أطلقت دفاعا عن قضيتين اساسيتين: الأولى: ضرورة احترام القوانين والتشريعات البيئية ووقف مباركة عمليات التحايل عليها، والثانية: أهمية وجود حزام زراعي أخضر كحائط صد طبيعي للبحرين ضد تلوث الهواء وكمتنسم لأهل هذا البلد الطيب الذي يجري وبسرعة كبيرة نحو التنمية الصناعية والسياحية بصورة تبعث على القلق وتحتم ايجاد استراتيجية واضحة وقوية لحماية البيئة والحفاظ على الموارد الطبيعية وفق مبادئ التنمية المستدامة.

الحقيقة أننا نعيش واقعا مائيا حرجا، فمنسوب المياه الجوفية في تراجع مستمر، بالاضافة إلى غزو الملوحة هذا ما خلصت له ندوة جمعية أصدقاء البيئة «واقع المياه الجوفية في البحرين» التي استضافت عضو المجلس الاستشاري بالجمعية وليد زباري في 2001.

تراجع المياه الجوفية وتقلص المساحة الخضراء يلقي بظلاله على البيئة لتترتب عليه نتائج منها أن كائنات أصيلة في البحرين باتت مهددة بالانقراض بل إن بعضها انقرض فعلا قبل أن تتم دراسته وتصنيفه علميا نتيجة لتدهور بل وانقراض بيئاتها على غرار سلاحف وضفادع المياه العذبة وسرطان الشبح الجميل الذي تذكره حتما شواطئ الحد والبديع، هذا ما خلصت له ندوة «البيئات المائية في البحرين» والتي استضافت عضو المجلس الاستشاري بالجمعية هاشم السيد في 2002.

لكننا ندرك في الوقت ذاته أن تقنية معالجة مياه الصرف الصحي وفرت للزراعة مصدرا جديدا للمياه لا يشكل ضغطا اضافيا على المياه الجوفية، وهيأت للتربة فرصة لخفض نسبة تملحها لتنتعش بالحياة من جديد.

لذلك وفي يوم الجمعة الأخضر ومع احتفالاتنا باليوم. الوطني المجيد سجلنا موقفنا في الدفاع عن النخلة البحرينية، أطفال المدارس ونواب الشعب ورموزه ومؤسسات المجتمع المدني وأهالي عذاري كانوا جزءا من المسيرة ونادوا بحماية الحزام الأخضر.

قانون حماية النخيل قرئ ووزع.

نواب الشعب واحدا تلو الآخر صوتوا لجدية وأهمية حماية الحزام الأخضر.

غرفة تجارة وصناعة البحرين كانت لها وجهة نظر أخرى ترى فيها أن الحزام الأخضر يعوق استثماراتها وكان ردنا واضحا: المكاسب والخسائر ليست صحيحة ما لم تحسب الربح البيئي والخسارة البيئية. أرباح آنية لأفراد لا تبرر التسبب في خسائر للمجموع والاضرار بمصير الأمة بحاضرها وأجيالها القادمة.

نحن ندافع عن الشجرة فهي المصدر الرئيسي للأكسجين الذي لا حياة من دونه وهي المأوى للكثير من الكائنات المجهرية وذات المظهر الجذاب على حد سواء وجذورها هي التي تحمي التربة الزراعية من التجريف وكلما زاد عدد الاشجار عملت كحائط صد طبيعي أمام التلوث والضوضاء عدا عن صد الرياح والفيضانات وغيرها من كوارث طبيعية. نعم نحن نحب الاشجار وندافع عنها ولذلك كانت مسيرة الجمعة الخضراء السلمية «دفاعا عن النخلة البحرينية» في عذاري.

لكننا ندرك وبجلاء أن الكائنات الدخيلة نباتا كانت أم حيوانا غالبا ما يكون أثرها سيئا على البيئة والحياة الفطرية إن لم يكن على المدى القريب فغالبا على المدى البعيد سبحانه جل من قائل: «إنا كل شيء خلقناه بقدر» (القمر - 49) «والأرض مددناها وألقينا فيها رواسي وأنبتنا فيها من كل شيء موزون وجعلنا لكم فيها معايش» (الحجر: 19 و20).

لذلك كان علينا توخي الحذر البالغ في التعامل مع الكائنات الدخيلة مهما بدت لطيفة وجميلة ومفيدة ولكي نعرف الناس بما تم رصده من آثار سلبية على البيئة تنظم جمعية أصدقاء البيئة بالتعاون مع جمعية مدينة حمد النسائية ندوة «ثنائية المياه والزراعة».

تجيب الندوة عن أسئلة مثل هل كل تشجير هو عمل جيد؟ هل هو استثمار اقتصادي جيد؟ هل كل غرس لأية شجرة يفيد البيئة؟ هل هناك أشجار يفضل زراعتها عند المنزل وأخرى لا تصلح لذلك؟ ما الأشجار الموجودة في البحرين حاليا؟ هل هي أصلية أم دخيلة؟ ما واقع المياه في البحرين؟ كيف وصلنا إلى هذا الواقع؟ ما الذي ينتظرنا في المستقبل؟ ما موقع التشجير من المياه؟ هل الزراعة تعني بالحتمية استنزاف الموارد المائية الشحيحة؟

هذه الأسئلة وغيرها أجاب عنها ضيفا ندوة «ثنائية المياه والزراعة» عضو مجلس الاستشاري بجمعية أصدقاء البيئة عبدالحميد عبدالغفار ونيلوفر جهرمي.

رئيسة جمعية أصدقاء البيئة

العدد 530 - الثلثاء 17 فبراير 2004م الموافق 25 ذي الحجة 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً