العدد 2352 - الخميس 12 فبراير 2009م الموافق 16 صفر 1430هـ

دعوة إلى تأسيس قاعدة اقتصادية قوية في دول الخليج العربية

توقع استقرار النفط عند 70 دولارا للبرميل

دعا خبراء اقتصاديون في دول الخليج العربية إلى خلق قاعدة اقتصادية قوية والاستفادة من الثروة النفطية قبل نضوبها، وكذلك إصلاح المؤسسات والإدارات وعدم اللهاث وراء المشروعات العقارية الضخمة التي يتم تنفيذها الآن على قاعدة اقتصادية هشة تستنزف ثروات المستثمرين لصالح الشركات الأجنبية.

وجاءت هذه الدعوة في ظل هبوط أسعار النفط إلى مستوى بلغ أقل من 40 دولارا للبرميل الواحد بعد صعوده إلى مستوى قياسي بلغ نحو 147 دولارا قبل أن يهوي مرة ثانية بسبب أزمة الائتمان وانعدام الثقة بين المؤسسات المالية الدولية.

وأوضح الباحث الاقتصادي القطري علي خليفة الكواري، في ملتقى عن تأثير الأزمة المالية العالمية على دول الخليج العربية عقد في العاصمة البحرينية (المنامة) أمس، أن الاستهلاك العالمي من النفط لن ينخفض بنسبة كبيرة، وأن إنتاج دول منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) في 2009 لن يهبط بأقل من 1,4 في المئة مقارنة بالعام 2008 من أجل خلق توازن العرض والطلب في سوق النفط العالمية.

وبيَّن أن دول «أوبك» قادرة على إجراء التخفيض «من أجل استقرار أسعار النفط عند مستوى 70 دولارا للبرميل... مستوى 70 دولارا للبرميل بحسب تقديري سيعود حالما يتراجع الانكماش، وربما تواصل الطفرة النفطية مسارها إلى مستوى أكثر من 90 دولارا عندما يبدأ انتعاش الاقتصاد العالمي بعد 3 - 5 سنوات».

وأضاف أن «الطفرة النفطية الثالثة توقفت إلى حين بسبب الأزمة المالية العالمية وهي مستمرة وستحافظ على مستوى 70 دولارا للبرميل قريبا حالما يتعافى الاقتصاد العالمي، ويتآكل المخزون الاستراتيجي لدى الدول المستهلكة، الأمر الذي يوجب علينا أن نفكر من الآن في الاستفادة من الموارد النفطية الناضبة وألا ننشغل بأزمة سوء إدارة مصطنعة خلقها توجهنا الخاطئ إلى ضرورة استمرار أوجه الإنفاق العام».

وقد رأى الاقتصادي مشاري بن عبدالله النعيم، أن التأثير البالغ الذي تركته الطفرة النفطية على المدن في دول الخليج العربية هي في تبني الثقافة الاستهلاكية، وأن دول المنطقة تحتاج إلى أن تكون «مدنا ديمقراطية» لسكانها وليس مدن «من يحكمها»، عن طريق إصلاح المؤسسات والإدارات المحلية وربطها مباشرة بالسكان.

وأبلغ النعيم الملتقى أن «مدينة مثل أبوظبي بنيت 3 مرات تقريبا منذ السبعينيات، ودبي أصبحت (مدينة المغامرات) لكل المعماريين والمطورين، والشارقة تحولت إلى مشروع عقاري لا يستند إلى أي مبررات تنموية أو حضارية».

وأضاف أن «مدينة الدوحة التي كانت وادعة وبسيطة تحولت فجأة إلى مدينة عملاقة، فقد كان هناك حلم لدى مسئولي المدينة سمعته قبل 10 أعوام بأن تكون هناك (الدوحة الكبرى)».

وأوضح الاقتصادي الإماراتي، أن النمو الذي حدث في دبي بعد تفجر أزمة الائتمان العالمية وتراجع أسعار النفط إلى مستوى دون 40 دولارا للبرميل «كان نموا هشا وأن المدن المنتجة فقط هي التي تستطيع مقاومة الأزمات».

وبيَّن أن مدن الخليج تحتاج إلى أن تكون «مدنا ديمقراطية»، ويجب أن تكون مدن «كل من يسكنها» لا مدن «من يحكمها». وأضاف «وحتى تكون هذه المدن ديمقراطية يجب إصلاح مؤسسات المدينة وأسلوب إدارتها المحلية وربطها بشكل مباشر بالسكان».

ورسم «سيناريو» قاتما للمدن الحديثة التي تتم إقامتها في دول المنطقة في حالة انهيار القيمة العقارية للمشاريع العملاقة «وهي مؤهلة لذلك (الانهيار)، فقد تراجعت قيمة العقارات في دبي منذ بداية الأزمة من 20 إلى 30 في المئة»، مضيفا أن «الكارثة الكبرى هي عندما يغادر السكان الأجانب هذه المدن... وستتحول المدن في هذه الحالة إلى مدن أشباح».

الاقتصادي عبدالرزاق الفارس أفاد، من ناحيته، بأن دول الخليج العربية «لم تتعلم سوى القليل في ضبط المضاربات في أسواق الأسهم والعقارات التي تصاحب عادة الطفرات النفطية، وأن رؤية الخلل الذي أصاب القطاع العقاري والتدهور الحاد في أسواق الأسهم وعدد الضحايا من جراء انفجار هاتين الفقاعتين والفترة الزمنية، لمؤشر إلى مقدار الهدر الذي تتعرض له اقتصادات ومجتمعات الخليج».

وأضاف أن أحد التحديات التي تواجهها دول الخليج هو «تصميم استراتيجيات نفطية تبنى وفقها سياسات الإنتاج والتسعير بناء على المصالح الوطنية طويلة المدى وليس بناء على مقتضيات السوق».

كما بيَّن الاقتصادي السعودي ماجد المنيف، أن الأزمة المالية التي بدأت في الولايات المتحدة الأميركية في سبتمبر/ أيلول العام الماضي وامتدت بعد ذلك إلى بقية الدول، أدت إلى «خسائر في استثمارات دول الخليج بنحو 350 مليار دولار»، وبأكثر من حجم الفوائض النفطية الموجهة إلى الصناديق السيادية مع تفاوت تقديرات الخسائر بين الدول الست. الاقتصادي البحريني إبراهيم شريف طالب، ضمن أمور أخرى، إلى استحداث نظام ضرائب على الشركات وأصحاب الدخل فوق المتوسط، وكذلك خفض نفقات الدفاع والأمن ووقف «جميع أنواع الموازنات السرية والخاصة»، وإقرار الموازنة من قبل مجلس النواب بهدف التغلب على الأزمة المالية.

وأضاف أن الأراضي البحرية التي يتم دفنها سنويا لصالح متنفذين تبلغ قيمتها «نحو 500 مليون دينار، تضاف إليها مئات الملايين الأخرى قيمة الأراضي التي وُهبت ولم يتم ردمها بعد وكذلك الأراضي في المناطق البرية التي تم تحويل ملكيتها من الحكومة إلى الأفراد المتنفذين»

العدد 2352 - الخميس 12 فبراير 2009م الموافق 16 صفر 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً