قال أستاذ العلوم السياسية بقسم العلوم السياسية بجامعة الإمارات العربية المتحدة عبدالخالق عبدالله إن أزمات دول الخليج لا علاقة لها بالاستراتيجيات والخطط الأميركية والأجنبية بشكل عام، بل هي نابعة من ذاتها الداخلية بسبب الاختلاف في التوجهات والتيارات، فضلا عن سيطرة جو الغلاة والعصبية.
وأضاف عبدالله في مؤتمر صحافي عقد عصر أمس (الخميس) في فندق الكراون بلازا نظمه معهد البحرين للتنمية السياسية، أن «قادة الحكومات العربية والخليجية تحديدا يخشون من المعارضة والاصطدام بالرأي، وذلك من بعد تربعهم على كرسي السلطة عقب استقلالهم، وهو ما يدفعهم إلى التضييق وحصر تحركات المعارضة والتيارات المضادة في غالبية الأحيان».
وتابع عبدالله في إيضاحه لتفاوت النظريات والتطبيق الفعلي للسياسات وبرامج التنمية، أن «هناك رؤيتين لدى غالبية دول مجلس التعاون خلال الـ 25 عاما الماضية وإلى الآن حتى، الأولى هي جمود سياسات واستراتيجيات تلك الدول على نمط معين. أما الرؤية الثانية فهي التي لاتزال تتحدث عن وجود تطور وتنمية فعلية». مبينا أن «على أي حال من تلك الأحوال فإن القضية نسبية عند مقارنة الكويت والإمارات على سبيل المثال، فالوزن بطبيعة الحال ميال إلى صالح الإمارات من الناحية الاقتصادية، فلا شك أن الإمارات صعدت صعودا فلكيّا في الوقت الذي اكتفت فيه الكويت بتطوير الجانب السياسي على الجانب التنموي الاقتصادي».
وواصل عبدالله «من جهة أخرى، الكويت ركزت بالانفتاح السياسي والحقوق الصحافية والرقابة على المال العام وغيره، وهي لا تقاس بما عند الإمارات، وعند الحديث عن نظريات الحداثة نستطيع أن نقول إن الحداثة السياسية تخلق حداثة في الاقتصاد، وهو ما لم يحدث في الكويت، ما يعني أن هناك خللا إما في السياسة الكويتية أو في النظرية نفسها. فالنظرية تنص على أن التحديث السياسي سيحدِّث بدوره النظام الاقتصادي».
وبين عبدالله «يبدو أن هناك قرارا ضمنيّا لدى عدد من الدول الخليجية بتقليد نموذج الإمارات».
وأضاف «أعتقد أن العوامل متعددة بشأن تطوير وتحديث النظام السياسي والاقتصادي، فغياب القيادة والرؤية في الكويت مثلا على صعيد الحكم ضاعف من أزمات الكويتيين، فيمكن أن يكون هناك مجلس تشريعي قوي، بينما هناك خلل في المجلس التنفيذي»، موضحا أن الظروف ليست متضمنة في سبب واحد.
وعن غياب مراكز ومؤسسات البحوث والدراسات الحرة والمتطورة في دول الخليج العربي، قال عبدالله: إن «هناك ثلاثة عوامل (لغيابها)، أولا أنه لاشك عندما تتوافر الرغبة في وجود مراكز للبحوث والدراسات، فإنه لابد من توافر جو من الحرية والشفافية الفعلية، لأن الباحث يتناول قضايا وإشكاليات ربما تمس سياسات وتوجهات السلطة في الدول، في الوقت الذي تكون فيه معظم الدول الخليجية غائبة عنها الحرية».
وأردف «ثانيا، لا ننسى أن الكوادر والموارد البشرية المتوافرة لدى دول الخليج قليلة، في الوقت الذي تعاني فيه من الحركة الاجتماعية والاقتصادية السريعة التي شغلتنا بأمور كثيرة، إذ يحتاج البحث إلى تفرغ الأكاديميين. أما ثالثا، بحسب عبدالله، فإن مراكز البحوث العالمية لديها اهتمام بالمنطقة هذه أكثر من باقي المناطق، فبيوتات الخبرة والدور الاستشارية قادرة على أن تقدم بحوثا واستراتيجيات تلبي طلبات المؤسسات، ونحن في عصر العولمة ليست لدينا قدرة على إيجاد بحوث تخدم المجتمع كافة».
هذا وأكد عبدالله أن كل السلطات التشريعية في دول الخليج ضعيفة بجانب السلطات التنفيذية المتخلخلة في المجتمع، ومن هنا يأتي التدني في مستوى الحريات لدينا الذي جاء ضمن سياق تاريخي، موضحا أن حصول الدول الخليجية على استقلالها دفعها إلى المحافظة بقدر الإمكان على الاحتفاظ بالاستقلال، علما بأن الدول الحديثة لم تعط مجالا للمعارضة بأن تنمو لخوفها على استقلالها، وهذا لا يقتصر على دول الخليج فقط بل يشمل باقي دول المنطقة.
وفيما يتعلق بالعلاقات الخليجية الإيرانية، بيَّن عبدالله أن دول الخليج الست من أقرب الدول إلى إيران بعد العراق، وأن الذي نستخلصه من التجربة في التعامل مع إيران هو أنها جار صعب لنا، وهي صعبة التعامل من خلال التجربة التاريخية، إذ جزء من الصعوبة يعود إلى أن الحكم في إيران صعب، فضلا عن أن لديها طموحاتها ولديها أجندة تختلف عن سياستنا العربية».
وأوضح أن «عدم فهم الأنظمة العربية والأجنبية لإيران يعود إلى التداخلات في السلطة لديها، وأن الذي يزيد من صعوبة التعامل هو الهوس الإيراني بالمآمرات الخارجية عليها، علما بأننا نسعى إلى الاقتراب من إيران شبرا وهي تبتعد عنا مترا وذلك على رغم الاتصالات المستمرة معها»
العدد 2352 - الخميس 12 فبراير 2009م الموافق 16 صفر 1430هـ