أسماء عصفور - عضو في مجلس سنجل البلدي وناشطة في مجال قضايا المرأة، والمقال يُنشر بالتعاون مع «كومن غ
12 فبراير 2010
انتُخِبْتُ في مايو/ أيار 2005 كأول امرأة في مجلس سنجل البلدي في منطقة رام الله.
كان قد صدر قانون جديد يومها يضع حدا أدنى لتمثيل النساء في المجالس المحلية، وكان المفترض بهذا القانون أن تشارك المرأة في عمليات صنع القرار.
لذا، ورغم حقيقة أن الفكرة لم تكن مقبولة بعد على نطاق واسع في العديد من المجتمعات المحلية، وجدت النساء من خلفيات اقتصادية وثقافية متنوعة أنفسهن فجأة يشاركن في الحياة السياسية.
في العام 2005، لم تكن ست وعشرون امرأة مثلي يعرفن شيئا عن الحكم المحلي رغم حصولهن على شهادات علمية متقدمة. لم يخطر حتى ببالي أن أرشّح نفسي إلى أن أعلن أن قانون الكوتا الجديد انضمام اثنتين من النساء إلى المجلس البلدي الذي أنتمي إليه.
اذكر أنني حملت الحطة الفلسطينية ووضعتها حول عنقي وقلت ممازحة من حولي من زميلاتي في العمل: سأنزل مرشحة مقابل محمود عباس.
نظرت إليّ زميلاتي نظرة غريبة وكأني قد كسرت حاجزا كبيرا، وسألنني: هل ستترشحين للانتخابات البلدية؟
كان بودي أن أقول نعم لكن جرأتي خانتني.
رغم ذلك قررت التغلّب على مخاوفي لأنني كنت أعرف المجلس، الذي كان في معظم الحالات يضم أفرادا كبارا في السن، اختيروا بسبب علاقاتهم العائلية، ولم يعملوا على تحقيق مطالب المرأة واحتياجاتها.
نتج عن هذا الحوار مع زميلاتي أن كانت عباراتي هذه كافية لجعل فريق من الرجال يصلون بيتي ذلك المساء لطرح فكرة انضمامي للمجلس في قائمتهم التي كانت تحتوي على عدة أطياف مختلفة من الانتماءات الحزبية.
لحسن الحظ أنني لم أواجه أية معارضة من جانب أسرتي، ولكن الكثيرين ممن حولي تساءلوا حول ما إذا كان يجب أن أقبل تلك المخاطرة.
عرفْتُ أن دخول المرأة معترك الحياة السياسية ليس سهلا، فأساس اختيار المرأة كان انتماؤها السياسي، وليس قدرتها على خدمة مجتمعها.
لم تكن مشاركة المرأة في السياسة الرسمية إيجابية، وكان من النادر أن تجد امرأة تتقدّم لترشّح نفسها، وخاصة في المناطق الريفية. وقد اكتشفت أنه عندما ترشّح امرأة نفسها لمنصب عام، يتم تقييمها مرتين: الأولى كسياسية والثانية كامرأة.
لم يواجَه وجودي في المجلس بحماسة شديدة، حيث واجه الرجال صعوبة بقبول امرأة تبحث وتقترح بل وتناقش. واقترح البعض حتى أن وجود أنثى في الاجتماعات البلدية غير ضروري وأن الوثائق ذات العلاقة يمكن ببساطة إحضارها إلى المنزل.
ولكنني كنت أعمل جنبا إلى جنب مع الرجال في المجال الأكاديمي، وقررت، لماذا أمتنع عن العمل مع الرجال من مجتمعي المحلّي. كانت الاستراتيجية التي استخدمتها للتعامل مع هذه الصعوبات هي التغيير التدريجي.
حاولت أثناء وجودي في المجلس الانخراط في العديد من القضايا. رشّحت نفسي عضوة في اللجنة المالية للبلدية، وجادلت رئيس البلدية بشكل مستمر عندما لم يطلب حضوري الاجتماعات مع ممثلين من مجالس أخرى لبحث صفقة أو اتفاقية.
كنت على ثقة بقدرتي على المبادرة بمشاريع تحقق حدّا أدنى من الازدهار للنساء في منطقتي. إلا أن الظروف السياسية التي رافقت فوز حماس في العام 2006 نتج عنها سحب المانحين تمويلهم، وتم وضع مبادراتي على الرف.
بدأت الأمور تتغير بالطبع منذ إدخال نظام الكوتا. ولّد وجود المرأة في المجالس البلدية خلال السنوات الخمس الماضية شعورا في أوساط بعض النساء بأن بإمكانهن التقدّم والمشاركة في الحياة العامة.
سوف تكون للنساء الفائزات في الانتخابات المقبلة أثرا أعظم على الحياة السياسية. لقد أدرك الناس الذين اعتادوا أكثر على وجود المرأة في السياسة أن إغلاق عيونهم على قضايا النوع الاجتماعي ومشاركة المرأة يضرّان بالمصالح العامة.
لقد حان الوقت لأن نفهم أن مستقبل مجتمعنا يجب أن يُبنى بأيدي أعضائه كافة.
أفتخر كفلسطينية بليلى غنّام وجانيت ميخائيل، اللتين تحتلان مناصب رفيعة في مدينة رام الله. يمكن للتغيير الحقيقي أن يحصل بوجود رئيسة أنثى لفلسطين. وقتها يمكن لنا نحن الفلسطينيين أن نصل إلى التسوية الداخلية مع أنفسنا كبشر يؤمنون بالمساواة والديمقراطية.
من المنطقي أن مجتمعا فلسطينيا يتمتع بدرجة أعظم من المساواة الاجتماعية سوف يكون بموقف أفضل للوصول إلى حل مستدام مع «إسرائيل» وبناء دولة قويّة مستقلة.
لن يكون الطريق سهلا، ولكن بمشاركة المرأة الفلسطينية التي بدأت تنخرط في الحياة السياسية، نستطيع البدء بتصوّر أن مستقبلا كهذا هو أمر ممكن.
العدد 2717 - الجمعة 12 فبراير 2010م الموافق 28 صفر 1431هـ